أزمة اللاجئين في قمة بروكسل.. ترقب أوروبي وحيل تركية
بروكسل تشهد قمة أوربية - تركية للبحث في ملف اللاجئين والحيلولة دون تأثر الدول الأوربية من تداعيات أزمتهم.
مع تفاقم أزمة المهاجرين إلى أوروبا وتأزم أحوال آلاف العالقين على الجانب اليوناني من الحدود مع مقدونيا، ومع استمرار الكوارث الإنسانية وقصص الموت التي تعترض بين الفينة والأخرى طريق من يطلب الفرار من بلاده قاصدًا بحر إيجة للعبور إلى الجانب الأوروبي، تنعقد في بروكسل اليوم، قمة أوربية - تركية للبحث في ملف اللاجئين والحيلولة دون تأثر الدول الأوربية من تداعيات أزمتهم.
وتهدف قمة الاتحاد الأوربي وتركيا المسماة بـ"الدخول من الأبواب"، بحسب ما قاله المستشار النمساوي فينر فايمان، إلى تحسين التعاون مع أنقرة والعمل على إفشال عمليات تهريب المهاجرين، ودخولهم إلى الاتحاد بشكل قانوني على أساس الحصص بدلاً من الفوضى.
كما تبحث القمة آليات تنفيذ الاتفاق بين الجانبين، الذي يهدف إلى منع اللاجئين من السفر إلى اليونان، وتقديم 3 مليارات يورو لصالح مشاريع للاجئين في تركيا والمقدر عددهم بحوالي 2.5 مليون لاجئ، فضلاً عن تسهيل حصول الأتراك على تأشيرات للاتحاد الأوروبي وحرية حركتهم.
ويتوقع أن يمارس الاتحاد الأوروبي اليوم في قمته ضغوطًا على أنقرة لمساعدته في السيطرة على أزمة المهاجرين التي تهدد وجوده، مع توقعات بوصول 100 ألف منهم إلى اليونان بحلول نهاية مارس/آذار.
ويعوّل الجميع على قمة بروكسل هذه، سواء من ناحية اللاجئين أو من ناحية الدول الأوربية المضيفة، التي شهدت انقسامًا غير مسبوق أحدثه وصول 1.25 مليون طالب لجوء إلى أراضيها العام الماضي.
وتوحي بعض التصريحات التي ترى في أنقرة الشريك الوحيد للتعاون مع أوروبا لحل أزمة اللاجئين، بأن المشكلة اقتربت من نهايتها، لكن الأخبار القادمة من دول البلقان توحي بأن الحل مازال بعيدًا.
وبعد جولة في البلقان واليونان وتركيا، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، إنه "لمس توافقًا أوروبيًّا على استراتيجية شاملة يمكن أن تساعد، "إذا طبقت"، في الحد من تدفق المهاجرين.
الحل رهن التعاون التركي
وتأتي هذه القمة الطارئة، وهي الثانية في أقل من أربعة أشهر، في أجواء من الخلاف بين تركيا والاتحاد الاوروبي القلق أيضا من قمع وسائل الاعلام المعارضة للرئيس رجب طيب أردوغان.
وقبيل انعقاد القمة الأوربية التركية، أعرب زيغمار غابريل نائب المستشارة الألمانية عن اعتقاده بأنه لا بديل في أزمة اللاجئين عن التعاون مع تركيا.
وفي تصريحات للقناة الثانية بالتلفزيون الألماني (زد دي إف)، قال غابريل الذي يشغل كذلك منصب وزير الاقتصاد:" بطبيعة الحال نحن معتمدون على هذا التعاون".
وتابع زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا أنه بدون دعم تركيا على سبيل المثال في تأمين الحدود الأوروبية فإن أعداد اللاجئين الوافدين إلى ألمانيا وأوروبا "ستواصل الزيادة بصورة مأساوية".
في الوقت نفسه، اعترف غابريل بأن تركيا "شريك صعب، وهذا ما رأيناه مباشرة في الاستيلاء على صحيفة مناوئة للحكومة".
وفي السياق ذاته، قال رئيس الوزراء اليوناني، ألكسيس تسيبراس، "إذا تعاون الاتحاد الأوروبي مع تركيا، فإنه يمكن السيطرة على أزمة اللاجئين".
محاولة لتقريب وجهات النظر
وتمهيدًا للقمة المرتقبة اليوم بين تركيا وقادة الاتحاد الأوروبي لمناقشة هذه القضية والعلاقات المشتركة، صرحت مصادر دبلوماسية أن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أجرى أمس، محادثات بشأن أزمة اللاجئين مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ومارك روت رئيس الوزراء الهولندي رئيس الدورة الحالية للاتحاد.
وأجرى اللقاء في مقر ممثلية تركيا الدائمة لدى الاتحاد الأوروبي ببروكسل، وسعى المجتمعون إلى تقريب وجهات النظر المتباعدة بين تركيا والاتحاد بشأن كيفية معالجة مشكلة اللاجئين والهجرة غير النظامية.
وقبل مغادرته إسطنبول، أكد داود أوغلو في مؤتمر صحفي أن "تركيا تحمل هذا العبء على عاتقها على مدى 5 سنوات.. لكن منذ النصف الثاني من عام 2015 أصبح الأمر جزءًا من جدول أعمال الاتحاد الأوروبي، ونحن سعداء بما تبديه أوروبا من إحساس بالأزمة ورغبتها في العمل معًا".
شكوك حول تعاون تركيا
ويبقى إقناع أنقرة بتنفيذ الوعود التي قطعتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عبر تطبيق اتفاق إعادة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في تركيا اعتبارًا من الأول من يونيو/حزيران.
وقال رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، "يمكن خفض التدفق بعمليات إعادة واسعة وسريعة للمهاجرين غير الشرعيين.
وانتزعت انقرة مكسبًا كبيرًا لقاء تعاونها في أزمة الهجرة هذه، هو تعليق التأشيرات المفروضة على المواطنين الأتراك ربما اعتبارًا من الخريف، وتحريك عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلى جانب 3 مليارات يورو من المساعدات لللاجئين السوريين البالغ عددهم2.7 مليون في هذا البلد.
كما تعهدت تركيا بمراقبة حدودها البحرية بشكل أفضل ومكافحة المهربين، مقابل ثلاثة مليارات يورو من المساعدات لللاجئين السوريين البالغ عددهم2.7 مليون في هذا البلد.
لكن هذا الاتفاق لم يكن له سوى تأثير محدود، ولا تزال الدول الأوربية تطالب تركيا ببذل مزيد من الجهود وبسرعة، يضاف إلى ذلك الخطط الأخرى التي يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تطبيقها ومنها إقامة منطقة عازلة تضم المجاميع المسلحة المدعومة من تركيا.
وكان قد علق الرئيس التشيكي ميلوس زيمان، المعروف بتصريحاته الحادة "ليس ذلك سوى مال مهدور"، معتبرًا أن "تركيا ليست قادرة ولا مستعدة للقيام بأي شيء حيال المهاجرين".
وكشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية، في وقت سابق عن تقارير سرية، تؤكد استخدام تركيا للاجئين السوريين كورقة "مساومة" في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي وتعتبرهم بيادق في لعبة جيوسياسية، مشيرة إلى أن هذا الأمر لن يفضي إلى التوصل لحل قريب لأزمة اللاجئين المتفاقمة.
وتؤكد الصحيفة أن النظام التركي يبتكر طرق معقدة لاستغلال اللاجئين، مستشهدة بتهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإغراق أوروبا باللاجئين قائلاً: "لن يواجه الاتحاد الأوروبي مجرد جثة الصبي القتيل على شواطئ تركيا، وإنما سيكون هناك 10 أو 15 ألف جثة، فكيف ستتعامل أوروبا مع هذا الوضع؟".
إجراءات البلقان تقذف بالحل بعيدا
وأمام مطالب فتح الحدود لـ30 ألف مهاجر، يتكدسون على الحدود اليونانية المقدونية ويعانون أوضاعًا إنسانية بالغة الصعوبة، ترد السلطات الرسمية، حسبما أعلن مسئولون يونانيون، بفرض مزيد من القيود وتشديد للإجراءات.
كما ستنشر بلغاريا من جهتها أكثر من 400 شرطي عند الحدود مع اليونان، تحسبًا لاحتمال تصاعد حدة أزمة المهاجرين، وفقًا لما أعلنه رئيس الوزراء البلغاري، بويكو بوريسوف.
وتمثل تلك القيود الخطوة الأحدث ضمن سلسلة القيود التي تفرضها مقدونيا وباقي دول البلقان والنمسا.
وصرحت السلطات المقدونية بأنها ستسمح فقط للاجئين القادمين من المدن التي تندلع فيها حرب بعبور الحدود، مثل حلب السورية، ورفضت دخول القادمين من العاصمتين بغداد ودمشق.
وانتقد نائب المستشارة الألمانية التصرف المنفرد لدول البلقان في التعامل مع أزمة اللاجئين.
وفي تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية، قال غابريل، إن "البعض في ألمانيا فرح سرًّا أن دول البلقان عرقلت تدفق اللاجئين عن طريق إغلاق حدودها وقيامها بهذا العمل السيء نيابة عن ألمانيا".
وتابع زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا واصفًا مثل هذه الطريقة "بالساخرة" وأضاف أن هذا الأمر "لن يجدي على المدى الطويل، فاللاجئون يبحثون لأنفسهم عن طرق أخرى، وسيتحول البحر المتوسط مرة أخرى إلى قبر جماعي في النهاية".
وعلق رئيس الوزراء اليوناني، على إغلاق بعض دول البلقان حدودها أمام اللاجئين، أن "اتفاق بعض الدول هناك لاتخاذ قرار (بإغلاق الحدود)، يخالف جميع القواعد، ويعد عملًا ضد أوروبا، كما أنه لا يعد تصرفًا جيدًا".
aXA6IDMuMTMzLjE0NC4xNDcg جزيرة ام اند امز