مشروع المطبخ الإنتاجي في محافظة مادبا الأردنية، أحد مشاريع برنامج الأغذية العالمي، ويقدم وجبات لطلبة المدارس في المناطق الفقيرة.
ما أهمية وجبة الإفطار للأطفال في المرحلة الدراسية؟ وكيف يؤثر الغذاء المتوازن على تحصيلهم الدراسي وعلى تفاعلهم داخل الغرفة الصفية؟ وغيرها من الأسئلة حاولت دراسات عديدة الإجابة عليها، وكان أخرها دراسة أعدها معهد الأبحاث الطبي في تشيكيا، وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن الأطفال المجتهدين والمتجاوبين مع فهم الدروس والاختبارات المدرسية هم من متناولي الفطور بشكل اعتيادي، في حين أن الذين لا يتناولونه غير نشطين ويتغيبون كثيرًا، إضافة إلى الخمول الذي كان يظهر عليهم خاصة في الحصص الأخيرة من الدوام اليومي.
ومن هنا انطلق مشروع المطبخ الإنتاجي في محافظة مادبا الأردنية، وهو أحد مشاريع برنامج الأغذية العالمي، الذي يقوم على فكرة إعداد وجبات صحية لطلبة المدارس، في مناطق جيوب الفقر، وتوزيعها بإشراف المعلمين لتحسين صحة الطلاب وزيادة وعيهم بأهمية الغذاء المتوازن، وسوف تعمم التجربة تدريجيًّا خلال السنوات القادمة.
غذاء صحي
مسؤولة برنامج المدارس في الجمعية الملكية للتوعية الصحية، آلاء الشلة، توضح أن مشروع المطبخ الإنتاجي بدأ في الفصل الدراسي الثاني لعام (2015)، ويغطي (10) مدارس في محافظة مادبا، والتي تقع ضمن المناطق الأشد فقرًا في المحافظة، المشروع عمل على إفادة الموظفات وتشغليهم من ناحية، وتحسين من نوعية الغذاء الذي يتناوله الأطفال من ناحية أخرى.
وتضيف الشلة: "لقد نُفذ هذا المشروع بالتعاون مع الجمعية الملكية للتوعية الصحية ووزارة التربية والتعليم، ويستفيد منه قرابة (2400) طالب وطالبة، من الصف الأول إلى الصف السابع الأساسي، ويتم من خلاله توزيع وجبة إفطار على الطلبة، وتتكون من خضار وفواكه ومعجنات، بناء على دراسات صحية أجريت، لتضم الوجبة الواحدة البروتينات والفيتامينات والسعرات الحرارية المناسبة لعمر الطلاب".
تحسين ظروف (20) عائلة
المشرفة الإدراية للمشروع، ماجدة أبو قدورة، ترى أن المشروع لم يحسن صحة الأطفال فقط، بل له أبعاد مجتمعية كثيرة، من بينها تشغيله لعشرين موظفة وبالتالي تحسين ظروف (20) عائلة، وتفعيل المجتمع المحلي الذي استفاد من المشروع كثيرًا، وطور من شخصيات الموظفات وزاد من ثقتهم بأنفسهم ووعيهم لأمور الحياة والانخراط بالعمل، فالمشروع أخضعهم للكثير من الدورات، ليصبح لديهم إلمام بأهمية الغذاء المتوازن وتأثيره على الصحة، وهذا سينعكس بدوره على صحة أطفالهن وسيقوموا بتوعية الأمهات من حولهن".
تغير ملحوظ
مساعدة مديرة مدرسة المأمونية العربية الثانوية المختلطة، نوال الوحيدي، تقول: "إن هذا المشروع من أهم المشاريع التي عملت على تحسين صحة الطلاب، وقدرتهم على التركيز، فالوجبة التي يتناولها يتم توزيعها من قبل المعلمين ويتأكدوا أن الطلبة تناولوا محتوياتها المتوازنة، بدلًا من تناولهم كميات كبيرة من الحلويات والعصائر الغير طبيعية".
وتضيف الوحيدي: "ولم يقتصر المشروع على تحسين صحتهم، بل زاد من ثقافتهم الصحية من خلال محاضرات توعية تم عقدها من خلال الجمعية الملكية للتوعية الصحية تقوم على شرح أهمية النظافة الشخصية، ولاحظنا تغير ملحوظ بصحتهم وتحسن في تحصيلهم الدراسي".
الفرق شاسع
مدرسة العلوم في مدرسة المأمونية، عبير الرواحنة، تؤكد: "المعلم هو أول شخص يتفاعل مع الطفل صباحًا، وكمعلمين نلاحظ دومًا الفرق بين الطفل التي تحرص أمه أن يتناول وجبة الإفطار قبل أن يأتي للمدرسة، وبين الطفل الذي يأتي وهو لم يتناول أي طعام، في الحالة الأولى يكون الطفل نشيط ويفكر ويلاحظ، أما في الحالة الثانية فيكون الطفل مصابًا بحالة من الخمول الذهني، ولا يشعر بالنشاط إلا بعد تناوله الطعام في فترة الراحة".
برنامج الأغذية العالمي
مسؤولة العلاقات مع الدول المانحة والقطاع الخاص في برنامج الأغذية العالمي فاتن الهندي، أكدت أن مشروع المطبخ الإنتاجي هو مشروع انطلق لتحسين صحة الطلبة في المرحلة الأساسية في المدرسة، وتفعيل المجتمع المحلي الذي يحيطه.
وتوضح أن المشروع بالتعاون مع الجمعية العلمية الملكية ووزارة التربية والتعليم، وقد بدأ المشروع تجربته الرائدة في تصنيع المعجنات في أحد المطابخ الإنتاجية وتوزيعها على مدارس في منطقة مادبا، لافتة إلى أن التجربة سوف تعمم على باقي المناطق بالتدريج لإفادة المجتمع المحلي.
وجدير بالذكر، أن برنامج الأغذية العالمي قد بدأ برامجه في الأردن منذ عام (1964)، ومنذ ذلك الحين قام البرنامج بتنفيذ مجموعة واسعة من المشاريع الإنمائية المحلية من خلال إقامة شراكات وثيقة مع المؤسسات الوطنية والمجتمعات المحلية.