ضغوط شديدة على البنك المركزي المصري لتعويم الجنيه
الفارق بين سعر الدولار الرسمي والسوق السوداء يصل إلى 25%
الفارق بين سعر الدولار الرسمي الذي تتعامل به البنوك في مصر، وسعره في السوق السوداء بعد القفزات السريعة التي حققها مؤخرًا وصل إلى 25%.
تجاوز الفارق بين سعر الدولار الرسمي الذي تتعامل به البنوك في مصر، وسعره في السوق السوداء بعد القفزات السريعة التي حققها مؤخرًا نسبة الـ25%، حيث يستقر سعر الدولار البنكي 7.78 جنيه للشراء و7.83 جنيه للبيع في البنوك، فيما يصل سعره في السوق السوداء، مقابل الجنيه المصري إلى 9.87 قرش للبيع و9.91 قرش للشراء يوم أمس الثلاثاء.
وكان البنك المركزي المصري، طرح يوم الأحد الماضي، 500 مليون دولار في عطاء استثنائي للبنوك العاملة في السوق المحلية للحد من الارتفاع المستمر في سعر الدولار أمام الجنيه المصري.
"هل ضخ 500 مليون دولار بالبنوك سيساهم في انفراجة للأزمة؟" يجيب عن ذلك عمرو جمال الدين، الباحث بوزارة المالية المصرية، في تصريحات لبوابة "العين" الإخبارية: "هذا المبلغ كان يستطيع التأثير في الأزمة الحالية منذ شهر من خلال تأثيره على استقرار سوق الصرف والسوق السوداء، لكن الأزمة الحالية تضاعفت؛ لأن الطلب على الدولار لم يعد قاصرًا على احتياجات المستورديين لتمويل الاعتمادات المستندية لاسيراد السلع، بل صار مُرتبطًا بعومل أخرى فاقمت الأزمة".
يوضح "جمال" الذي عمل لفترة في صندوق النقد الدولي، أن الأمر في السابق كان قاصرًا على طلب المستوردين لتمويل اعتماداتهم، إلا أن حاليًّا أضيف إلى طلب المستوردين طلب المضاربين على خفض الجنيه ورفع الدولار بجانب المخاوف والتوقعات المستقبلية الضاغطة على طلب الدولار بين توقع لصعوده لمستوى 10 جنيهات، ثم تتجه التوقعات إلى وصوله إلى مستوى 11، وآخرون يطلقون شائعة أنه سيصل إلى 15 جنيهًا.
وتابع "جمال" أن من ضمن العوامل التي ساهمت في تعميق الأزمة فكرة تخزين الدولار بدافع الاحتياط؛ حيث فقد الجنيه صفته كمخزن للقيمة، وبالتالي لجأ آخرون للتخلي عن الجنيه المصري واستبداله بالدولار من أجل التحوط من انخفاض قيمة الجنيه والادخار بالدولار، موضحًا أن البنك المركزي قد يلجأ لقيود جديدة على السلع المستوردة وذلك لتخفيض فاتورة الاستيراد الذي يعد البند الأكبر للعملة الصعبة الخارجة من الاقتصاد.
من جانبه، قال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية في تصريحات لبوابة "العين" الإخبارية، إن المبلغ الذي طرحه البنك المركزي تزامن مع انتهاء المهلة التي منحها وزير التجارة والصناعة طارق قابيل للمستوردين، في 16 مارس الجاري، قبل أن يطبق عليهم القرار رقم "43" لسنة 2016، الذي يفرض معايير جديدة على نحو 50 سلعة مستوردة، ما دفع التجار للتهافت على شرائه بأي سعر، مما ساهم في رفعه من جديد.
وفيما يؤيد "محمد السويدي" رئيس اتحاد الصناعات لبوابة "العين" مطلب تعويم الجنيه كحل للأزمة الحالية،معتبرًا أن هذا الأمر سوف يسهم في مواجهة مشكلة العملة الأجنبية، التي تواجه قطاعًا من الصناعة، عند تلبية احتياجاتها من مستلزمات الإنتاج، يصف "شيحة" هذه السياسة بخراب بيوت.
وأضاف "السويدي" أن الرهان على ضبط السوق السوداء مسألة غير واقعية لاعتبارات تتمثل في أن الرقابة على الأسواق لم تنضج ولم تصل إلى الاحترافية السليمة لضبط الأسواق، بجانب أنه سينتج عن هذه السياسة توفير العملة للبنوك، والتيسير للشركات للحصول على احتياجاتها، مؤكدًا أن فارق السعر بين السعر الأصلي وسعر السوق السوداء يعوق المستثمريين لعدم إدراج فارق السعر في موازنات الشركات، وما يتبع ذلك من احتساب ضرائب إضافية عليها باعتبارها أرباحًا.
يُذكر أن تعويم الجنيه هو أن يترك تحديد سعر الصرف للسوق دون تدخل، وهو ما سينتج عنه ارتفاع كبير في سعر صرف الدولار في بادئ الأمر.
من جانبه، يستبعد محمود أبو العيون، محافظ البنك المركزي السابق، في تصريحات لبوابة "العين"، رضوخ البنك المركزي للضغوط لتعويم الجنيه، مؤكدًا أن البنك المركزي سيلجأ لأدوات أخرى للدفاع عن الجنيه وسد الفجوة الكبيرة بين السعر الرسمي والسعر الموازي، من أبرزها احتواء السوق الموازية بإجراءات تحد من عملية المضاربة.
ويؤكد أبو العيون أن هذه الوسائل التي قد يلجأ إليها المركزي غير خيار تعويم الجنيه تتمثل في رفع سعر الفائدة على الإقراض للبنوك أو سعر الفائدة على شهادات الجنيه من قِبَل البنوك الحكومية لجذب المودعين، لتحويل مدخراتهم من الدولار للجنيه وشراء الشهادات مرتفعة العائد بالجنيه، موضحًا أن الأداة الأخرى التي قد يلجأ إليها هي إصدار شهادات استثمار دولارية للمصرين بالخارج لزيادة الوارد للاقتصاد من الدولار.
aXA6IDEzLjU4LjYxLjE5NyA= جزيرة ام اند امز