3 رسائل من شيخ الأزهر في خطاب تاريخي بالبرلمان الألماني
وجهها لميركل وللمسلمين المغتربين والشعوب الأوربية
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وجه ثلاث رسائل فى خطاب تاريخي ألقاه اليوم فى البرلمان الألمانى
وجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ثلاث رسائل فى خطاب تاريخي ألقاه اليوم فى البرلمان الألمانى "البوندستاج".
أشاد الدكتور الطيب في رسالته الأولى، بالموقف الإنساني للمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، تجاه الفارين من جحيم الحروب وويلاتها فى الشرق وتنديدها بالإسلاموفوبيا حينما قالت إن الإسلام جزء من ألمانيا.
وقال الدكتور الطيب إن الأزهر يقدر موقف ميركل، مؤكدا أنه ليس لديه أى انتماء سياسى أو توجه حزبى ولا يتبنى أية أيديولوجية من أيديولوجيات اليمين أو اليسار، وأنما هو مسلم يسعي دائما فى البحث عن السلام وتمنيه لكل الناس مهما اختلفت أوطانهم وأجناسهم.
وخصص الإمام الأكبر رسالته الثانية لمسلمي أوروبا، قائلا "أنتم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطنى الأوروبى فحافظوا على تعاليم الإسلام وصورته السمحة".
وأضاف أن "عـلماء الأزهر يمكن المساعدة في مواجهة الأفكار المغلوطة التى تحرف الدين وتستغله فى الدعوة إلى الفتنة المدمرة والداعية للدمار والخراب".
وأشار الطيب في هذا الإطار، إلى أحد هذه الأفكار المغلوطة، ومنها طبيعة دور المرأة في الإسلام، وقال إن معاناة المرأة فى الشرق الاوسط يعود إلى البعد عن حقيقة الاسلام وحديثه عن المرأة ودورها فى المجتمع.
وأكد الإمام الأكبر أن المرأة فى شريعة الإسلام شريكة الرجل فى الحقوق والواجبات، وبتعبير نبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: «النساء شقائق الرِجال".
وتحدث الدكتور الطيب، عن أحد الأفكار الأخرى المغلوطة، ومنها أن الاسلام لا يؤمن بالتعددية.
وقال إن التعددية بين الناس واختلافهم طبيعة قررها القرآن الكريم ورتب عليها قانون العلاقة الدولية فى الإسلام، وهو "التعارف" الذى يستلزم بالضرورة مبدأ الحوار، مع من نتفق، ومن نختلف معه، وهو ما نحتاجه حاليا للخروج من أزماتنا الخانقة.
وانطلق الدكتور الطيب من استعراض هذه الأفكار المغلوطة، إلى توجيه رسالته الثالثة للشعوب الأوربية.
وقال: " قد يتهامس البعض معترضا على ما أقول أو متسائلا مستنكرا ما سمع ... ويقول إذا كان الإسلام والمسلمون بهذه الصورة الوردية المضيئة فكيف خرجت الحركات الدينية المسلحة من عباءة الإسلام والمسلمين مثل "داعِش" وأَخواتها.
وتابع القول "إجابتى على هذا السؤال هي لو أن كل دين من الأديان السماوية تمت محاكمته بما يقترفه بعض أتباعه من جرائم والقتل والإبادة لما سلم دين من الأديان من تهمة العنف والإِرهاب، ذلك أن الإرهابيين الذين يمارسون جرائمهم باسم الأديان لا يمثلون هذه الأديان بل هم فى حقيقة الأمر.. خائنون لأمانات الأديان التى يزعمون أنهم يقاتلون من أجلها.
وأشار إلى أن هذا الإِرهاب الذى نعانيه جميعا الآن أدانه العالم الإسلامى كله شعوبا وحكومات وأزهر وكنائس وجامعات ومفكرين ومثقفين وغيرهم، وعلينا جميعا مسلمين وغير مسلمين أن نقف صفا واحدا لمجابهة التطرف والإرهاب والظلم بجميع أشكاله وأن نبذل أقصى ما يمكن من أوجه التعاون من أجل القضاء على هذا الوباء القاتل.
وقال الدكتور الطيب إن هناك الكثيرين فى الشرق العربى والإسلامى لا يعرفون من الغرب إلا سياسة الكيل بمكيالين، وسياسة المصالح الخاصة التى لا تراعى مصالح الشعوب، ويضربون من الأمثلة على ذلك ما حدث فى "العراق" و"ليبيا" وغيرهما، ورسالتى إليكم أو رجائى الكبير هو أن تعملوا باهتمام على تغيير هذه النظرة القاتمة المتشائمة، ولعلنا نبدأ معا صفحة جديدة نعمل فيها على ترسيخ السلام العالمي، وإخماد نيران الحروب ووقف شلالات الدماء والفرار من الأوطان وحل القضية الفلسطينية حلا عادلا يضمن السلام والاستقرار فى المنطقة.
وقال "فهذه يدى ممدودة إليكم للعمل سويا من أجل هذه الأهدف الإنسانية النبيلة.. فهل من مجيب؟"..
وأشار إلى أن الديمقراطية التى نتطلع لأن ترفرف أعلامها عالية خفاقة فى بلادنا العربية والإسلامية، لا يمكن أن تتحقق بالحروب وصراع الحضارات والفوضى الخلاقة وأنهار الدماء وقعقعة السلاح، بل بالتبادل الحضارى بيننا وبينكم والحوار المتكافئ غير المستبد وبرامج تبادل التعليم والصناعة والتكنولوجيا.
وأوضح أن المسيحيين والمسلمين فى الشرق إخوة عاشوا معا على مدى قرون عديدة والجميع عازم على مواصلة العيش فى دولة وطنية تحقق المساواة وتحترم الحريات وأن التعرض للمسيحيين وغيرهم باسم الدين هو خروج عن تعاليم الإسلام وأن التهجير القسرى جريمة مستنكرة نجمع على إدانتها.
وقال إن الأزهر ناشد المسيحيين أن يتجذروا فى أوطانهم حتى تزول موجة الإرهاب الذى نعانى منه جميعا، واليوم يدين الأزهر جميع الأعمال الوحشية التي يقترفها دعاة الإرهاب والتى كانت كوت ديفوار آخر مسارحها الكريهة، ولا يفوتنا هنا أن نعزى الشعب الألمانى فى ضحيتهم فى هذا الحادث المؤسف.
وختم الدكتور الطيب خطابه قائلا: "مرة أُخرى أُكرر ما قلته آنفا من أن الأزهر إنما جاء ليمد يده إليكم وإلى الاتحاد الأوروبي من خلالكم.. من أجل ترسيخ علاقات الإخاء الإنساني والسلام العالمى بين الشرق والغرب بصفة عامة وبين الأزهر والمواطنين المسلمين فى أوروبا الذين أتوجه إليهم فى ختام كلمتى أمام هذا البرلمان العريق بأن يمثلوا النموذج الإنسانى الراقى للدين الإسلامي ولنبيهم الذى بعث رحمة للعالمين جميعا وليس للمسلمين وحدهم.
وقال إن الأزهر مستعد لتقديم المناهج التى تعصمكم من الاستقطابات المنحرفة وتعينكم على تمثيل دينكم الإسلامى بحسبانه دينا صالحا للتعايش فى كل زمان ومكان.
aXA6IDMuMTM4LjY5LjEwMSA=
جزيرة ام اند امز