الأجانب ببورصة مصر يواجهون مأزق تحويل الأرباح بالدولار
يواجه المستثمرون الأجانب رفض البنوك توفير لتحويل حصيلة بيع الأسهم خارج البلاد، رغم بيعها قبل أشهر نقدا أجنبيا للبنوك
رفضت بنوك عاملة في السوق المصرية طلبات تقدم بها مستثمرين أجانب في البورصة المصرية منذ يناير/كانون الثاني 2016 حتى الآن لبيع نقد أجنبي بالدولار بهدف تحويل حصيلة بيع أسهمهم لخارج البلاد، وذلك رغم بيع المستثمرين نقدا أجنبيا للبنوك نهاية العام الماضي.
ويتزامن هذا التعثر في الحصول على الدولار من الجهاز المصرفي مع الوقت الذي رفع فيه البنك المركزي المصري قيودًا عن تداول النقد الأجنبي عبر إلغاء سقف السحب والإيداع بالدولار للأفراد والشركات المستوردة للسلع الأساسية.
هذا بالإضافة إلى خفض الجنيه مقابل الدولار الأسبوع الماضي في حدود 14% لجذب المستثمرين الأجانب، فضلاً عن طرح عطاءات استثنائية خلال الأسبوعين الماضيين بقيمة تقارب من 2.4 مليار دولار لإتاحة النقد الأجنبي في البنوك وتمكينهم من تلبية طلبات السوق.
من جانبه، قال إيهاب رشاد العضو المنتدب لشركة مباشر إنترناشيونال لتداول الأوراق المالية لبوابة "العين" الإخبارية إن هناك طلبات شراء دولار لعملاء من المستثمرين الأجانب بالشركة قُوبلت بالرفض من البنوك العاملة في السوق المحلية منذ شهرين حتى الآن.
وأضاف أن هؤلاء المستثمرين كانوا باعوا قبل أشهر نقدا أجنبيا للبنوك مقابل الحصول على جنيه للاستثمار في سوق الأسهم المصرية، وهو ما يعطيهم الحق في شراء دولار مرةً أخرى من البنوك.
وتساءل رشاد كيف يواجه الأجانب مأزق صعوبة الحصول على الدولار رغم أن البنك المركزي أعلن في مارس/آذار 2013 عن إعداد آلية تقضى بتدبير النقد الأجنبي لتحويلات المستثمرين الأجانب الذين استثمروا أموالهم اعتباراً من ذلك التاريخ في الأسهم أو السندات أو أذون الخزانة؟.
كانت مؤسسة مورجان ستانلي قد أثارت أزمة تحويل أموال المستثمرين الأجانب مطلع عام 2013 بإطلاق عدة تقارير آنذاك حول هذه الأزمة، قبل أن تؤكد المؤسسة بعد ذلك أن هناك انفراجة في التحويلات، مما ساهم في عدم خروج مصر من مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة.
ثم قام البنك المركزي في ديسمبر/كانون الأول 2015 بتخصيص 500 مليون دولار لتدبير الطلبات المعلقة للدولار من قبل المستثمرين الأجانب في البورصة، خاصة أن جانبا كبيرا منها يعود إلى قبل مارس/آذار 2013.
وطالب رشاد البنك المركزي بإصدار توجيهات مُلزمة للبنوك بتدبير النقد الأجنبي للمستثمرين الأجانب في البورصة لكون هؤلاء المستثمرين أحد القنوات المهمة في جلب النقد الأجنبي للبلاد.
وقد حقق المستثمرون الأجانب في الأسبوع الماضي تحولاً جذريًا في توجههم الاستثماري بسوق الأسهم المحلية بعد أن انخفض الجنيه مقابل الدولار إلى 8.78 جنيه بدلاً من 7.73 جنيه.
وبلغت صافي مشترياتهم الأسبوع الماضي نحو 208.2 مليون جنيه، مقابل صافي مبيعات قدرها 744.54 مليون جنيه خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين، ولكن مسألة مواصلة الأجانب لعمليات الشراء الفترة المقبلة باتت محل تساؤل بسبب التعثر في الحصول على النقد الأجنبي.
وبحسب العضو المنتدب لشركة مباشر فإن هذه الأزمة أدت إلى فقدان شريحة من المستثمرين الأجانب الثقة باستمرار جاذبية الاستثمار في البورصة، خاصةً أن الخفض المفاجئ لقيمة الجنيه بواقع 14% أدى إلى انخفاض حصيلة أموالهم بنفس القيمة عند تحويلها لخارج البلاد بالدولار.
من جانبه، قال كريم خضر مدير عمليات المؤسسات ببنك الاستثمار سي آي كابيتال إن هناك أموالا مجمدة للأجانب في البورصة المصرية بسبب عدم قدرتهم على الحصول على دولار من البنوك، رغم دخول استثماراتهم بعد إطلاق البنك المركزي آلية تحويل الأموال إلى النقد الأجنبي في مارس 2013.
وحذر خضر من خطورة استمرار هذه الأزمة لأن المستثمر الأجنبي لن يُقْدم على خطوة ضخ استثمارات حتى لو كان سيحقق هامش ربح مرتفعا إلا إذ امتلك القدرة على تحويل أرباحه للخارج بالنقد الأجنبي، فضلاً عن استقرار سعر الصرف.
وبناءً على ذلك، استبعد أن تستمر موجة الشراء التي قادها الأجانب بالبورصة لفترة طويلة إلا إذا تحققت هذه النفاط وتقدمت الحكومة بخطة واضحة طويلة الأجل للتغلب على مشاكل عجز الموازنة وارتفاع الدين وتيسير تراخيص وتصاريح المشروعات.
فيما أكد محمد فتح الله العضو المنتدب لشركة التوفيق لتداول الأوراق المالية لبوابة "العين" الإخبارية أن المستثمرين العرب أقل تضررًا من الأجانب نظرًا لأن شريحة كبيرة منهم مقيمون داخل مصر، ومن ثم يعتمدون على الجنيه في أغلب معاملاتهم.
وطالب بحل أزمة تدبير النقد الأجنبي سريعًا للمستثمرين الأجانب نظرًا لأن البورصة تختلف عن أي نشاط آخر؛ لكونها تجلب أموالا ساخنة تستهدف دومًا حرية الحركة دخولاً وخروجًا.
ومن جهته، أوضح محسن عادل عضو مجلس إدارة البورصة المصرية ونائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن هناك نوعين من الأرباح المتأخرة لتحويلها للمستثمرين الأجانب في البورصة.
وأضاف أن النوع الأول أموال تعود إلى ما قبل إطلاق البنك المركزي آلية تدبير النقد الأجنبي منتصف مارس/آذار 2013.
وأشار إلى النوع الثاني هي أموال دخلت بعد إطلاق هذه الآلية ولكن قامت شركات السمسرة ببيعها إلى البنوك مباشرة وليس إلى البنك المركزي، وبالتالي يسقط حقها في مطالبة البنك المركزي بتوفير نقد أجنبي، إنما على المستثمرين تسوية الأمر مباشرةً مع البنوك.
وتكمن أهمية استثمارات الأجانب في البورصة في دعم احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي بعد أن تآكلت على مدار السنوات الخمس الماضية، حتى انخفضت إلى 16.533 مليار دولار بنهاية يناير/ كانون الثاني 2016 مقارنة بـ 36 مليار دولار بنهاية 2010.