صورة "الأم" في 10 أعمال أدبية عربية وعالمية
10 أعمال أدبية عربية وعالمية عرضت لصور متنوعة للأم التي مهما ابتعدت الأمكنة واختلفت الأزمان فإن صورتها في الأدب كما في الحياة هي "الأم"
على ذات القدر من الجلال الذي تحتله الأم في واقع الحياة، يأتي التصوير المعبر والتجسيد الفني الذي يقدمه الكتاب والروائيون للأم في أعمالهم التي تناولتها، برحابة حب الأم وحنانها الإلهي، وارتباطها المقدس بأبنائها لا تغيب شخصية الأم عن فضاء الأدب (ومن يستطيع أن يتصور ذلك؟!)، ثمة أعمال كبرى؛ روايات ومسرحيات وقصصًا، عرضت نماذج باهرة وخالدة للأم في كل مكان وزمان، خاصة في صورتها الملائكية المثالية/ أو الواقعية التي تؤكد على مثالية الأم ولا تنفيها.. بما تمثله من قيم التضحية والبذل والتفاني في خدمة أسرتها والدفاع عن أبنائها مهما كان الثمن.
هنا عشرة أعمال أدبية كبرى؛ عربية وعالمية، عرضت لصور متنوعة ومتعدد للأم؛ فمهما ابتعدت الأمكنة واختلفت الأزمان تبقى الأم في الأدب، كما في الحياة، أم لا تُمثّل سوى الخير في هذا العالم المليء بالشرور. وأيّ صورة أخرى هي حتمًا صورة شاذة عن الطبيعة. صورة امرأة لم تحظَ بنعمة أن تكون أمًّا..
«الأم شَجاعة وأبناؤها» "Mother Courage and Her Children"(1) مسرحية ألفها الشاعر والمسرحي الألماني برتولت بريخت في عام 1939 بمساهمة معتبرة من الكاتبة والممثلة الألمانية مارغريت ستيفن. وينظر لها من قبل الكثيرين على أنها أعظم مسرحية في القرن العشرين، وقد تكون أعظم مسرحية مناهضة للحرب على الإطلاق.
يروي بريخت في المسرحية، حكاية أم تسعى إلى البقاء على قيد الحياة وتأمين لقمة العيش لأولادها الثلاثة مطلع القرن الـ17، وفي ظروف الحرب التي دامت 30 سنة وهزت أوروبا الشرقية وألمانيا بشكل عميق وطويل المدى. وتفقد المرأة الأولاد الثلاثة في الحرب وينتهي بها المطاف وحدها بائعة متجولة فقدت أعز ما كانت تملكه ورشدها أيضًا إلى حد ما.
(2) رواية «الأم» للإيطالية جراتسيا داليدا الحائزة على نوبل 1926، تدور حول موضوع رهبانية القسس، ليست رواية أحداث بقدر ما هي رواية أزمات نفسية عاشتها أم القسيس "باولو" حين اشتبهت في أن ابنها ارتكب الخطيئة مع الأرملة "آنييس". كانت "الأم" امرأة جاهلة ولكنها تعرف، صارحت ابنها باكتشافها وأخذت عليه عهدًا بأن يقطع صلته بآنييس ولكن عذاب ابنها جعلها تنظر إليه على أنه ضحية وليس جانيا.
(3) «الأم» لمكسيم جوركي.. وهذه واحدة من الروايات الكبيرة التي تحمل قضايا كبرى كالهوية والوطن والانتماء مستعيرة نموذج الأم في كليتها وشموليتها الإنسانية، عدها مؤرخو الرواية من أروع الروايات التي تحض على الثورة ضد الظلم والاستبداد، في رائعة مكسيم جوركي تصير الأم التي عانت ظلم الزوج السكّير ومن ثم الابن التائه هي روسيا الأقوى من كل أزماتها.
(4) «باولا» إيزابيل الليندي.. باولا هي ابنة إيزابيل، المريضة، الراقدة على فراش المرض، و«باولا»، هي سيرة ذاتية للروائية التشيلية الشهيرة تحكي فيها عن ابنتها التي توفيت بعد صراع مع المرض، ليس أقسى على الأم من أن تشهد موت قطعة منها، بلا تردد تكون على استعداد للتضحية بحياتها راضية لو كان ذلك يمنح ابنتها دقائق إضافية تحياها على الأرض.
بدأت الليندي كتابة «باولا» هذا في المستشفى بعد سقوطها على فراش المرض، أرادت أن تواجه المرض (وربما أرادت مواجهة الفقد المرتقب) بسرد تفاصيل حياة أسلافها، ومن ثم حياتها هي.
(5) «الأرض الطيبة» لبيرل باك.. واحدة من روائع الروايات العالمية في القرن العشرين، جسدت نموذجًا إنساًّنيا غاية في الرهافة لأم صينية تساند زوجها وتدعمه في مواجهة أزمة كبرى، ظهرت لبيرل باك بعد ذلك رواية «الأبناء» التي تعد استكمالا لـ «الأرض الطيبة»، وفي سنة 1934 ظهرت لها رواية قائمة بذاتها باسم «الأم».
(6) «الثلاثية» لنجيب محفوظ.. أما شخصية أمينة في «ثلاثية» نجيب محفوظ الخالدة، فهي الشخصية التي من خلالها احتفى محفوظ بصورة الأم النقية الفطرية البعيدة عن التأثر بأي تطورات عصرية أو مدنية.. براءة الفطرة ونقاء الغريزة ورسوخ الصلابة دفاعًا عن أسرتها وأولادها، تبدأ الرواية بها وبالحديث عنها وتنتهي بموتها، نجح نجيب محفوظ في أن يقدم شخصية أمينة، وقد أخذت من الواقع ما استطاع به الفنان أن ينقلها من مستوى الفرد إلى درجة النموذج والنمط الإنساني الشامل.
(7) في روايته «الوتد» يبدع الروائي خيري شلبي في رسم صورة للأم المصرية في الريف، عمود الخيمة، ووتد الأسرة، التي تظلل على أبنائها وتنجح في صنع مجتمع صغير يقوم على الوحدة والتكافل والاندماج، إنها الحاجة فاطمة تعلبة التي لا تستنكف حمل السلاح إذا اقتضى الأمر دفاعًا عن واحد من أبنائها. في مستهل الرواية يصور خيري شلبي ببراعة معنى الأم "كثيرًا ما تمنى أبناء الدار موت "الحاجة تعلبة" مع ذلك ما تكاد تلم بها وعكة صغيرة حتى تنقلب الدار كلها كأنما القيامة على وشك أن تقوم، يجيء حلاق الصحة وينصرف عددًا من المرات، ويحضر القريب والبعيد من الأقارب والأصهار والمعارف، حتى لتصير الحارة كلها - وهي كلها بيوتنا - زريبة كبيرة تضيق بركائبهم التى يبدو عليها الحزن هى الأخرى، إذ تقف مدلية الآذان عازفة عن الطعام والنهيق، وتتحول الدار إلى مولد صغير".
(8) «أم العروسة» و«الحفيد» لعبد الحميد جودة السحار؛ يمكن اعتبارهما رواية واحدة في جزئين؛ استعرضت نموذج لأسرة مصرية تنتمي للطبقى الوسطى، تبرز من بينها الأم المصرية البسيطة التي تبذل ما في وسعها لتزويج ابنتها الكبرى وتجهيزها للزفاف وإعداد عش الزوجية، نجح السحار في رسم صورة صادقة ومخلصة لهذه الأم المشغولة طول الوقت باحتياجات الأبناء ومتطلبات الأسرة، لكنها في النهاية هي "ضابط الميزان" الذي بدونه تختل الحياة وتضطرب مياهها.
(9) «بداية ونهاية» لنجيب محفوظ.. الأم في «بداية ونهاية» كانت النموذج البديل عن صورة الأب "الغائب". غياب الأب رمزيًّا أدى إلى سقوط الأسرة فعليًّا وانهيارها تحت وطأة الضربات، الأم هنا هي المرأة التي تحملّت أعباء الأبناء بصلابة تتماهى مع الحبّ، قد لا تتطوّر شخصية الأم داخل الرواية، وإن كانت هي ضمن الشخصيات الرئيسة؛ لأنّ ثمة أدوار محددة سلفًا منوطة بها.
(10) «بحجم حبة عنب» للروائية المصرية منى الشيمي.. يقوم بناء الرواية على الانتقالات السريعة بين حاضر الابن المريض، وماضي الأم/ المرأة وأسرتها وعلاقاتهم المعقدة والملتبسة، بين ضمير المخاطب للابن زياد في الحاضر، وضمير الغائب عما حدث في الماضي تتشكل الصورة بكل تفاصيلها، هنا تجربة شديدة الرهافة لامرأة وأم تعاود تأمل ذاتها كامرأة وأم معًا في ظل تجربة فقد قاسية ومؤلمة.