الإمارات تكسر القواعد باقتصاد متنوع.. نمو التجارة غير النفطية يتخطى المتوسط العالمي

حققت دولة الإمارات نموًا لافتًا في تجارتها الخارجية غير النفطية خلال النصف الأول من 2025، لتصل إلى 1.7 تريليون درهم، بزيادة 24% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، متجاوزة بكثير متوسط النمو العالمي البالغ 1.75%.
البيانات الصادرة حديثا تؤكد أن دولة الإمارات تستفيد من تنويع اقتصادي حقيقي يستند إلى تطوير البنية التحتية، والاتفاقيات الدولية، ودور محوري كمركز تجاري.
بيانات النصف الأول من 2025 تشير إلى أن الاقتصاد الإماراتي في لحظة انتعاش تاريخي، حيث تجاوزت الأرقام ضعف مستويات ما قبل 2019، وأصبحت التجارة غير النفطية محركًا رئيسيًا للنمو والتقدم المستدام.
تعكس البيانات أن الإمارات تتبوأ مكانة رائدة كشريك تجاري عالمي، مع رؤية واضحة لتعميق دورها الاقتصادي بوابة للتجارة العالمية، حيث يعد النمو انعكاسا للإصلاحات والاستراتيجيات التي تقودها دولة الإمارات.
وسجلت التجارة غير النفطية مع عدد من الشركاء الدوليين نموًا ملحوظًا، حيث ارتفعت مع سويسرا بنسبة 120%، ومع تركيا 41%، والهند 33%، والولايات المتحدة 29%، فيما بلغت نسبة النمو مع الصين 15%.
وفي الربع الأول من العام الجاري، بلغت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية 835 مليار درهم، بزيادة سنوية 18.6%، وشملت هذه القيمة صادرات غير نفطية بنحو 177.3 مليار درهم، محققة نموًا نسبته 40.7%.
كما ارتفعت عمليات إعادة التصدير بنسبة 6% لتتجاوز 189 مليار درهم، بينما بلغت قيمة الواردات 468.6 مليار درهم، مسجلة نمواً بنسبة 17.2%.
ارتفعت التجارة مع أبرز 10 شركاء بنسبة 25.5%، ومع باقي الدول بنسبة 23.6%K وسجلت التجارة مع الهند نمواً بـ33.9%، ومع الصين بـ15.6%، وسويسرا بأكثر من الضعف (120%)، والسعودية بـ21.3%، وتركيا بـ41.4%. كما سجلت التجارة مع الولايات المتحدة نموًا بـ29%، ودخلت فرنسا قائمة أكبر 10 شركاء.
نمو تاريخي في الصادرات غير النفطية
بلغت الصادرات غير النفطية 369.5 مليار درهم، محققة نموًا سنويًا تجاوز 44.7%، و80% مقارنة بالنصف الأول من 2023، و210.3% مقارنة بعام 2019. وساهمت الصادرات بنسبة 21.4% من إجمالي التجارة غير النفطية، متجاوزة مستويات السنوات السابقة.
سجلت عمليات إعادة التصدير 389 مليار درهم، بنمو 14% مقارنة بـ2024. أما الواردات فقد بلغت 969.3 مليار درهم، بنمو 22.5% عن الفترة نفسها من العام الماضي.
أثمر برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي أطلقته الإمارات توقيع 28 اتفاقية حتى الآن، دخلت 10 منها حيز التنفيذ، مما وسّع الوصول إلى أسواق تضم نحو 3 مليارات مستهلك، وأسهم في تعزيز النمو القياسي للتجارة غير النفطية.
مستهدف التجارة غير النفطية
وفي فبراير/شباط الماضي، أشار الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، إلى أن الإمارات في طريقها لتحقيق حجم تجارة غير نفطية يصل إلى 3.5 تريليون درهم بنهاية العام الجاري، مع التطلع للوصول إلى 4 تريليونات درهم بحلول 2027، أي قبل أربع سنوات من الموعد المستهدف ضمن "رؤية نحن الإمارات 2031".
في 2024، سجلت التجارة الخارجية غير النفطية للإمارات نمواً بنسبة 14.6% لتصل إلى 3 تريليونات درهم، وقادت الصادرات هذا النمو، محققة 561.2 مليار درهم بزيادة 27.6%، لتمثل نحو 70% من المستهدف الوطني البالغ 800 مليار درهم.
وأكد الزيودي، أن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي بلغ عددها حتى الآن 27 اتفاقية، دخلت 10 منها حيز التنفيذ، وكان لها تأثير مباشر على تعزيز التجارة، خاصة مع الهند وتركيا، وسجلت الصادرات غير النفطية إلى الدول الشريكة أكثر من 135 مليار درهم، بنمو 42.3%.
وأشار الوزير إلى أن الإمارات باتت قريبة من تحقيق 75% من مستهدفات رؤية 2031 الخاصة بالتجارة غير النفطية، ما يعكس نجاح خطط التنويع الاقتصادي والانفتاح التجاري.
التحول إلى نموذج اقتصادي بديل عن النفط
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، أن دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات، نجحت بشكل ملموس في التحول نحو نموذج اقتصادي متنوع بعيدًا عن الاعتماد الكامل على النفط، وذلك بفضل سياسات رشيدة ورؤية مستقبلية واعية.
وأوضح عبده لـ"العين الإخبارية"، أن قيادة دولة الإمارات أدركت مبكرًا أن النفط ليس موردًا دائمًا، وأنه سيأتي يوم ينضب فيه أو تقل فيه أهميته الاقتصادية، وهو ما دفعهم إلى استثمار جزء من العوائد النفطية في تنمية قطاعات بديلة، مثل الصناعة والسياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة.
وقال إن البعض كان يظن أن هذا التحول مجرد كلام لن يتجاوز يومين أو ثلاثة، لكنه أصبح واقعًا فعليًا، مضيفًا أن دول الخليج قررت منح شعوبها رغدًا في المعيشة، ليس فقط من خلال توزيع الثروة، بل عبر بناء اقتصاد مستدام يحافظ على مستويات التنمية حتى بعد تراجع أهمية النفط.
وأشار إلى أن هذا التوجه يمثل نقلة استراتيجية كبرى، حيث انتقلت تلك الدول من مرحلة الاعتماد على مورد واحد، إلى نموذج أكثر توازنًا، يجمع بين استثمار الفوائض النفطية وتنمية الموارد البشرية والبنية التحتية.
ولفت إلى أن الاستثمار الذكي اليوم في التعليم والتكنولوجيا والسياحة والخدمات اللوجستية هو ما يضمن استمرار الرفاهية في المستقبل، مشددًا على أن ما نشهده اليوم هو تحول اقتصادي حقيقي لا شعارات.
مشاريع الخمسين
في 2021، أطلقت الإمارات "مشاريع الخمسين"، كحزمة استراتيجية ترسم ملامح الخمسين عامًا المقبلة، عبر تغييرات هيكلية في المنظومة الاقتصادية، وتركز على تمكين الكفاءات الوطنية، ودعم رواد الأعمال، واستقطاب المستثمرين والمواهب من مختلف أنحاء العالم.
وتشمل المشاريع تطوير قوانين ومبادرات تعزز البيئة الاقتصادية والابتكار في قطاعات حيوية مثل التعليم، الصحة، السياحة، الأمن الغذائي، التكنولوجيا، والفضاء.
ومن أبرز المشاريع المستقبلية، مهمة فضائية جديدة تهدف إلى بناء مركبة إماراتية تنطلق في رحلة تستمر خمس سنوات، تقطع خلالها 3.6 مليار كيلومتر لزيارة كوكب الزهرة وسبعة كويكبات، وتنفيذ أول هبوط تاريخي على أحدها.
«رؤية نحن الإمارات 2031»
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أطلقت الدولة "رؤية نحن الإمارات 2031"، كخطة وطنية طموحة تمتد لعشر سنوات، وتستكمل مسيرة التنمية الشاملة، بهدف تعزيز مكانة الإمارات كشريك عالمي ومركز اقتصادي مؤثر، مع التركيز على تحسين جودة الحياة، والارتقاء بالخدمات الصحية والتعليمية، وتطوير بنية تشريعية مرنة للقطاعات المستقبلية.
وتسعى الإمارات ضمن هذه الرؤية إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 3 تريليونات درهم، وزيادة الصادرات غير النفطية إلى 800 مليار درهم، ورفع قيمة التجارة الخارجية إلى 4 تريليونات درهم، بالإضافة إلى زيادة مساهمة القطاع السياحي إلى 450 مليار درهم.
كما تستهدف الإمارات الدخول ضمن قائمة أفضل 10 دول عالميًا في مؤشرات التنمية البشرية، الأمن الغذائي، وجودة الحياة، والرعاية الصحية، وتطمح إلى تصدر العالم في تشريعات الاقتصاد الجديد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز