عبد ربه لـ"العين": سحب الاعتراف بإسرائيل ضرورة لمواجهة الاستيطان
ياسر عبد ربه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية دعا في حوار مع بوابة العين إلى سحب اعتراف السلطة الفلسطينية بإسرائيل
دعا ياسر عبد ربه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى سحب اعتراف السلطة الفلسطينية بإسرائيل، وإعادة النظر في الاتفاقات الموقعة معها بجهة وقف الالتزام بها بما في ذلك التنسيق الأمني؛ ردًا على سياسة التوسع الاستيطاني التي بلغت ذروتها بقانون تشريع الاستيطان الذي يبيح مصادرة أي أرض فلسطينية.
واقترح عبد ربه في مقابلة خاصة مع "بوابة العين" الانخراط في "العصيان الوطني" الشامل في مواجهة إسرائيل، بما يشمل الاحتجاجات الشعبية والمقاومة السلمية والمقاطعة والإضرابات، والامتناع عن الكثير من صيغ العلاقات مع الاحتلال.
وحول خطورة هذا التوجه على مستقبل السلطة الفلسطينية، أقر القيادي بأعلى هيئة قيادية فلسطينية أن الأمر قد يكون مكلفاً، ولكنه رأى أن "الكلفة أكبر عندما نصمت أمام سياسة التطهير والضم التام التي تمارسها إسرائيل".
وشدد على أن هذه التوجهات تتطلب خطوات عاجلة من أجل استعادة الوحدة، عبر حكومة واحدة وقيادة وطنية واحدة وبرنامج مقاوم وطني واحد.
وتوقع عبد ربه الذي كان يتولى موقع أمين سر اللجنة التنفيذية المنظمة قبل أن يستبدل العام الماضي بكبير المفاوضين صائب عريقات أن تشهد القضية الفلسطينية المزيد من التراجع لصالح إسرائيل في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفيما يلي نص الحوار
كيف تقرأ توجهات السياسة الأمريكية إزاء القضية الفلسطينية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
أعتقد أن السياسة في عهد ترامب سوف تشهد مزيداً من التراجع في المواقف لصالح إسرائيل، وبكل وضوح يجب أن تجد هذه الإدارة الجديدة في أيامها الأولى وحدة في الموقف الفلسطيني والعربي في الوقوف تجاه التوجهات الخطرة لها والتأكيد على أن استمرار السياسة السابقة هو أمر يلحق الضرر بالمصالح العربية قبل الفلسطينية، ويجب أيضاً اختبار نوايا هذه الإدارة فعلياً على الأقل من خلال التوجه لمجلس الأمن بشكل عاجل للمطالبة بقرار ملزم ضد التوسع الاستيطاني، والاستيطان بمجمله باعتباره عملاً غير شرعي، هذا الذي يمكن أن يدفع الإدارة الأمريكية الجديدة لتعيد النظر في بعض حساباتها إن لم يكن كلها تماماً.
بمناسبة إشارتك لموضوع الاستيطان، ما قراءتك لتصاعد وتيرة الاستيطان في الضفة والقدس المحتلتين؟
نحن نسير نحو الضم الفعلي والرسمي من إسرائيل، الخطوات الاستيطانية على الأرض تتسارع ويترافق معها المشروع المقدم للكنيست الذي يبيح لأول مرة ليس فقط تشريع المستوطنات التي كانوا يسمونها بؤراً غير شرعية بل يتيح مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة التي تعود للأفراد، سواء الأفراد المقيمين في وطنهم، أم الأفراد المقيمين في الخارج، حيث اخترعوا ما يسمى أملاك الغائبين.. لم يبق شيء يمكن أن ينجو من الاستباحة الاحتلالية الإسرائيلية.
وكيف يمكن مواجهة ذلك؟
هذا الأمر يجب أن يجعلنا نعيد النظر في كل شيء، وفي المقدمة الاتفاقات الموقعة، هذا الأمر يستدعي أن نسحب اعترافنا بإسرائيل كدولة، لأن إسرائيل تريد أن تضم كل أرض وطننا، وهذا الأمر يتطلب أن نعلن أن الاتفاقات القائمة والالتزامات إذا كانت موجودة داخل الاتفاقات خاصة التنسيق الأمني سوف يتوقف فعلياً، وهذا الأمر يتطلب خطوات عاجلة من أجل استعادة الوحدة لأننا لا نستطيع أن نطلق مقاومة شعبية سلمية ضد الاستيطان بدون أن يثق الشارع الفلسطيني بأن هناك نية حقيقي لمواصلة هذه المواجهة، وأول دليل حتى يثق هو استعادة الوحدة، واستعادة الوحدة تعني باختصار حكومة واحدة وقيادة وطنية واحدة وبرنامج مقاوم وطني واحد، هذا الذي يمكن أن يواجه السياسة الاستيطانية قبل أن نتحدث عن مجلس الأمن أو مؤتمر باريس أو أية نشاطات دبلوماسية.
الدعوة لسحب الاعتراف بإسرائيل والاتفاقات الموقعة هو تحول كبير من شخصية عرفت بتبنيها لخيار السلام والمفاوضات، هل هذا يعكس الإحباط من مخرجات العملية طول السنوات الماضية؟
الموضوع ليس إحباطاً أو تفاؤلاً، الموضوع أن هناك اتفاقية عمرها 5 سنوات، إسرائيل لم تعد تلتزم بأي عنصر من عناصر هذه الاتفاقية بكل محاسنها ومساوئها، يضاف إليها قرار الكنيست الذي يتيح مصادرة أي أرض فلسطينية بدون استثناء، أين هي الاتفاقيات؟ يجب إلغاؤها، وإلغاؤها بلا تردد، والإعلان أننا لا نلتزم بشيء، وأنا من دعاة الانتقال إلى ما يشبه العصيان الوطني في مواجهة الاحتلال، الذي يشمل الاحتجاجات الشعبية، والمقاومة السلمية، ويشمل أشكال من المقاطعة والإضرابات، والامتناع عن الكثير من صيغ العلاقات مع الاحتلال.
لكن هذا الأمر تكلفته عالية؟
قد يكون هذا الأمر مكلف، ولكن الكلفة أكبر عندما نصمت أمام سياسة التطهير والضم التام التي تمارسها إسرائيل، والضم يعني أن الأرض لهم والسكان هم عبئ على السلطة والمجتمع الدولي.
ألا يمكن أن تؤدي خطوة من قبيل سحب الاعتراف بإسرائيل ووقف الالتزام بالاتفاقات إلى إنهاء السلطة؟
أنا لا أدعو للقيام بمغامرات، لكن السلطة يمكن أن يقتصر دورها على القيام بخدمات داخلية، اقتصادية واجتماعية، وصحية تعليمية، أما المؤسسات الوطنية الفلسطينية، منظمة التحرير، الهيئات الموحدة، التي ينبغي أن ينضم إلهيا الجميع بما في ذلك حماس والجهاد، وغيرهم، فهي التي يمكن أن تتولى المسؤولية عن المواجهة السياسية والشعبية بأشكالها المختلفة لهذه السياسة الإسرائيلية.
إذا حدث عندنا تطور وتحسن في التعليم والصحة والخدمات، فهذا يعزز المواجهة الشعبية ولا يتعارض معها.
على صعيد الحديث عن المؤسسات، هناك حديث عن تحضيرات لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني في الضفة الغربية، والجبهة الشعبية أعلنت معارضتها لذلك، كيف تقرأ هذا التطور؟
لا أريد الدخول في صراع حول المكان، دائماً في تاريخنا كنا نختار المكان الملائم الذي يسهل مشاركة كل الأطياف الفلسطينية بدون استثناء أحد، عندما كنا نضطر للاجتماع في الجزائر أو مكان بعيد آخر، فهذا كي يتاح المجال لحضور الجميع، والآن من الأفضل إما أن تعقد اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني وأن تدعى لها كل الأطراف وبدون استثناء وبدون شروط مسبقة من طرف ضد آخر؛ لأن الفكرة هي أن نتفق على سياسة موحدة وبرنامج موحد وكيفية مشاركة كل فئات قوى وفصائل الشعب الفلسطينية في مؤسسات وهيئات منظمة التحرير على قاعدة القرار الوطني الموحد والتوجه المشترك لتحمل أعباء كل المرحلة الحالية التي هي من أخطر المراحل.
يمكن أن تعقد اللجنة التحضيرية بمشاركة الجميع إما في مقر المجلس الوطني بعمان، أو في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، وهذين المكانين يوفران الفرصة لحضور الجميع وقيادات الفصائل بدون استثناء. نحن في حاجة إلى مثل هذا الاجتماع.، واللجنة التحضيرية ليس لجنة فنية يوكل لها بشكل ملفق إعداد بيان عن المجلس الوطني إنما ندعو اجتماع المجلس الوطني ويصدر البيان ونطوي الصفحة، ونعيد تشكيل بعض الهيات القيادية كيفما اتفق. هذا ليس إعدادا للمجلس الوطني وإنما سيؤدي لتعميق الشرخ.
يربط البعض بين ملابسات عقد المؤتمر السابع لحركة فتح والجلسة المرتقبة للمجلس الوطني في ظل حديث متصاعد عن تخوفات من الإقصاء؟
أظن أنه من الصعب للغاية أن نقارن بين الإعداد لمؤتمر حزب واحد أو حركة واضحة بغض النظر عن أية تناقضات وخلافات، وبين مؤتمر وطني لأحزاب وحركات وشخصيات وطنية ذات توجهات وألوان مختلفة، ويجب العمل بصبر ودقة للوصول لقاسم مشترك لمواجهة السياسة الاحتلالية في القدس والضفة وتجاه حصار غزة، وهذا الموضوع يتطلب بعداً أوسع وانفتاحاً تاماً على كل الفئات والقوى بدون أي استثناء لأحد.
حسب وجهة نظرك هذا الوجه موجود أم أننا نتحدث في إطار أمنيات؟
للأسف هذا التوجه هو التوجه الأضعف، وليس الأقوى، والصراع على السلطة يحل على السلطة يحل بدل الصراع مع الاحتلال، هذه مأساتنا الآن، لذلك التوجه الذي أدعو إليه ودعت له بعض الفصائل مثل الجبهة الشعبية وغيرها يحتاج إلى حملة وطنية من أجل تصويب الوجهة وعدم القيام بعملية سلق متعجلة للمجلس الوطني الفلسطيني؛ لأن نتائج ذلك ستكون وخيمة للغاية على منظمة التحرير الفلسطينية.