3 أسباب وراء غياب أمير قطر عن قمم مكة
يملك تميم سجلا أسود مع القمم العربية والخليجية يتراوح بين الغياب والهروب والمواقف المخزية، في تصرفات تسهم في تكريس عزلته
موقف مخزٍ جديد ارتكبه أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بغيابه عن قمم مكة الثلاث التي تعقد في وقت تواجه فيه المنطقة تهديدات وتحديات خطيرة أمنية وسياسية من قبل حليفته إيران.
ويملك تميم سجلا أسود مع القمم العربية والخليجية يتراوح بين الغياب والهروب والمواقف المخزية، في تصرفات تسهم في تكريس عزلته، وتكشف عن انشقاقه عن الصف العربي والخليجي لصالح حلفائه الذين باتت تدخلاتهم في شؤون الدول العربية أحد أبرز أسباب مشاكل المنطقة وعدم استقرارها.
وغاب تميم عن القمة العربية الـ29 في مدينة الظهران السعودية قبل نحو عام، والقمة الخليجية في الرياض ديسمبر/كانون الأول الماضي، وحضر لدقائق في القمة العربية التنموية في بيروت يناير الماضي، بأوامر إيرانية دعما لحزب الله الإرهابي، ثم غادر القمة العربية الثلاثين في تونس نهاية مارس/آذار الماضي بعد دقائق من انطلاقها.
وفي ضوء هذا السجل الأسود والسياسات المخزية المتواصلة لتنظيم "الحمدين"، يمكن إرجاع غياب تميم عن قمم مكة إلى 3 أسباب، فضح بعضها الإعلام الموالي لتنظيم "الحمدين".
وتعقد بمكة المكرمة، مساء اليوم الجمعة، القمة الإسلامية الـ14، بعد أن احتضنت أمس، القمتين الخليجية والعربية الطارئتين؛ لبحث التداعيات الخطيرة للهجوم الذي قامت به مليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران على محطتي ضخ نفط بالمملكة العربية السعودية 14 من الشهر الجاري، وما قامت به من اعتداء على سفن تجارية بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة قبلها بيومين.
منعا للفضيحة
أول أسباب غياب تميم عن قمم مكة هو عدم إحراجه وفضح ولائه وتحالفه مع نظام الملالي في طهران، لا سيما أن القمتين الخليجية والعربية الطارئتين تأتيان على رأس أجندتهما مواجهة سلوكيات وجرائم إيران وأذرعها في ضوء جرائمها الأخيرة.
ولم يرد تميم أن يكرر ما قام به في القمة العربية الأخيرة في تونس نهاية مارس/آذار الماضي، عندما غادر الجلسة الافتتاحية بعد دقائق من انطلاقها احتجاجا على توجيه انتقادات من قبل أمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط لإيران وتركيا، الأمر الذي جعله عرضة لانتقادات واسعة.
ورغم أن تميم أوفد رئيس وزرائه عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني ليترأس وفد قطر في تلك القمم، فإن إعلام قطر الموالي له فضح حقيقة تلك المشاركة، عبر هجومه المتواصل على القمم وأهدافها من جانب، ومن جانب آخر عبر اعترافه بأن مشاركة قطر في تلك القمم جاءت تلبية لطلب أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بحسب صحيفة "الشرق" القطرية.
تفاديا للعزلة
السبب الثاني لغياب أمير قطر عن قمم مكة هو تفادي إحراجه وعزلته، كما حدث في القمة العربية في تونس قبل شهرين، حيث تم تجاهله من معظم القادة العرب، ولم يتم استقباله بحفاوة، الأمر الذي كشف عن حجم العزلة التي يعانيها والمكانة التي وضع بلاده فيها بسياساته.
وبات معروفا أن تميم يخشى لقاء القادة العرب نتيجة تصرفات وسياسات نظامه الداعمة للإرهاب والمزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما تأكد بهروبه من قمة تونس وغيابه عن قمم مكة.
ومنذ أن قطعت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية، والإمارات ومصر والبحرين)، في يونيو/حزيران من 2017، العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر، بسبب إصرارها على دعم التنظيمات الإرهابية في عدد من الساحات العربية، وفي ظل وجود تأييد عربي كبير لموقف الرباعي العربي، أضحى الكثير من القادة العرب يتجنب لقاء أمير قطر.
سياسة التخبط والارتباك
الأمر الثالث الذي يمكن فهم غياب أمير قطر من خلاله هو سياسة التخبط والارتباك الذي ينتهجها تنظيم الحمدين، وضمن هذا التخبط يشكو عدم دعوته لحضور قمم مكة، وعندما يتم دعوته يحرض إعلامه لشن هجوم على تلك القمم، ثم يوفد رئيس وزرائه لحضور القمم بزعم حرص الدوحة على دعم العمل العربي والإسلامي المشترك، ثم يخرج الإعلام ويقول إن المشاركة جاءت لتلبية لطلب من أمير الكويت، تخبط واضح في سياسة "الحمدين" ليس بجديد، وإنما يعكس استمرار حالة الارتباك الذي يعاني منها التنظيم.
سجل أسود مع القمم
التخبط الذي ظهر في تصرفات أمير قطر إزاء قمم مكة، أضحى نهجا متواصلا ومستمرا، تكرر أيضا في كل القمم السابقة، التي تراوحت مشاركاته فيها ما بين الغياب والهروب والمواقف المخزية.
وغادر تميم بن حمد، مقر انعقاد القمة العربية بالعاصمة التونسية، في نهاية مارس/آذار الماضي، بعد أقل من ساعة على انطلاق أعمال جلستها الافتتاحية.
وشوهد تميم وهو ينسحب من الجلسة الافتتاحية أثناء كلمة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط؛ احتجاجا على توجيه انتقادات لحلفائه الأتراك والإيرانيين.
وتُعَد قطر حليفا وثيقا لكل من تركيا وإيران وداعما رئيسيا لمشروعهما التوسعي بالمنطقة العربية، وتحتفظ تركيا بقاعدة عسكرية تتمتع بصلاحيات استعمارية في العاصمة القطرية الدوحة.
كما سبق أن اعتذر أمير قطر عن عدم حضور "القمة العربية التنموية.. الاقتصادية والاجتماعية" في بيروت 20 يناير/كانون الثاني الماضي، ثم عاد وعدّل رأيه وقرر المشاركة، وعندما وصل إلى بيروت غادرها بعد دقائق من انطلاقها.
تلك التصرفات أرجعها المراقبون، آنذاك، إلى عدد من الأسباب، أولها أن تلك المشاركة جاءت بأوامر إيرانية دعما لحزب الله الإرهابي المسيطر على القرار السياسي في لبنان بقوة.
وشجع أمير قطر على الحضور تأكده من غياب قادة الدول العربية عن قمة بيروت، حيث لم يشارك فيها سواه، إضافة إلى رئيسي لبنان ميشال عون وموريتانيا محمد ولد عبدالعزيز الذي ستترأس بلاده القمة المقبلة.
وكان أمير قطر قد غاب عن القمة العربية التي أقيمت في مدينة الظهران السعودية، 15 أبريل/نيسان 2018، ثم غاب أيضا عن القمة الخليجية الـ39 في الرياض 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقمة تلو أخرى، تفوت قطر الفرصة تلو الأخرى للعودة إلى الصف العربي والخليجي، فتعمق أزمتها وتزيد عزلتها وتتفاقم مشاكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسط حرص متواصل من الرباعي العربي على عودة قطر إلى الطريق الصحيح، والتزامها بالتعهدات التي سبق وأن وقعت عليها، بما يتيح دعم الأمن والاستقرار في المنطقة.