منطقة "الحصن" الثقافية في أبوظبي تفتح أبوابها للجمهور 7 ديسمبر
وجهة جديدة في قلب العاصمة الإماراتية
"المجمع الثقافي" تحول إلى بناء متميز سيستضيف برنامجاً للفنون البصرية وعروض الأداء، إلى جانب افتتاح أول مكتبة من نوعها مخصصة للأطفال.
أعلنت دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي، الأربعاء، عن الافتتاح المرتقب لموقع "الحصن" يوم 7 ديسمبر/كانون الأول المقبل. ويشكّل هذا المشروع الطموح وجهةً ثقافيةً جديدةً في قلب العاصمة الإماراتية. ويُعد "الحصن" من الصروح العمرانية المتجذرة في وجدان مدينة أبوظبي، ويتألف الموقع من 4 أجزاء مترابطة وهي "قصر الحصن" والمجمع الثقافي والمبنى التاريخي لـ"المجلس الاستشاري الوطني" و"بيت الحرفيين". وسيشكّل الافتتاح الرسمي احتفاليةً عالميةً بالتاريخ والإرث الثقافي للعاصمة الإماراتية، وذلك بالتزامن مع إقامة برنامج عام احتفاءً بهذه المناسبة على مدى عدّة أيام.
ويُعدّ "قصر الحصن" أقدم وأعرق موقع تراثي في أبوظبي، حيث يتكون من بناءين بارزين هما "الحصن الداخلي" الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1795 تقريباً، و"القصر الخارجي" الذي تم بناؤه في أربعينيات القرن العشرين. وكان هذا الصرح شاهداً على تاريخ المدينة النابضة بالحياة على مدى القرنين الماضيين، حيث اتخذت منه العائلة الحاكمة مقراً لها في البداية، ثم أصبح مقراً للحكومة والمجلس الاستشاري والأرشيف الوطني. واليوم، تحول القصر إلى متحف وطني بعد مرور عدة سنوات من أعمال الترميم والصيانة، حيث يبرز كنصب حضري يعكس تطور المدينة من منطقةٍ استقرار التجمعات السكانية التي اعتمدت على صيد السمك واللؤلؤ في القرن الثامن عشر، إلى واحدة من أروع المدن العالمية الحديثة، لتقف إرثاً حضارياً شامخاً في قلب المدينة النابض بالحياة.
وبعد تجديده مؤخراً تحوّل "المجمع الثقافي" إلى بناء متميز سيستضيف برنامجاً للفنون البصرية وعروض الأداء، إلى جانب افتتاح أول مكتبة من نوعها مخصصة للأطفال. واحتفالاً بإعادة افتتاح "الحصن" خلال ديسمبر/كانون الأول المقبل، سيقدم مركز الفنون البصرية التابع للمجمّع الثقافي معرضاً يسلّط الضوء على التاريخ الفني للمبنى، ويقدم نفسه منارةً للفنانين المحليين. هذا وستتم إعادة افتتاح "المجمع الثقافي" على مراحل، حيث يبدأ مع مركز الفنون البصرية الجديد في ديسمبر/كانون الأول الذي يتضمن قاعات عرض واستوديوهات فنية متميزة لاستضافة فنانين مقيمين وورش عمل فنية، بينما سيتم افتتاح القسمين الآخرين، المسرح ومكتبة الأطفال، في عام 2019.
وبهذه المناسبة، صرّح محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي: "يختزل قصر الحصن تاريخ إمارة أبوظبي، فهو الصرح الأول الذي تم تشييده، ويقف شامخاً بثبات في مدينتنا المستمرة في التطور. كما يشكّل دليلاً حيّاً على روح شعب أبوظبي المتوقدة ومقراً جامعاً لذاكرتنا الوطنية. ويمثّل إعادة افتتاحه ذكرى غالية لمواطني أبوظبي وجميع الإمارات على حدّ سواء. كما أننا متشوقون إلى إعادة افتتاح المجمع الثقافي الذي لطالما لعب دوراً أساسياً في حياة أبوظبي الاجتماعية. ونتطلع من خلال موقع الحصن إلى تعزيز الإحساس بالمجتمع وإعادة تأسيس موطن للثقافة الإماراتية في جميع أشكالها. إنه المكان المثالي لإحياء ماضينا العريق واستقبال حاضرنا المشرق والتطلع بشغف كبير لرسم مستقبلنا الطموح".
وبدوره قال سيف سعيد غباش وكيل دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي: "بوجود قصر الحصن التاريخي والمجمع الثقافي في الموقع ذاته، سيكون الحصن وجهةً مفتوحة أمام الجميع على مدار العام، سواء بالنسبة للمواطنين والمقيمين ممن يرغبون في معرفة المزيد عن تراثهم، أو لمحبي الفنون والمثقفين ممن يهتمون بتبادل الأفكار ومصادر الإلهام، أو بالنسبة للزوار الساعين لاستكشاف ثقافة أبوظبي. ويتمثل هدفنا الأكبر في إنشاء موطن للإبداع والتعلم والحوار والنقاش، مكان يحتفي بالحضارة الإماراتية العريقة ويواكب نبض حياتها العصرية. لذلك سيكون موقع الحصن ممثلاً لهوية أبوظبي ومكاناً فريداً يحفل بالعديد من التجارب الثقافية والتعليمية".
منطقة الحصن الثقافية
تم تصميم هذه المنطقة بهدف إعادة تقديم "قصر الحصن" كمعلم مشرف على الساحل والصحراء والاحتفاء بأوجه المدينة الحضرية التي برزت عليها الإمارة نتيجةً لمسيرة نموّها المتسارعة، بما يشكل احتفاءً يليق بالتراث الوطني والهوية الإماراتية بين الماضي والحاضر.
وينقسم المخطط الرئيسي لمنطقة "الحصن" إلى منطقتين تتميّز كل منهما بهويتها المختلفة: ففي المنطقة الأولى يبرز التراث القديم من خلال "قصر الحصن"، حيث تم إعادة تصميم المشهد المحيط به، لينسجم مع بيئته الأصلية، فيظهر القصر كمبنى مفرد قائم على سهل رملي يطل على صحراء ساحلية طبيعية، بينما في المنطقة الأخرى يظهر موقع تراثي حديث حول "المجمع الثقافي"، وهو عبارة عن مخطط شبكي للمدينة الحضرية الذي تتخلله إنشاءات وعجائب من صنع الإنسان وتعابير هندسية على شكل أسطح صلبة يُقام تحت سقفها العديد من المعارض والفعاليات.
قصر الحصن
يُعد "قصر الحصن" معلماً تاريخياً عريقاً يزخر بأهمية ثقافية ووطنية كبيرة في أبوظبي، وتشير كلمة "الحصن" إلى الحصن الداخلية التي يرجع تاريخ بنائها إلى عام 1795 تقريباً والتي تحتضن أول مبنى أثري قائم في العاصمة الإماراتية ألا وهو برج المراقبة الذي تم بناؤه من الأحجار البحرية والمرجانية لتوفير الحماية للسكان على الجزيرة خلال ستينيات القرن الثامن عشر، بينما تشير كلمة "قصر" إلى القصر الخارجي الذي تم بناؤه حول محيط الحصن الداخلية خلال حكم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، في فترة الأربعينيات، حيث أصبح مقراً للأسرة الحاكمة ومقراً لمجلس الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان. وانطلاقاً من فترة حكم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، التي حققت فيها الإمارة قفزة اقتصادية هائلة، وتحولت من إمارة تعتمد على تجارة اللآلئ إلى مدينة عالمية تمتلك مخزوناً بترولياً كبيراً، شهد قصر الحصن خلال العقود التالية تغييرات تدريجية على صعيد الشكل والاستخدام، متحولاً من كونه مقراً للسلطة ومسكناً للأسرة الحاكمة إلى صرح تاريخي يشكل القلب النابض لإمارة أبوظبي.
ويطل الحصن الداخلي والقصر الخارجي كشاهدين بارزين على عراقة أبوظبي، ويسردان قصّة هذه المدينة وشعبها بين تاريخها العريق وتراثها المعاصر. وتقدم المعارض الدائمة، التي يحتضنها هذان المعلمان التاريخيان، تجربة رائعة للزوّار تضم العديد من الأنشطة والفعاليات، بما يرفع الوعي حول أهمية وقيمة "قصر الحصن" كصرح تاريخي يعكس باستمرار عراقة أبوظبي، وتروي هذه المعارض حياة الأجيال التي عاشت في القصر الخارجي من الرجال والنساء والأطفال، كما تسبر أغوار مسيرة ترميم وتجديد هذا المعلم التاريخي. وتحتضن هذه المعارض بين أركانها مقتنيات متنوعة بدايةً من المجموعات الفنية مروراً بالمواد الأرشيفية وصولاً إلى الوسائط الصوتية والمرئية والتجارب التفاعلية.
ويشمل البرنامج العام لـ"قصر الحصن" جولات متخصصة في التاريخ والآثار والهندسة المعمارية، إلى جانب سلسلة من تجارب إعادة تصوير الحياة اليومية للأجيال الماضية وطقوس العبور إلى القلعة، بالإضافة إلى برنامج المجلس الذي سيتعرف الزوّار من خلاله على مراسم وتاريخ المجلس، وتتخلل البرنامج العام كذلك سلسلة من الأنشطة المخصصة للأطفال.
المجمع الثقافي
تأسس "المجمع الثقافي" على يد مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في عام 1981، وهو أول مركز ثقافي غير ربحي متعدد الأغراض يحمل رسالة قيّمة تهدف إلى تعزيز جميع أشكال النشاط الفكري والإبداعي. وهو يجسّد رغبة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، المتمثّلة في رفع الوعي الثقافي وغرس قيم الهوية الوطنية في قلوب شباب دولة الإمارات.
وبات "المجمع الثقافي"، بما يضمّه من أول مكتبة وطنية وجناح لفنون عروض الأداء وقاعة معارض وورش عمل فنية، موطناً للثقافة وتبادل المعرفة وصرحاً متميّزاً لإقامة الحوار بين الفنانين والشعراء والمفكرين والأكاديميين، بل وتحوّل إلى مزار مفضل لدى أفراد المجتمع وملتقى للأصدقاء والعائلات. و"المجمع الثقافي" منارة بارزة في المشهد الثقافي المحلي والإقليمي، حيث استضاف المعارض الأولى للعديد من الفنانين المحليين والإقليمين، ما جعله نافذة تتواصل من خلالها أبوظبي مع الأفكار والمجتمعات الأخرى من جميع بقاع الأرض.
وتأتي مناسبة إعادة افتتاح "المجمع الثقافي" المرتقبة عقب سلسلة من أعمال الصيانة والتحديث التي ستثمر عن إطلاق أول مكتبة من نوعها مخصصة للأطفال، بالإضافة إلى معرض مفتوح للفنون المرئية ومساحات عرض داخلية وخارجية ومسرح يتسع لـ900 مشاهد ومسرح مدرج خارجي، بالإضافة إلى مرافق للأنشطة التعليمية والثقافية وورش عمل ومطاعم ومنافذ للأطعمة والمشروبات.
وسيبدأ المجمع الثقافي يوم 7 ديسمبر/كانون الأول المقبل الافتتاح تدريجياً أمام الجمهور من خلال مركز الفنون البصرية المجدد كلياً، الذي يضم قاعتي عرض ومعرضاً خارجياً ومجموعة استوديوهات فنية، وجميعها ستستضيف برنامجاً على مدار العام تتخلله سلسلة من برامج الفنانين المقيمين والاستوديوهات الفنية وغير ذلك من الحوارات والدورات التعليمية وورش العمل الفنية. وسيشهد الافتتاح كذلك استضافة مركز الفنون البصرية إقامة معرض متميز سيرصد تاريخ المجمع كحاضنة للفنانين والمبدعين. وتعزيزاً لدوره، سيقدم المجمع الثقافي برنامجاً شاملاً يقدم منحاً دراسيةً للمنتجين الثقافيين، بهدف دعم وترسيخ الأنشطة الفنية والثقافية في المشهد الثقافي بأبوظبي. ومن المقرر افتتاح المسرح ومكتبة الأطفال خلال عام 2019.
بيت الحرفيين
سيشكل "بيت الحرفيين"، الذي يقع بجوار "قصر الحصن" و"المجمع الثقافي"، محوراً رئيسياً ضمن الجهود الرامية إلى صون ورفع الوعي حول التراث الإماراتي المعنوي. وفي عام 2011، أدرجت منظمة اليونسكو حرفة السدو (النسيج البدوي) ضمن قائمة اليونسكو للصون العاجل للتراث غير المادي، وعليه، يضطلع بيت الحرفيين بدور ريادي في حماية ودعم هذا الموروث الإنساني والمهارات الحرفية القيّمة ودعم ممارسيها.
وبالإضافة إلى دعم الجهود الرامية إلى صون الممارسات والحرف التقليدية في دولة الإمارات، يهدف بيت الحرفيين إلى تمكين عمليات نشر المعرفة والمهارات الخاصة بهذه الحرف ونقلها بين الأجيال، بما يضمن استدامتها في المستقبل. وإلى جانب دوره في إحياء الحرف التقليدية وتعزيز وجودها بين الأنشطة الثقافية المعاصرة، سيقدم بيت الحرفيين حزمة من الدورات التدريبية وورش العمل التعليمية وغير ذلك من الفعاليات العامة.