«إعلان أبوظبي الوزاري».. نجاحات غير مسبوقة تمهد طريقا مزدهرا لتجارة العالم
على مدار 5 أيام متواصلة جمعت الإمارات قادة النظام التجاري العالمي في أنحاء الكوكب لتدشين مرحلة جديدة من التعاون القائم على الاحترام المتبادل للمصالح.
وفي ختام ناجح للمؤتمر الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية الذي عقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، اعتمد المجتمعون "إعلان أبوظبي الوزاري" الذي شهد عدة اختراقات غير مسبوقة، سواء على صعيد الاتفاقيات التي تم التوصل إليها، أو تمهيد الطريق نحو اتفاقيات هامة أخرى في الاجتماعات الوزارية المقبلة.
ورسخ الاجتماع ونتائجه من الدور المحوري الذي تلعبه الإمارات عالميا، باعتبارها دولة مركز تجمع أطراف العالم وترعى الحوارات الحيوية وتحل القضايا المحورية اعتمادا على نهج يعظم الجهود الرامية إلى تحقيق التوافق عبر تقريب الآراء ووجهات النظر المختلفة.
وقد حشد المؤتمر أكثر من 9900 شخص، بينهم ما يقرب من 4000 وزير ومسؤول تجاري رفيع المستوى ومندوبين آخرين من أعضاء ومراقبي منظمة التجارة العالمية البالغ عددهم 164 عضوًا بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني وقطاع الأعمال ووسائل الإعلام العالمية.
وكان من المقرر عقد المؤتمر في البداية في الفترة من 26 إلى 29 فبراير/ شباط، ثم تم تمديده ليوم أخير للتوصل إلى نتائج بشأن مختلف القضايا المطروحة.
الدول النامية.. الرابح الأكبر
ظهرت الدول النامية كرابح أكبر من نتائج اجتماعات المؤتمر الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، وهي رابح معتاد لمعظم الفعاليات الدولية التي استضافتها دولة الإمارات بشكل عام.
فقد نجح "إعلان أبوظبي الوزاري" في تمديد الإعفاء المؤقت من بعض أحكام اتفاق الجوانب التجارية ذات الصلة بحقوق الملكية الفكرية، لتمكين الدول النامية من زيادة قدراتها على زيادة إنتاجها من اللقاحات لمكافحة جائحة كورونا والجوائح المستقبلية.
وكان هذا القرار من بين أبرز الأهداف المأمولة من المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية.
وتمثل قوانين الملكية الفكرية 90% من الحواجز غير الجمركية أمام التجارة، ولذلك سيفيد القرار البلدان الأقل نموا بشكل كبير.
كما جرى تحسين استخدام أحكام المعاملة الخاصة والتفضيلية (S&DT) للبلدان النامية وأقل البلدان نمواً، عبر الاستجابة لتفويض عمره 23 عامًا لمراجعة أحكام المعاملة الخاصة والتفضيلية.
ويستهدف التحسين جعل لاأحكام أكثر دقة وفعالية وقدرة تشغيلية.
ويعد هذا مكسباً للتنمية، ويساعد على تمكين البلدان النامية، وخاصة أقل البلدان نمواً، من الوفاء بالتزاماتها في منظمة التجارة العالمية، وممارسة حقوقها والاندماج بشكل أفضل في التجارة العالمية.
خفض تكاليف التجارة
كما تضمن إعلان أبوظبي الوزاري ضوابط جديدة متعلقة بالتنظيم المحلي للخدمات ما سيؤدي إلى خفض تكاليف التجارة بمليارات الدولارات حول العالم.
والضوابط الجديدة بشأن التنظيم المحلي للخدمات من المتوقع أن تؤدي إلى خفض تكاليف التجارة بما يزيد عن 125 مليار دولار أمريكي في جميع أنحاء العالم.
وبدعم من 72 عضوًا في منظمة التجارة العالمية، تم تصميم هذه المبادرة المشتركة لتسهيل تجارة الخدمات من خلال تبسيط الإجراءات التنظيمية.
ويتضمن هذا الالتزام الأول على الإطلاق في اتفاقية منظمة التجارة العالمية لضمان عدم التمييز بين الرجال والنساء عندما يسعون للحصول على تصاريح لتقديم الخدمات.
تعزيز التجارة الإلكترونية
كما أقر إعلان أبوظبي الوزاري تمديد وقف فرض الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية حتى عقد المؤتمر الوزاري الرابع عشر للمنظمة في عام 2026.
ويعد هذا القرار إنجازا مهما للمؤتمر الوزاري الذي شهد مفاوضات موسعة في عدد من القضايا الرئيسية التي تشكل مستقبل التجارة العالمية.
تسوية النزاعات
أكد إعلان أبوظبي مواصلة المناقشات بشأن إصلاح نظام تسوية المنازعات وصولاً إلى وجود نظام كامل وفعال لتسوية المنازعات ويمكن الوصول إليه لجميع الأعضاء بحلول نهاية عام 2024.
وجاءت هذه النتيجة في ظل تسريع المناقشات بطريقة شاملة وشفافة ما أدى إلى التقدم والعمل على القضايا التي لم يتم حلها، بما في ذلك القضايا المتعلقة بلجنة الاستئناف.
واعتمد الأعضاء قرارًا وزاريًا يعترف بالتقدم المحرز بهدف إنشاء نظام كامل وجيد لتسوية المنازعات متاح لجميع الأعضاء بحلول عام 2024. وأصدروا تعليماتهم للمسؤولين بتسريع المناقشات، والبناء على التقدم المحرز بالفعل، و العمل على القضايا التي لم يتم حلها.
أجندة إصلاح تطلعية
حدد إعلان أبوظبي أجندة إصلاح تطلعية وطموحة، وتضمن عدة قرارات وزارية من شأنها تمهيد الطريق نحو تجارة عالمية أكثر استدامة وازدهارا.
والتزم الأعضاء في إعلان أبو ظبي الوزاري، بالحفاظ على قدرة النظام التجاري متعدد الأطراف وتعزيزه، وفي القلب منه منظمة التجارة العالمية، للاستجابة للتحديات التجارية الحالية.
وأكد الإعلان الوزاري على مركزية البعد التنموي في عمل منظمة التجارة العالمية، مع الاعتراف بالدور الذي يمكن أن يلعبه النظام التجاري متعدد الأطراف في المساهمة في تحقيق خطة الأمم المتحدة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة الخاصة بها.
وأقر الأعضاء بدور الخدمات وأهميتها بالنسبة للاقتصاد العالمي لأنها تولد أكثر من ثلثي الناتج الاقتصادي العالمي وتمثل أكثر من نصف جميع الوظائف.
وشجعوا على مواصلة مراجعة جميع الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19 والبناء عليها وبناء حلول فعالة في حالة الأوبئة المستقبلية بطريقة سريعة.
التنمية المستدامة
وفي سابقة جديدة، شارك الوزراء في محادثات حول كيفية ارتباط التجارة بقضيتين ملحتين تمسان جوهر التحديات السياسية والاقتصادية والبيئية الحالية، وهما التنمية المستدامة والإدماج الاجتماعي والاقتصادي.
واعترف الأعضاء "بالدور الذي يمكن أن تلعبه التجارة ومنظمة التجارة العالمية في تمكين المرأة، وتوسيع الفرص أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم (MSMEs)، وتحقيق التنمية المستدامة في أبعادها: الاقتصادية، والصناعية الاجتماعية والبيئية."
عضويات جديدة
وفي وقت سابق من المؤتمر، وافق الوزراء رسميا على عضوية جزر القمر وتيمور الشرقية في منظمة التجارة العالمية، وهما أول عضوين جديدين منذ ما يقرب من ثماني سنوات.
كما اتفق الأعضاء على قرار وزاري بشأن التدابير الملموسة لتسهيل الطريق إلى الخروج من فئة أقل البلدان نموا. وبالإضافة إلى ذلك، اعتمد الوزراء قرارًا وزاريًا يؤكد من جديد الالتزام ببرنامج العمل الخاص بالاقتصادات الصغيرة.
زخم في اتفاقية مصايد الأسماك
واستمر الزخم للتوصل إلى المرحلة الثانية من اتفاقية دعم مصايد الأسماك، حيث قدمت جنوب أفريقيا صك قبول الاتفاقية قبل اختتام المؤتمر مباشرة.
وفي المجمل وافق 10 أعضاء جدد على اتفاقية مصايد الأسماك، ليصل إجمالي عدد أعضاء منظمة التجارة العالمية الذين قبلوا الاتفاق رسميا إلى 71.
وبذلك، يتبقى موافقة 39 عضوا لضمان دخول الاتفاقية حيز التنفيذ .
وتهدف اتفاقية دعم مصايد الأسماك إلى حظر الإعانات الضارة لمصايد الأسماك للحد من الاستنفاد الواسع النطاق للأرصدة السمكية في العالم.
الزراعة.. نص غير مسبوق
وفيما يتعلق بالزراعة، شهد هذه القطاع مفاوضات مكثفة خلال المؤتمر الوزاري الثالث عشر، وتم التوصل إلى "نص" لأول مرة، ومن المقرر أن يتم استكمال العمل عليه في الاجتماع الوزاري المقبل.
3 مبادرات بيئية
قام مشاركون في المؤتمر برعاية 3 مبادرات بيئية في منظمة التجارة العالمية لتعزيز العمل بشأن التلوث البلاستيكي، والاستدامة البيئية، وإصلاح دعم الوقود الأحفوري.