أهمية خاصة حملها اللقاء التشاوري الأخوي الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي، الأربعاء، بمشاركة عدد من قادة دول الخليج ومصر والأردن.
ويأتي اللقاء تلبية لدعوة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ترجمة لتوجهات القيادة الإماراتية بالعمل على "تعزيز التكامل العربي على أسس جديدة تتسم بالفاعلية والواقعية وتستند إلى المصالح المشتركة وتنطلق من التعاون الاقتصادي والتنموي، وتستهدف، في المقام الأول، رخاء الشعوب وتنميتها".
توافد القادة
ووصل إلى دولة الإمارات، اليوم الأربعاء، سلطان عمان هيثم بن طارق، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني بن الحسين.
وكان في مقدمة مستقبلي القادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، لدى وصولهم مطار الرئاسة في العاصمة أبوظبي.
ويبحث القادة خلال لقائهم الأخوي التشاوري العلاقات الأخوية الراسخة ومختلف جوانب التعاون والتنسيق المشترك التي تخدم الاستقرار والازدهار في المنطقة.
توجيهات حكيمة
لقاء يترجم التوجهات الذي سبق أن أكدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في كلمة وجهها قبل نحو شهر مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الـ51 للدولة.
رسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عبر تلك الكلمة خارطة طريق لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد، حدد فيها مهامَّ محددة وأولويات واضحة ومبادئ سامية لسياسة بلاده الداخلية والخارجية في تلك المرحلة الجديدة.
ضمن تلك المبادئ والأهداف "ستظل دولة الإمارات شريكاً أساسياً وداعماً رئيسياً لكل ما يصنع التقدم والنماء للبشرية، ويعزز من قدرة العالم على مواجهة تحدياته وفي مقدمتها التغير المناخي والأمن الغذائي والأمراض والأوبئة والفقر وغيرها".
أيضا ضمن تلك المبادئ "ستواصل الإمارات دورها المستدام من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم".
كذلك ستواصل الإمارات "تعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية الفاعلة مع مختلف دول العالم لخدمة أهدافها التنموية".
كما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أهمية تعزيز التكامل العربي والخليجي في تلك المرحلة، إلا أنه بيّن أن "تعزيز التكامل العربي سيكون على أسس جديدة".
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: "في ظل التغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، تدرك دولة الإمارات أهمية تعزيز الشراكات العربية - العربية بما يعود بالخير على الشعوب العربية، ويسهم في استثمار الموارد والقدرات العربية من أجل تنمية يستفيد منها الجميع".
وبيّن أن "التحولات في العالم خلال السنوات الأخيرة أكدت أهمية تعزيز جميع مظاهر التعاون الإقليمي بين الدول التي تنتمي إلى منطقة واحدة أو نطاق جغرافي واحد كما هو الحال بالنسبة للدول العربية عامة أو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خاصة؛ حيث تمتلك هذه الدول من إمكانات التقارب والتكامل التي ربما لا تتوفر لغيرها في مناطق العالم الأخرى".
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن "دولة الإمارات تعمل بالتعاون مع أشقائها على تعزيز التكامل العربي على أسس جديدة تتسم بالفاعلية والواقعية، وتستند إلى المصالح المشتركة وتنطلق من التعاون الاقتصادي والتنموي، وتستهدف، في المقام الأول، رخاء الشعوب وتنميتها".
دلالات مهمة
تلك الكلمات تضع قواعد وأسس "اللقاء الأخوي التشاوري"، وهو اسم له العديد من الدلالات أهمها:
- إبراز العلاقات الأخوية بين قادة الدول المشاركة في القمة والرغبة المشتركة في تعزيز التعاون القاون ودفعه للأمام.
- أيضا يعكس رغبة إماراتية في أن يتشاور جميع قادة الدول الفاعلة في المنطقة في وضع قواعد تلك الأسس الجديدة لتعزيز العلاقات، لتكون انطلاقة جديدة للعمل الخليجي العربي المشترك.
توقيت مهم
كذلك تحمل القمة أهمية خاصة من حيث التوقيت، حيث تُعقد فيما تعاني المنطقة والعالم من التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية.
وسيكون أحد أهداف القمة تعزيز التعاون مع اقتصادات الدول الشقيقة والصديقة في هذا التوقيت، بما يستهدف تنمية المجتمعات وتنويع مصادر الدخل ودعم المنظومة الاقتصادية لهذه الدول.
وكان للإمارات ومصر والأردن تجربة تُحتذى في هذا الصدد، بعد توقيع الدول الثلاث في 29 مايو/أيار الماضي اتفاقية لـ"الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة"، التي انضمت البحرين إليها في يوليو/ تموز الماضي.
وتؤمن دولة الإمارات بأن التغيرات التي يشهدها العالم تستدعي تعميق الشراكات الاقتصادية بين دول المنطقة العربية وابتكار صيغ جديدة للتعاون فيما بينها وتعزيز تكاملها واستثمار الميزات النوعية لكل دولة، بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتقوية الاستجابة للتحديات المشتركة والأزمات العالمية وتوسيع الاعتماد على الذات، خاصة في القطاعات الحيوية ذات الصلة بالأمن الوطني مثل الغذاء والصحة والطاقة والصناعة وغيرها.
دعم القضية الفلسطينية
أيضا يعقد اللقاء غداة قمة مصرية أردنية وفلسطينية بالقاهرة أكدت ضرورة دعم السلطة الفلسطينية ورئيسها، وهي قضية يرتقب أن تكون حاضرة أيضا في اللقاء التشاوري الأخوي.
واستضافت القاهرة قمة ثلاثية بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والملك الأردني عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، لبحث تطورات القضية الفلسطينية في ضوء المستجدات الراهنة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والأوضاع الإقليمية والدولية المرتبطة بها.
وأكد القادة على ضرورة الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة، واستمرار جهودهم المشتركة لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم على أساس حل الدولتين، الذي يجسّد الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
وتأتي القمتان بعد نحو أسبوع من استضافة الإمارات أعمال الاجتماع الأول لمجموعات عمل "منتدى النقب"، بحضور مسؤولين من الدول الست الأعضاء بالمنتدى، وهي دولة الإمارات والبحرين ومصر والمغرب والولايات المتحدة وإسرائيل.
ويعد "منتدى النقب" أبرز ثمار الاتفاق الإبراهيمي للسلام الذي وقعته دولة الإمارات وإسرائيل بوساطة أمريكية في 15 سبتمبر/أيلول عام 2020.
وفيما تدفع دولة الإمارات بجهود تعزيز السلام وتعظيم مكاسبه، تواصل جهودها الرائدة في دعم القضية الفلسطينية على مختلف الأصعدة.
وهي الرسالة التي حرص الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي التأكيد عليها من قلب إسرائيل نفسها.
وخلال زيارته لإسرائيل سبتمبر/أيلول الماضي، أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أنه "لا يمكن تحقيق استقرار المنطقة بالكامل إلا بإيجاد حل للقضية الفلسطينية الذي يجب أن يلبي التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة، وستواصل دولة الإمارات دعمها لكافة المبادرات السلمية التي تهدف إلى تحقيق هذه الآمال".
ولطالما أكدت الإمارات أن الاتفاق الإبراهيمي للسلام لا يتعارض مع الجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين.
وأقامت دولة الإمارات علاقات مع إسرائيل، إيمانا منها بأن هذه الخطوة تعطي فرصة لدفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي بقيت راكدة لعقود.