ولي عهد أبوظبي في الهند.. محطة مهمة بمسيرة شراكة استراتيجية متنامية
يبدأ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، الأحد، زيارة رسمية للهند، تعد محطة مهمة جديدة في مسيرة شراكة استراتيجية.
ويلتقي ولي عهد أبوظبي، خلال الزيارة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في العاصمة نيودلهي.
- ولي عهد أبوظبي يبدأ زيارة رسمية إلى الهند الأحد
- الإمارات والهند.. تعاون بنّاء لدعم الازدهار والسلام ومواجهة التحديات
ويبحث مع كبار المسؤولين في الهند، سُبل تعزيز فرص التعاون المشترك في القطاعات الحيوية الاقتصادية المختلفة، والبناء على ما وصلت إليه العلاقات الاستراتيجية من تطور خلال الفترة الماضية، بما يخدم المصالح المشتركة ويعود بالخير والنفع على البلدين وشعبيهما الصديقين.
أهمية خاصة
زيارة تحمل أهمية خاصة لأكثر من سبب:
1- تعد أول زيارة للشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، إلى الهند بعد توليه مهام منصبه كولي عهد أبوظبي في مارس/آذار 2023.
ولا تعد المباحثات المرتقبة بين ولي عهد أبوظبي، ورئيس الوزراء الهندي، هي الأولى بين الجانبين.
فسبق أن التقى الجانبان خلال زيارة رئيس وزراء الهند للإمارات 15 يوليو/تموز 2023، حيث كان الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي في مقدمة مستقبلي ومودعي رئيس وزراء الهند.
ورحب الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان خلال استراحة قصيرة في صالة كبار الزوار بمطار الرئاسة بضيف البلاد وتبادلا الأحاديث الودية التي تجسد عمق العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الصديقين.
2- تعد تلك الزيارة دفعة قوية للشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين ومحطة مهمة في مسيرة العلاقات الثنائية بينهما.
وتمثل الزيارة، خطوة جديدة ومهمة في مسار تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين التي باتت نموذجا دوليا يحتذى في التعاون البناء في المجالات لا سيما التعاون الاقتصادي، وتحفيز الاستثمارات، والتجارة البينية، وتعزيز التنمية المستدامة، ومواجهة تحديات التغير المناخي، ودعم الاستقرار والسلام العالمي.
3- تعد تلك الزيارة هي ثالث زيارة رفيعة المستوى بين البلدين خلال العام الجاري.
وتعكس الزيارات الرسمية المتبادلة بين مسؤولي البلدين، حرصهما على استدامة هذه العلاقات القوية واستثمار كل الفرصة المتاحة لتطويرها وتعزيزها بما يعود بالخير على الشعبين الصديقين.
وقام ناريندرا مودي بزيارة للإمارات فبراير/شباط الماضي، أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات ووقع خلالها البلدان 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في عدة مجالات.
وبحث الزعيمان مختلف جوانب "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" و"الشراكة الاقتصادية الشاملة" بين دولة الإمارات والهند ومسارات تطويرها بما يسهم في استدامة التنمية والازدهار لشعبي البلدين.
كما ألقى مودي كلمة في القمة العالمية للحكومات 2024 التي شاركت فيها بلاده كضيف شرف.
وخلال الزيارة وضع حجر الأساس لمشروع بوابة الهند التجارية "بهارات مارت" والذي يوفر منصّة تجارية عالمية المستوى للمصنّعين والمصدّرين الهنود، تمكنّهم من الوصول إلى الأسواق العالمية، والمقرر افتتاحه في دبي عام 2026.
زيارة رئيس وزراء الهند جاءت بعد شهر من زيارة أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند في يناير/كانون الثاني الماضي، حضر خلالها الدورة العاشرة لقمة غوجارات العالمية النابضة بالحياة، كضيف رئيسي.
وشهد الزعيمان خلال الزيارة تبادل العديد من مذكرات التفاهم حول التعاون الاستثماري.
وتأتي الزيارتين من إجمالي 11 زيارة متبادلة بين الزعيمين، حيث أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان 4 زيارات للهند، في يناير/كانون الثاني 2024، وسبتمبر/أيلول 2023، وفبراير/شباط 2016 ويناير/كانون الثاني 2017.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس وزراء الهند، على هامش مشاركة رئيس الإمارات في قمة العشرين بنيودلهي 9 سبتمبر/أيلول الماضي مسارات تطور التعاون الثنائي خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والطاقة المتجددة والأمن الغذائي والتي تخدم أهداف البلدين لتحقيق الازدهار الاقتصادي المستدام.
وأجرى مودي 4 زيارات للإمارات في عهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي تولى مقاليد الرئاسة في 14 مايو/أيار 2022.
والزيارات الأربع من إجمالي 7 زيارات أجراها المسؤول الهندي للإمارات منذ توليه مهام منصبه عام 2014.
وأجرى رئيس وزراء الهند 7 زيارات لدولة الإمارات في فبراير/شباط 2024، ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، للمشاركة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين “COP28” في دبي، حيث التقى على هامش المؤتمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وأشادت الهند، خلال تلك الزيارة، برئاسة دولة الإمارات لـ"COP28" وقيادتها الناجحة لمؤتمر الأطراف والتوصل إلى "اتفاق الإمارات".
وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وناريندرا مودي إطلاق مبادرة الائتمان الأخضر ضمن فعاليات قمة “COP28”.
كما أجرى مودي زيارات للإمارات في يوليو/تموز 2023، ويونيو/حزيران 2022، وأغسطس/آب 2019، وفبراير/شباط 2018، وأغسطس/آب 2015.
وخلال تلك الزيارات المتبادلة تم تحويل علاقات البلدين من طابعها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي المميز إلى شراكة استراتيجية شاملة تعزز مجال التعاون المشترك لأبعد مدى.
ففي عام 2015، أصبح رئيس الوزراء مودي أول رئيس وزراء للهند يزور دولة الإمارات منذ 34 عاماً.
وأعقب هذه الزيارة، زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الهند في عام 2016، ثم في عام 2017، عندما شارك كضيف شرف في احتفالات يوم الجمهورية الهندية، وتم خلال تلك الزيارة الاتفاق على ارتقاء العلاقة بين الهند والإمارات رسمياً إلى شراكة استراتيجية شاملة.
وخلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لدولة الإمارات في أغسطس/آب 2019، قلده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "وسام زايد"، الذي يعد أعلى وسام تمنحه دولة الإمارات لملوك ورؤساء وقادة الدول، تقديرا لدوره في دعم علاقات الصداقة التاريخية والتعاون الاستراتيجي المشترك الذي يجمع البلدين على الصعد كافة.
أيضا عقد الزعيمان قمة عن بعد في 18 فبراير/شباط 2022 تم خلالها إطلاق خارطة طريق لشراكة مستقبلية بين دولة الإمارات وجمهورية الهند، بما يعزز "الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما".
كما تم خلال تلك القمة توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، لتصبح الهند أول دولة توقع معها دولة الإمارات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.
جني الثمار
4- أيضا تحمل زيارة الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي للهند أهمية خاصة كونها تأتي في مرحلة يجني في البلدان ثمار شراكتهما الاستراتيجية وتعاونهما المتواصل الذي يتعزز في الزيارات المتبادلة.
وقبل أيام شهد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، الافتتاح الرسمي للمعهد الهندي للتكنولوجيا دلهي - أبوظبي، أول فرع خارج الهند في العالم للمؤسسة الهندية العريقة المتخصصة في مجال الأبحاث والتعليم العالي في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ويعد هذا المعهد هو أحد ثمار التعاون المتنامي بين البلدين.
وأُنشئ المعهد بموجب مذكرة تفاهم تم توقيعها بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس وزراء الهند بأبوظبي في يوليو/تموز 2023.
أيضا تأتي الزيارة في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية الإماراتية - الهندية نموا كبيرا منذ دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة حيز التنفيذ في الأول من مايو/أيار 2022.
ونتيجة لذلك، أصبحت دولة الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند لعام 2022-2023، وثاني أكبر وجهة للصادرات الهندية.
وتعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات، حيث ارتفع حجم التجارة الثنائية إلى 85 مليار دولار في الفترة 2022-2023.
وفي النصف الأول من 2024 ارتفعت تجارة الإمارات مع الهند بنسبة 10%، كما زادت الصادرات الإماراتية إلى الهند بنسبة 54.9%،
وأعرب البلدان عن تفاؤلهما بشأن رفع قيمة التجارة الثنائية لتصل إلى 100 مليار دولار قبل مدة من العام المستهدف 2030.
أيضا تتويجا للعلاقات المتنامية بين البلدين، أعلنت "مطارات أبوظبي"، الشركة الرائدة المشغّلة لـ5 مطارات في أبوظبي، 20 أغسطس/آب الماضي عن إطلاق ثلاثة مسارات مباشرة جديدة في الهند، بالتعاون مع خطوط إنديجو.
وستربط المسارات الجديدة مطار زايد الدولي (AUH)، بكل من منجالورو (IXE) وتيروتشيرابالي (TRZ) وكويمباتور (CJB).
نقلة نوعية
وبزيارة الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، للهند، ترتفع الزيارات الرفيعة المستوى بين البلدين إلى 7 زيارات في عهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ومن إجمالي 11 زيارة متبادلة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس وزراء الهند، تم إجراء 6 زيارات في عهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الأمر الذي يبرز النقلة النوعية التي تشهدها العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة.
زيارات متبادلة
وإضافة إلى الزيارات رفيعة المستوى يتبادل كبار المسؤولين في البلدين الزيارات واللقاءات لتعزيز التعاون.
ضمن أحدث تلك الزيارات، أجرى وفد إماراتي برئاسة عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد زيارة إلى الهند، خلال الفترة من 23 حتى 25 يوليو/ تموز الماضي، أجرى خلالها مباحثات عدة لتعزيز التعاون .
جاءت تلك الزيارة بعد شهر من زيارة سوبرامنيام جاي شانكار وزير الشؤون الخارجية الهندي للإمارات يونيو/حزيران الماضي، وإجرائه مباحثات مع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية.
بحث الجانبان علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين والتقدم المحرز في مختلف مسارات التعاون الثنائي في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة والشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وجمهورية الهند.
كما بحث الجانبان التعاون المشترك بين البلدين في إطار المنظمات الدولية وتطرقا إلى مجمل التطورات على الصعيدين الإقليمي والدولي والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
أيضا عقدت دولة الإمارات والهند الدورة الخامسة للجنة القنصلية المشتركة بينهما في نيودلهي مايو/أيار الماضي، بهدف دفع وترسيخ التعاون في جميع المجالات القنصلية المشتركة لرعاية وخدمة مواطني البلدين.
علاقات تاريخية
وتربط دولة الإمارات والهند علاقات تاريخية راسخة بدأت مع تأسيس الدولة عام 1971، فيما تم تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1972.
وزادت قوة العلاقات منذ الزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى الهند عام 1975، والتقى خلالها مع الراحل فخر الدين علي أحمد- رئيس جمهورية الهند آنذاك، والراحلة أنديرا غاندي – رئيسة وزراء الهند آنذاك وشهدت الزيارة التوقيع على الاتفاقية الثقافية بين دولة الإمارات وجمهورية الهند، التي تعد الإطار الأساسي لتعزيز العلاقات الثقافية بين الشعبين الصديقين.
كما زار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الهند في أبريل 1992 وشهدت الزيارة توقيع الاتفاقية الثنائية لتجنب الازدواج الضريبي على الدخل ورأس المال بين البلدين.
وأجرى رئيس الهند الأسبق فخر الدين علي أحمد عام 1976 زيارة رسمية هي الأولى لرئيس هندي للإمارات، أعقبها زيارة لرئيسة وزراء الهند الراحلة أنديرا غاندي عام 1981.
لتتوالى بعدها زيارات متبادلة ساهمت في تعزيز أواصر التعاون، وهو ما تم تتويجه من خلال التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند في يناير/كانون الثاني 2017، ثم إطلاق الرؤية الإماراتية - الهندية المشتركة وتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في فبراير/شباط 2022.
ويتوالى توقيع الاتفاقيات بهدف تعزيز التعاون لتصل إلى أكثر من 96 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم في شتى المجالات.
وشهدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين نموا بوتيرة متسارعة، توج في يونيو/حزيران 2023 بافتتاح قنصلية جديدة لدولة الإمارات في حيدر آباد.
وتعد القنصلية الثالثة لدولة الإمارات في الهند بعد قنصليّتي مومباي وكيرلا، في إطار تعزيز العلاقات المتنامية بين البلدين.
ولا تقوم العلاقات بين الهند ودولة الإمارات على التعاون في المجالات الاقتصادية فحسب، وإنما تتجاوز ذلك إلى تقاسم وجهات النظر حول العديد من الملفات الساخنة في المنطقة والعالم.
وترى دولة الإمارات في الهند صديقا وشريكا استراتيجيا يشاركها في جهود إرساء دعائم الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي عبر قيام البلدين بالتنسيق وتبادل وجهات النظر في أبرز القضايا والتطورات الجيوسياسية في المنطقة والعالم.
وتدعم الإمارات والهند بعضهما البعض في المحافل الدولية، وتعملان على تعزيز التعاون في الكثير من القضايا الدولية مثل التغير المناخي، التنمية المستدامة، والسلام العالمي.