نقلة نوعية في العمل المناخي خلال COP28.. رسائل حاسمة من سلطان الجابر
خلال اجتماع سفراء 50 دولة في وكالة الطاقة الدولية
أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28، ضرورة تحقيق تقدم جذري ونقلة نوعية في العمل المناخي خلال المؤتمر، وذلك لضخامة وتعقيد تحديات تغير المناخ والتداعيات الناجمة عنه التي تهدد العالم بأكمل
جاء ذلك خلال استضافة وكالة الطاقة الدولية في باريس أمس للدكتور سلطان بن أحمد الجابر، في اجتماع طاولة مستديرة خاص لسفراء 50 دولة تشمل مجموعة الاقتصادات النامية ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تتسبب مجتمعةً بـ80% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وفقا لوكالة أنباء الإمارات.
وتستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة مؤتمر الأطراف COP28 في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وفي حديثه لتوضيح مدى تعقيد التحدي، الدكتور سلطان بن أحمد الجابر: "مؤتمر الأطراف القادم سيشهد أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، والتي ستكشف أننا بعيدون عن المسار الصحيح وأننا بحاجة إلى عملية تصحيح جذرية لخفض الانبعاثات بنسبة 43% في الأعوام السبع المقبلة للحفاظ على هدف تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية".
وأضاف: "وفي تلك الأعوام السبع نفسها، سيتجاوز تعداد سكان العالم 8.5 مليار نسمة، وسيصل بحلول عام 2050 إلى 10 مليارات نسمة. وهذا يشير إلى أن تلبية احتياجات العالم المتزايدة من الطاقة، بالتزامن مع خفض الانبعاثات بشكل كبير، هي من أعقد التحديات التي تواجه البشرية على الإطلاق. لذا، فإننا بحاجة ملحّة إلى تحقيق تقدم جذري عبر موضوعات التخفيف، والتكيف، والتمويل المناخي، والخسائر والأضرار".
وجدد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر التأكيد على أولويات مؤتمر COPO28 بشأن التخفيف، حيث دعا شركات النفط والغاز إلى خفض انبعاثاتها، ومساعدة القطاعات الأخرى على القيام بالمثل.
وشدد على ضرورة صياغة وتطبيق تشريعات حكومية لتحفيز إيجاد التقنيات المبتكرة القادرة على تسريع الانتقال في قطاع الطاقة.
وقال: "كما تعلمون، كنت في هيوستن مؤخراً لحضور أسبوع سيرا للطاقة، وهناك أكدت على الدور الحيوي الذي يجب أن يؤديه قطاع الطاقة في خفض انبعاثاته ومساعدة القطاعات الأخرى على خفض انبعاثاتها".
وأضاف: لديّ ثقة بأن قطاع الطاقة يمتلك الدراية والخبرة والموارد اللازمة للمساعدة في تحقيق الانتقال المطلوب في منظومة الطاقة العالمية. وتحقيق هذا الهدف يتطلب مستوىً غير مسبوقٍ من الالتزام والتعاون، فشركات النفط والغاز بحاجة إلى التوافق الكامل على هدف تحقيق الحياد المناخي، كما علينا زيادة الإنتاج من جميع مصادر الطاقة عديمة الانبعاثات والمجدية اقتصادياً.
وأوضح: "نحن بحاجة أيضاً إلى نظم وتشريعات حكومية تساعد في تحفيز السوق للتوسع في تقنية التقاط الكربون وتعزيز كفاءتها، وتطوير سلسلة قيمة الهيدروجين، حيث إن خفض انبعاثات الصناعات كثيفة الانبعاثات غير ممكن دون استخدام هذه التقنيات وغيرها على نطاق واسع".
وأكد أنه: "بفضل رؤية وتوجيه القيادة، تواجه دولة الإمارات التحديات العالمية بثبات وتتعامل معها بتفاؤل وإيجابية، ولا تتهرب من الانتقال في قطاع الطاقة، بل تمضي نحوه بسرعة".
وأضاف: "بدأت دولة الإمارات هذا المسار منذ أكثر من عقدين، ونتيجةً لذلك فإن أكثر من 70% من اقتصادها يعتمد حالياً على قطاعات غير النفط والغاز".
وقال: "لقد أرسى الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ركائز الاستدامة في دولة الإمارات، حيث وجه منذ عقود بوقف حرق الغاز وصون البيئة والحفاظ عليها. والقيادة في دولة الإمارات ماضية في السير على نهجه ورؤيته وتمضي على خطاه لدعم التقدم في العمل المناخي".
وأوضح الدكتور سلطان بن أحمد الجابر ضرورة دعم العمل المناخي بشكل متزامن مع تحقيق النمو الاقتصادي، وتحقيق انتقال عادل ومنصف في قطاع الطاقة يراعي مصالح دول الجنوب العالمي.
وقال: "نحتاج إلى ضمان تحقيق انتقال عادل ومنطقي وتدريجي في قطاع الطاقة، يتيح لجميع دول الجنوب العالمي الحصول على الطاقة بأسعار معقولة. إننا بحاجة إلى نهج واقعي وعملي وتقدمي بحيث يحمي المناخ ويدعم النمو الاقتصادي بشكل متزامن. وعلينا تحديد احتياجات العالم للتوصل إلى خطة عمل شاملة لصالح كوكب الأرض وسكانه".
وأكد أيضاً الحاجة إلى توجيه مزيد من رأس المال نحو دعم الانتقال في قطاع الطاقة وتطوير أداء المؤسسات المالية الدولية والبنوك متعددة الأطراف لضمان عدم إهمال الدول الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ.
وأوضح: "لا يمكن تحقيق هذا التقدم دون توفير تمويل ميسَّر بتكلفة مناسبة، وعلى الدول المتقدمة أن تفي بتعهدها بتقديم 100 مليار دولار، هذا التعهد الذي مضى عليه ما يفوق عقداً من الزمن. وعلينا استخدام كل السبل لتطوير أداء المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف لنتمكن من توفير تمويل ميسَّر، وتقليل المخاطر، وجذب مزيد من الاستثمار من القطاع الخاص".
كما أشار الدكتور سلطان أحمد الجابر إلى الدور الحيوي للتمويل في التكيف مع تداعيات تغير المناخ، وفي تفعيل صندوق معالجة الخسائر والأضرار الذي أعلن عنه في مؤتمر الأطراف السابق COP27، قائلاً: "نحتاج إلى تحقيق الهدف العالمي بشأن التكيف، ومضاعفة التمويل المخصص له، وضمان حماية المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، وصون التنوع البيولوجي، والنظم البيئية الطبيعية الهشة. وفي ما يتعلق بالخسائر والأضرار، فإن القرار الصادر عن مؤتمر الأطراف COP27 واضح، وعلينا البناء على نتائجه بإنشاء وتفعيل صندوق معالجة الخسائر والأضرار".
ولفت إلى أنه إذا قام العالم بالاستثمارات الصحيحة، وبالطريقة الصحيحة، فإن فرص النمو الاقتصادي ستكون كبيرة جداً من خلال اعتماد التكنولوجيا النظيفة.
وأوضح أن الاستفادة من هذه الفرص تحتاج إلى توحيد الهدف وتنسيق الجهود، وقال: "المهمة المقبلة كبيرة جداً، وكذلك هي الفرصة المتاحة لوضع نموذج جديد للتنمية الاقتصادية، وخلق صناعات ووظائف جديدة وأملٍ جديد. لذا، أدعو الجميع إلى التكاتف والتعاون ليكون مؤتمر الأطراف القادم مؤتمر النتائج العمليّة واحتواء الجميع. إننا بحاجة إلى تعاون جميع فئات المجتمع، من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وضمان سيرها في نفس الاتجاه، لأن العالم يتقدم من خلال الشراكة، وليس الانغلاق. لذا سأستغل النصف الأول من هذا العام لمقابلة أكبر عدد ممكن من المعنيين في جميع أنحاء العالم، ولدي قناعة راسخة بقدرتنا المشتركة على تحقيق أكبر تحول جذري في معدلات النمو البشري والازدهار منذ الثورة الصناعية الأولى، إذا عملنا معاً بذكاء، وبدأنا الآن".
وتعليقاً على تصريحات الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، قال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية: "كان من دواعي سرورنا أن نستضيف الدكتور سلطان أحمد الجابر، الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف COP28 لإجراء مناقشة صريحة حول سبل تسريع العمل المناخي".
وأضاف: "لقد شارك في الاجتماع أكثر من 50 دولة من جميع أنحاء العالم، مسؤولة مجتمعةً عن 80% من انبعاثات الكربون العالمية، وآمل أن يكون لديها أكثر من 80% من الحلول".
وأضاف: "نحن على ثقة بأن رئاسة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28 تمثل فرصة حاسمة أمام قطاع النفط والغاز لإظهار قدرته على أداء دور فعال وشفاف في معالجة تغير المناخ. إن إقامة مؤتمر الأطراف COP28 بصورة ناجحة وطموحة في دبي ستسهم في تغيير مستقبل الطاقة والمناخ في العالم إلى الأفضل، وتغيير المصير الاقتصادي للعديد من البلدان المنتجِة للنفط والغاز، ويضع مساراً يبعدها عن الاعتماد المفرط على الهيدروكربونات نحو مستقبل أنظف وأكثر أماناً. وستساعد وكالة الطاقة الدولية في رسم هذا المسار بتقرير خاص سننشره قبل COP28 حول دور منتجي النفط والغاز في الانتقال إلى الحياد المناخي".