خطابات عبدالمهدي.. التمسك بالسلطة يؤجج غضب العراقيين
عراقيون يعتبرون خطاب عبدالمهدي مخيبا لآمال الشعب، الذي كان ينتظر خطة واضحة المعالم لمعالجة الوضع المتأزم
رغم إلقائه 3 خطابات منذ انطلاق المظاهرات بالعراق في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا أن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي لم ينجح في استمالة الشارع نحوه وقيادته نحو الهدوء، بل زاد من حدة الاحتجاجات بإصراره على تمسكه بالسلطة.
وطالب عبدالمهدي خلال اجتماعه مع المحافظين، مساء الثلاثاء، المحتجين العراقيين بإنهاء مظاهراتهم، والتوقف عن قطع الطرق لتحقيق الإصلاحات التي وعدت بها حكومته.
وحذر مما أسماهم ببعض المخربين الذين يرتدون ملابس عسكرية لدفع القوات الأمنية للاشتباك مع المتظاهرين، مشددا على أن "البعض اتخذ المظاهرات درعا بشريا لأغراض التخريب".
وأكد عبدالمهدي، الذي أصدر أمس من الأول، قرارا بقطع خدمات الإنترنت عن كل مناطق العراق باستثناء إقليم كردستان التي تخضع لسلطة حكومة الإقليم حتى إشعار آخر على وجود وسائل عدة للتعبير عن الرأي دون تعطيل الحياة.
ولفت إلى أن تعطيل القطاع النفطي يلحق أضرارا بالغة بالعراق، مضيفا أن البلاد مطالبة بتسديد ديونها للخارج، حسب توقيتات محددة.
"مخيب للآمال"
واعتبر الصحفي العراقي عماد الخزاعي خطاب عبدالمهدي مخيبا لآمال الشعب العراقي.
وتابع الخزاعي في حديث لـ"العين الإخبارية" "كان الشارع ينتظر خارطة طريق من رئيس الوزراء وحكومته، باعتبار أن الشعب أعلن بوضوح عن مطالبه وطموحاته بدولة مستقرة وحرة ذات سيادة، لكن الحقيقة عبدالمهدي خيب آمال الجماهير، وتحدث عن منح مهلة للحكومة، وكأن الموضوع يحتاج إلى مهل وتعديلات دستورية، في وقت يضحي الشباب المتظاهر بأرواحهم من أجل حلّ هذه الحكومة والنظام السياسي الحالي".
وأضاف الخزاعي إلى أن عبدالمهدي بعث أمس برسالتين خلال خطابه، الأول منهما تمثل بتهديد المتظاهرين بقمع أكبر، والثاني أطلق على المتظاهرين صفة المخربين، وهذه الكلمة معروفة لدى العراقيين، حيث أطلقها النظام السابق على العراقيين الذين ثاروا ضد قمعه في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
وأوضح "عبدالمهدي يعيد نفس أدوات ومفردات النظام السابق، ويعيد نفس أسلوب ذلك النظام بالتمسك بالسلطة.. وهذا أمر مؤسف".
وأشار الخزاعي إلى الحجم الذي وصلت إليه التدخلات الإيرانية في العراق "إذ يصدر مرشد النظام الإيراني تصريحات عن الوضع في العراق، وكأنه هو الذي يحكم العراق".
وأردف "خامنئي أكد، الثلاثاء، أن إيران لن تفرط بالنظام السياسي في العراق، على أي أساس يتحدث مسؤول أو قائد في دولة أخرى عن مصير شعب آخر منتفض، له عمقه التاريخي وتطلعاته الخاصة؟ ألم يفهموا أن العراقي لن يقبل أن يكون ذيلا أو ساحة للقوى الأخرى؟".
وارتفعت حدة العنف المستخدم من قبل الحكومة العراقية ومليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران ضد المتظاهرين الأربعاء، عقب خطاب رئيس الوزراء.
واستخدمت المليشيات الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والقنص ضد المتظاهرين، الذين اجتازوا الحواجز الكونكريتية التي نصبتها المليشيات والقوات الأمنية الخاضعة لها على جسر الشهداء وسط بغداد إلى الضفة الأخرى من المدينة.
وكشف مصدر في وزارة الصحة العراقية لـ"العين الإخبارية"، مفضلا عدم ذكر اسمه، "مقتل ٥ متظاهرين برصاص مليشيات الحشد وإصابة العشرات، إثر صدامات شهدتها بغداد بين الجانبين"، لافتا إلى أن أعداد القتلى من المتظاهرين في عموم أنحاء العراق خلال أكثر من شهر من المظاهرات وصلت إلى نحو ٣٠٠ قتيل وأكثر من ١٥ ألف جريح.
من جانبه، قال عدي دلي، عضو اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة الكرامة في العراق لـ"العين الإخبارية" إن "المتظاهرين تجاهلوا خطاب عبدالمهدي واعتبروه يأسا".
وأشار المصدر إلى أن "الخطاب أظهر أن الحكومة تلفظ أنفاسها الأخيرة".
بدوره، شدد الناشط المدني أمجد المالكي من محافظة البصرة جنوب العراق، لـ"العين الإخبارية"، على أن "رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي أثبت خلال خطابه الثالث تمسكه بالسلطة، وخلَقَ أعذارا واهية، ولم يقدم أي حلول، وحمّل الخطأ الذي ارتكبته القوات الأمنية لجهات مجهولة تارة وللمتظاهرين تارة أخرى، خطابه كان سلطويا جدا"، معتبرا أن عبدالمهدي لم يقدم ما يقود الشارع نحو التهدئة.