دراسة فرنسية: المصريون القدماء استخدموا نظامًا متقدمًا لبناء الأهرامات

هل استخدم الفراعنة التكنولوجيا الهيدروليكية لرفع الحجارة؟ دراسة فرنسية تكشف سرًّا هندسيًا مذهلًا وراء بناء الأهرامات.
على مدى قرون، حيّرت الأهرامات المصرية عقول المؤرخين والعلماء؛ كيف تمكّن المصريون القدماء من تشييد هذه الصروح العملاقة دون أدوات العصر الحديث؟ اليوم، تقلب دراسة فرنسية حديثة المفاهيم السائدة رأسًا على عقب، بعدما كشفت عن احتمال استخدام الفراعنة نظامًا هندسيًا متقدّمًا يعتمد على الطاقة الهيدروليكية لرفع كتل الحجارة الضخمة وبناء أول هرم حجري في التاريخ: هرم زوسر المدرج في سقارة. هذه الفرضية الثورية قد تعيد كتابة قصة واحدة من أعظم الإنجازات المعمارية في التاريخ البشري.
تُعدّ عملية بناء الأهرامات معجزة بحد ذاتها. فكيف تمكّن المصريون القدماء، بالإمكانات المتوفرة في ذلك الزمن، من تشييد مثل هذه الصروح الهائلة؟ من بين هذه الأهرامات، تثير "الهرم المدرج" للملك "زوسر" في منطقة سقارة اهتمامًا خاصًا.
إذ بُني قبل نحو 4650 عامًا، ويتكوّن من ست طبقات حجرية، وهو أول هيكل بهذا الحجم يتم تشييده بالكامل من كتل حجرية منحوتة. ويُعدّ مميزًا بارتفاعه البالغ 62 مترًا، واحتوائه على نحو 11 مليون حجر وُضعت جميعها بدقة متماثلة ومدروسة، بحسب موقع "لينترنوت" الفرنسي.
وقد أجرت مجموعة من الباحثين، يقودها الفرنسي زافييه لاندرو، الباحث في لجنة الطاقة الذرية والطاقات البديلة ورئيس معهد الأبحاث في التكنولوجيا القديمة، دراسة متعمقة لكشف أسرار بناء هذا الهرم. واعتمدت نتائج الدراسة، التي نُشرت في مجلة Plos One، على تقاطع بيانات من تقارير تنقيبات أثرية مع صور ملتقطة عبر الأقمار الصناعية.
وبحسب الدراسة، فإن السر وراء هذا الإنجاز الهندسي يكمن في نظام استخدم الطاقة الهيدروليكية. فقد تكون البنية المجاورة للهرم، والمعروفة باسم "سور جيزر المدور" (Gisr el-Mudir)، قد استُخدمت كـ"سد احتجاز" للمياه والرسوبيات. ويُعتقد أن حفرة عميقة استُغلت لاحقًا لتنقية المياه القادمة من فيضانات نهر النيل السنوية، حيث تم التحكم بجودة المياه وتنظيم تدفقها.
وبعد إزالة الرواسب، استُخدمت هذه المياه لإنشاء ما يُشبه "رافعة هيدروليكية". فالبئران الموجودتان في القسمين الجنوبي والشمالي داخل الهرم ربما تم ملؤهما بهذه المياه، ما سهل رفع الحجارة بأقل مجهود ممكن، ومكّن من تشييد الهرم من الداخل نحو الأعلى. وقد وصف الباحثون هذه التقنية بأنها أشبه بـ"بناء بركاني"، حيث تعمل قوة ضغط المياه على دفع الحجارة نحو الأعلى.
وقال كزافييه لاندرو:" كانت هذه المنشآت مترابطة ضمن نظام موحد يهدف إلى التحكم في جودة المياه وتنظيم تدفقها لأغراض محددة. فرضيتنا هي أن المياه التي تم التحكم بها بهذه الطريقة، استُخدمت لتشغيل آلية رفع، مما خفف بشكل كبير من الجهد البشري اللازم للبناء".
ورغم أن فرضية استخدام المنحدرات والزلاجات لا تزال قائمة، فإن هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة حول إمكانية استغلال الطاقة الهيدروليكية في تشييد الهياكل الضخمة التي تركها الفراعنة. لكن الأمر ما زال بحاجة إلى المزيد من الدراسات لإثبات وجود مثل هذه التكنولوجيا في تلك الحقبة الزمنية.
ويخطط الفريق البحثي لمواصلة دراسته في مواقع أثرية أخرى، على أمل العثور على آثار مماثلة لنظم هيدروليكية. وإذا تأكد وجودها، فسيكون ذلك دليلاً جديدًا على أن المصريين القدماء كانوا أكثر تقدمًا مما يُعتقد، سواء من الناحية التقنية أو العلمية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI1IA==
جزيرة ام اند امز