مستشار رئيس الصومال يعدد لـ"العين الإخبارية" ثمار الحرب على الإرهاب سياسيا واقتصاديا (حوار)
تدخل الصومال المرحلة الثانية من الحرب على حركة الشباب الإرهابية، في ظل مقاربة اقتصادية للتضييق على وصول التمويل للعناصر المتطرفة.
"العين الإخبارية" التقت على هامش "المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم" المُقام في العاصمة الموريتانية نواكشوط، مستشار الرئيس الصومالي لشؤون الاقتصاد محمد عثمان محمود، وأدلى بحديث مستفيض حول استراتيجية بلاده لمكافحة الإرهاب، ومقارباتها في مجال السياسة الخارجية، والإصلاحات الاقتصادية، وخطوات ترسيخ الاستقرار الداخلي.
* ماذا حققت الحكومة الصومالية في حربها على الإرهاب بعد 7 أشهر من إعادة انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود؟
إنها "انتفاضة شعبية"، فقد شنت الحكومة الصومالية وقواتنا المسلحة الوطنية بقيادة الرئيس حسن شيخ محمود حربا على الإرهابيين من جميع النواحي، بما في ذلك المالية. هذه المرة، قواتنا المسلحة والشعب في طليعة النصر.
على الصعيد المالي، شنت الحكومة أكبر هجوم ضد جماعة الشباب المتطرفة منذ أكثر من عقد، وأعلنت الحكومة الصومالية الأسبوع الماضي مصادرة 250 حسابا مصرفيا و70 هاتفا محمولا استخدمها المسلحون لتحويل الأموال.
بالإضافة إلى إغلاق الحسابات المصرفية وحسابات الأموال عبر الهاتف المحمول واعتقال الأشخاص الذين يجلبون الأموال إلى المكاتب المالية لحركة الشباب، فقد لجأت الحكومة الصومالية أيضا إلى ملاحقة مصادر دخل الشباب لتعطيل ماليات الجماعة، والتي تضمنت ابتزاز الشركات وتحصيل الضرائب في المناطق التي تسيطر عليها، وتهريب الفحم والسلع الأخرى، والانخراط في الصيد غير المشروع في المياه الصومالية، وكلها تدر عائدات كبيرة للجماعة.
بعد فترة وجيزة من انتخابه رئيساً العام الماضي، أعلن الرئيس حسن شيخ محمود "حربا شاملة" ضد المسلحين.
ساعدت القوات المسلحة ومقاتلو العشائر المحلية الحكومة في تحقيق انتصارات عسكرية، واستعادة بلدات وقرى في غالمودوغ وهيرشابيل التي سيطر عليها المسلحون منذ سنوات، ما يعني أن المرحلة الثانية تبدأ وهي تحرير ولايتي الجنوب الغربي وجوبالاند مناطق تحت سيطرة الإرهابيين.
- ما هي استراتيجية الحكومة الصومالية لفرض الاستقرار في المناطق المحررة؟
في جميع المناطق المحررة لدى الحكومة برامج لتحقيق الاستقرار والتعافي السريع، وتهدف برامج تحقيق الاستقرار إلى استعادة القانون والنظام فورا، ونشر قوات الشرطة والوحدات الإدارية، واستعادة البنية التحتية التي دمرتها المجموعة الإرهابية بالكامل، حتى الآن تمكنت الحكومة من استعادة جميع مصادر المياه المدمرة وتوفير الوصول للمجتمعات لتلقي المساعدات الإنسانية والإنمائية بالكامل.
لذلك، فإن الحكومة ملتزمة تماما بترميم المناطق المستعادة حديثا والوصول إليها بمساعدة فورية، هذه هي المجتمعات التي تم عزلها وحظرها تماما لأكثر من 10 سنوات -10 إلى 15 عاما- والأهم من ذلك تقوم القوات المسلحة فورا بإصلاح البنية التحتية للمياه التي دمرها المسلحون.
يواجه الناس في المناطق المحررة انعدام الأمن الغذائي والجفاف وخطر المجاعة، وأعتقد أن هذه هي النقطة الحاسمة التي يجب أن تنتصر فيها حكومتنا عسكريا ليس فقط على تلك المناطق، ولكن أيضا تضمن أن المواطنين في تلك المناطق يعتقدون أنهم استعادوا حريتهم، وأن لديهم حكومة تحمي مصالحهم، وتوفر لهم ما يحتاجون إليه.
وهذا ما يحدث الآن، وأنا أدعو المجتمع الدولي، خاصة العالمين العربي والإسلامي، إلى تولي زمام المبادرة في مساعدة الصومال والانضمام إلى بقية الشركاء الدوليين للحصول على عودة كاملة من الصومال بعد عقود الحروب والكوارث الطبيعية.
- العمليات العسكرية ركزت على المديريات التي كانت تدر موارد اقتصادية كبيرة لحركة الشباب الإرهابية، كيف تريد الحكومة التعامل مع المناطق لرفع نمو الدخل المحلي؟
لقد حقق الإرهابيون الكثير من المكاسب المالية والاقتصادية من بعض المناطق التي تم تحريرها، ولكن الآن بعد أن استعادت الحكومة السيطرة ستعمل مع السلطات على مستوى الدولة للتأكد من أنه كجزء من الإصلاحات المالية والاقتصادية، يتم الآن استخدام المصادر المالية للجماعات لكسب المال من أجل التنمية الاقتصادية وتطوير البنية التحتية، المساعدات الإنسانية، والصحة، والتعليم، والخدمات الاجتماعية بشكل عام.
- حركة الشباب خسرت خلال الحملة العسكرية الأخيرة منافذ بحرية كانت في قبضتها منذ ٢٠١٢، ما هي الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لذلك؟
الصومال على وجه الخصوص جزء لا يتجزأ من الأمن القومي والمصالح الاقتصادية للعالم، والأهم من ذلك دول الجوار الأفريقي والدول العربية.
بينما لا يمكنني التحدث عن القطاع الأمني، الذي لديه المزيد من التفاصيل حول الموضوعات الحساسة المتعلقة بالجرائم التي كانت تحدث على الأرض، فمن الواضح أن المناطق المحررة حديثا هي جزء لا يتجزأ من توسيع وتوسيع نطاق التواصل والتغطية حكومة الصومال في جميع أنحاء أراضيها.
فمثلا تحرير حررطيري، المدينة التي ولد فيها قادة صوماليون عظماء وآباء مؤسسون، والواقعة على طريق تجاري رئيسي وطريق بحري رئيسي، ستكون بلا جدال مصدرًا مهمًا للدخل والإيرادات للصومال، إنها مدينة ساحلية رئيسية تتمتع بإمكانية الوصول البحري، مما سيحد من التجارة غير المشروعة والجريمة المنظمة.
ومع تحرير المزيد من المناطق قامت أجهزة إنفاذ القانون والجيش وحكومات المقاطعات بوضع برامج لوقف تهريب الأسلحة الصغيرة والخفيفة والمخدرات.
من حيث الديناميكيات السياسية، ليس حررطيري فحسب، بل جميع المدن التي نحررها، والمناطق اللاحقة التي سيتم تحريرها، سيكون لها أهمية سياسية واقتصادية، نحن نعمل على جعل الصومال يتجه نحو نظام انتخابي بالاقتراع العام على أساس مبدأ "شخص واحد، صوت واحد"، حيث سيصوت الناس، مما يعني أن مثل هذه الانتخابات يجب أن تكون في سيطرة كاملة على البلد بأكمله.
تعمل الحكومة على الدستور، ومن المطلوب الآن إجراء استفتاء، حتى يكون الدستور ساريا، وهذا يعني أنه كلما زاد عدد المناطق التي قمنا بتحريرها زاد عدد المناطق التي لدينا فيها القانون والنظام، فضلاً عن الفرصة لشعبنا للتعبير عن حقوقه وإبداء الرأي في الدستور، إلى جانب الدستور والانتخابات، نحتاج أيضا إلى إجراء تعدادات وطنية، التعداد العام للسكان والمساكن والتي تتطلب الاستعدادات والوصول الكامل إلى البلد بأكمله.
لذا، فإن تحرير هذه المناطق يعني القضاء على جميع أشكال الجريمة والاتجار، وكذلك استخدام أرضنا وبحرنا كملاذ آمن للمجرمين.
وهذا يبرز حقيقة أن الصومال الآن في مهمة "ما بعد الصراع وما بعد الإرهاب"، والتي تستلزم إعادة بناء البنية التحتية واستعادة الخدمات الاجتماعية.
وهنا يلعب المجلس الاقتصادي الوطني دورا رئيسيا في كل من حرب ما بعد الإرهاب وما بعد الإعفاء من الديون، ومهمتنا هي أن يكون لدينا رؤية مئوية لعام 2060 ستوجه خطط واستراتيجيات التنمية للإدارات الحالية والمستقبلية.
- في سعي الصومال حاليا التخلص من ديونه الخارجية ما أهمية استكمال مسار إعفاء الديون وجلب الاستثمارات؟
نحن ملتزمون بإحراز تقدم مطرد في الإصلاحات ونحن على يقين من أن الصومال ستنهي عملية الإعفاء من الديون في ظل المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون ("هيبيك") بحلول نهاية عام 2023. وهذا من شأنه أن يقلل ديون الصومال من 5.2 مليار دولار إلى حوالي 550 مليون دولار.
إن وصول الصومال إلى نقطة الإنجاز أمر بالغ الأهمية، وبمجرد أن يصل بلد ما إلى نقطة الإنجاز، فإنه سيحصل على إعفاء كامل من الديون ملتزم به.
إنه معلم تاريخي سيساعد الحكومة الصومالية على تطبيع علاقاتها مع المؤسسات المالية الدولية، والتي ستوفر، إلى جانب الجهات المانحة الثنائية والمتعددة الأطراف التقليدية، موارد المنح التي تشتد الحاجة إليها من أجل التنمية.
يمكن للحكومة الصومالية استخدام هذه الأموال الجديدة للاستثمار في أولويات السياسة الرئيسية مثل البنية التحتية للزراعة والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك والتكيف مع تغير المناخ، والنقل والنفط والغاز، سيساعد هذا الاقتصاد على النمو، والحد من الفقر، وضمان النمو على المدى الطويل.
نقطة الإنجاز مهمة؛ لأن الصومال لم يعد يمثل اضطرابات مدنية وسياسية. تعافت الصومال بعد 30 عاما، يمكن للصومال العودة إلى الاقتصاد العالمي بفضل تخفيف الديون.
إن تخفيف ديون الصومال سيمنح القطاع الخاص والمستثمرين الدوليين الثقة التي يحتاجون إليها للاستثمار في اقتصاد البلاد.
تعتبر نقاط القرار أكثر أهمية، بسبب تحسين الحوكمة والانفتاح في برامج الصومال، التي يديرها صندوق النقد الدولي ويشرف عليها.
على الرغم من أن الصومال يمر بفترة من الهشاشة، إلا أن إصلاحات صندوق النقد الدولي في الصومال، مثل تسجيل جميع أفراد الأمن بشكل بيولوجي، ودفع رواتب موظفي الخدمة المدنية مباشرة في حساباتهم المصرفية في الوقت المحدد، ومحاربة الفساد في القطاع العام، قد حازت ثقة الصوماليين وبقية العالم.
- الصومال يسعى إلى انضمام مجموعة شرق أفريقيا الاقتصادية. ماذا تحقق في سبيل ذلك؟
في الواقع، جددت الصومال محاولتها للانضمام إلى مجموعة شرق أفريقيا الاقتصادية (EAC). من الواضح أنه على الرغم من عدم كونها جزءًا من مجموعة في الوقت الحاضر، فإن جميع الدول الشريكة في المجموعة تتعامل مع الصومال.
يسعدني أن رئيسنا حث المجموعة على الإسراع في عضوية الصومال. كما عين الرئيس الدكتور عبدالسلام حدلية عمر مبعوثه الخاص لجماعة شرق أفريقيا.
كان الأمن سببا كبيرا لعدم تمكن الصومال من الانضمام إلى المجموعة. ومع ذلك فإن معدل تحرير البلاد واستقرارها الآن يمنحنا الثقة الكاملة في أن الدول الصديقة لنا في هذه الكتلة التجارية ستكون متحمسة للترحيب بالصومال كعضو ثامن.
اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، يجب أن تنضم الصومال إلى شرق أفريقيا، سيؤدي ذلك إلى تعزيز التجارة داخل المنطقة من خلال تسهيل دخول الدول الشريكة الأخرى إلى السوق.
الصومال عضو في المجموعات الإقليمية الأفريقية الأخرى مثل السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) وإيجاد.
الصومال لديه أطول خط ساحلي وطني في أفريقيا، وموارد بحرية وفيرة، ومجتمع ريادي حيوي يمكن أن يعزز اقتصاد المنطقة.
الانضمام إلى المجموعة يوفر للصومال وصولاً متزايدًا إلى الأسواق، تسعى المجموعة إلى تحسين التكامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي بين الدول الأعضاء، وتحسين نوعية الحياة في EAC.
تحسين التعاون الأمني؛ الأمن هو قضية أخرى واجهتها الصومال تقليديا، ولكن مع التحرير الأمني الأخير والمخطط له والإصلاح الشامل لقطاع الأمن، فإن عضويتنا في المجموعة ستخلق روابط أوثق لتعزيز التعاون الأمني، وفي الواقع، فإن ثلاثة من أعضاء المجموعة السبعة الحاليين هم جزء من بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS)، المعروفة سابقًا باسم بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم)، وهي بعثة لحفظ السلام يديرها الاتحاد الأفريقي في الصومال.
- البطالة في صفوف الشباب ثغرة تستغلها التنظيمات المتشددة لتجنيد الصوماليين، ما خطة الحكومة لسدها؟
في الواقع، يشكل الشباب غالبية سكاننا، ونحن نعتبره رأس مال غني بالموارد، وإذا تم إهماله فهو تهديد رئيسي للأمن القومي. استجابة لمشاكل شبابنا، مثل التعرض للتجنيد في الجيش أو للقيام بأنشطة إجرامية، فإن الهجرة تعرض حياتهم للخطر في أثناء عبورهم الصحراء الكبرى للعثور على عمل في الغرب.
الصومال لديه سياسة وطنية للشباب، أطلقتها الإدارة الحالية بقيادة الرئيس حسن شيخ محمود، وهي برنامج للشباب تحت عنوان "المبادرة الوطنية لتنمية الشباب" لإعطاء الشباب الصومالي ملكية ودورًا مهمًا في إعادة بناء الصومال. تتناول الخطة الحالية التحديات التي تواجه تنمية الشباب والقضايا العديدة التي يواجهها الشباب الصومالي، مثل البطالة، ونقص التعليم، وانعدام الأمن والتطرف.
طبعا هذا يتطلب قيادة كاملة من حكومتنا والشعب الصومالي. ومع ذلك لا يمكننا القيام بذلك دون دعم شركائنا الدوليين والدول الصديقة، الذين ندعوهم إلى دعم المبادرة التي أطلقها الرئيس بعد انتخابه في مايو/أيار الماضي، مباشرة، والتي تظهر أولوية الشباب للرئيس.
- ما هي سياسات الحكومة لرفع نمو الدخل المحلي والاستغناء عن الاستناد الشبه الكلي للمساعدات خارجية؟
وفقًا للبنك الدولي، منذ عام 2012، زادت الإيرادات المحلية للصومال، وبالفعل تريد الصومال نسبة ضريبة بنسبة 15% إلى الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل.
الحقيقة أن الصومال لديه أقل إيرادات ضريبية في أفريقيا بنسبة 4.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. على الرغم من أننا نحقق تقدمًا ثابتًا في تحقيق الاستقرار وإضفاء الشرعية وتحسين استراتيجيتنا لكسب المال في الداخل، إلا أننا ما زلنا نريد أن تنجح الإصلاحات.
تشمل الإصلاحات تعزيز الجمارك والإيرادات الداخلية، وتعمل الحكومة، بدعم من مجموعة البنك الدولي، على بناء قدرات تعبئة الإيرادات المحلية لإدارات الجمارك والإيرادات الداخلية لتمويل ميزانيتنا بشكل عام وتقليل الاعتماد الحالي على المساعدات للبنية التحتية، واحتياجات تقديم الخدمات العامة.
كجزء من الإيرادات المحلية المتزايدة، أنشأنا، بدعم من البنك الدولي، منصة الاجتماعات الفنية للمنتدى المالي الحكومي التي أتاحت إجراء حوار سياسي رفيع المستوى بين الحكومة الفيدرالية والدول الأعضاء منذ عام 2019. في عام 2021، جمع أول حوار جمركي رفيع المستوى "لكامل الصومال" الإيرادات الداخلية وجميع الدول الأعضاء الخمس. توصلت الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات إلى جدول تعريف جديد، وساعدت النجاحات الصومال على تلبية متطلبات تخفيف ديون البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.