من فيتنام إلى أفغانستان.. "الرياح المتكررة" تحمل بايدن إلى نيكسون
ألحّ الصحفيون الأمريكيون مرارا على مسؤولي الولايات المتحدة، لعقد مقارنة بين الانسحاب من أفغانستان وفيتنام، الأمر الذي قوبل بالرفض.
فلاذ الرئيس الأمريكي جو بايدن برفض المقارنة، خلال مؤتمر صحفي شهر يوليو/حزيران الماضي، وتبعه وزير خارجيته أنتوني بلينكن، هذا الشهر، لكن ذلك كان قبل انتشار مشاهد سقوط كابول.
بلينكن في رفضه المقارنة بين انسحاب الأمريكيين من أفغانستان 2021 ومن فيتنام عام 1975، رأى أن الحدثان لا تشابه بينهما، وأن الوضع في كابول الآن يختلف عما جرى في سايجون الفيتنامية.
أما بايدن الذي كان شاهدا على الانسحاب من فيتنام قبل ما يقرب من نصف قرن، رأى أن عقد المقارنة غير وارد، مستدلا بما كان عليه الوضع بالنسبة لقوات فيتنام الشمالية، التي كانت برأيه أقوى بكثير من قوات طالبان، من حيث القدرات العسكرية.
وتعهد بايدن بثقة بأن الناس لن يشاهدوا إجلاء الرعايا الأمريكيّين فوق أسطح السفارة الأمريكية بكابول، كما حدث خلال السبعينات في سايجون، عندما لم يفِ الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون بوعده في تنظيم عملية إخلاء آمنة، لرعايا واشنطن والموالين لها.
بيد أن بايدن استعجل قليلا -فيما يبدو- لرفض المقارنة، فقد انتشرت صور، على مواقع التواصل الاجتماعي من كابول، شبيهة بتلك التي وثقتها الكاميرات في سايجون.
ففي سايجون العاصمة السابقة لجمهورية فيتنام الجنوبية التي سقطت بعد عملية إجلاء للمسؤولين والقوات الأمريكية، كانت القوة العددية مع الشطر الشمالي المتمرد على واشنطن غير متكافئة، وهو ما اضطر الأمريكيين حينها لترك الآلاف يواجهون مصيرهم بأنفسهم.
وتنبئ المشاهد التي وثقت بعد سيطرة طالبان، في مطار كابول، كيف واجه الأفغان أيضا مصيرهم، وهم يتعلقون بالطائرات الأمريكية، بحثا عن إجلاء يقيهم مصير مجهولا في ظل الحركة العائدة للحكم بعد فراق عشرين عاما.
نعم. لم يشاهد دبلوماسيون أمريكيون فوق أسطح السفارة في كابول ينتظرون الإجلاء، لكن المقر الدبلوماسي بقي معزولا ومغلقا، على بعد أمتار من القصر الرئاسي الذي احتله قادة طالبان.
ورغم إطلاق الولايات المتحدة على عملية الإجلاء في سايجون "الفاشلة" لأكثر من 7 آلاف مدني فيتنامي اسم "الرياح المتكررة"، إلا أن أي عملية لم تنطلق لإنقاذ الأفغانيّين الذين تجمهروا في مطار حامد كرزاي، وسقط بينهم قتلى برصاص أمريكي أو تدافع من الهلع، حسب الروايات المتداولة.
وبالفعل أعلن الأمريكيون إرسال 6000 جندي لإجلاء حوالي 30 ألف دبلوماسي أمريكي ومدني أفغاني تعاونوا مع الولايات المتحدة ويخشون من انتقام طالبان، لكنّ تسارع الأحداث ربما حال دون تنفيذ الأمر كما خطط له.
وفي رفض للاستجابة لطلب السفارة الأمريكية في كابول من الأفغان "عدم التوجه إلى المطار، تدفق الآلاف منهم هناك، حتى ممن لم يعملوا مطلقًا مع الأمريكيين وليست لديهم فرصة للحصول على تأشيرة على هذا الأساس.
وبين كابول وسايجون تكون إدارة الولايات المتحدة، قد أخطأت التقدير للمرة الثانية، وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC4xNzIg جزيرة ام اند امز