"الهروب الكبير" من طالبان.. آلاف الأفغان يهرولون نحو السفر
تزحف حركة طالبان المتطرفة شيئا فشيئا على أراضي أفغانستان، مستغلة انسحابا سريعا لقوات حلف شمال الأطلسي "ناتو"، ما يخلق حالة من الرعب.
حالة الرعب وعدم اليقين دفعت آلاف الأفغان إلى سلك طريق السفر للخارج، أملا في فرصة للنجاة من جحيم سقوط البلاد مجددا في قبضة طالبان.
ووفق مراسل صحيفة "بيلد" الألمانية في أفغانستان، يتردد 8 آلاف شخص يوميا على هيئة الجوازات الأفغانية في كابول، في وقت بات فيه جواز السفر فرصة النجاة الوحيدة.
ويتوافد آلاف الأفغان إلى الهيئة الحكومية في وقت مبكر جدا، وبالتحديد في الثانية فجرا لتأمين موقع متقدم في الطوابير، ثم ينتظرون 12 ساعة، وأحيانًا أكثر من ذلك، لتحقيق هدف التقديم على جواز سفر.
وبحلول الثامنة صباحا كل يوم يفتح المكتب أبوابه لاستقبال آلاف الأفغان المنتظرين بالفعل منذ ساعات الفجر، وتنتشر القوات الحكومية المدججة بالسلاج لحراسة الشوارع المؤدية إلى المقر الذي يتم فيه تسليم وثائق السفر، وسط الحر الشديد.
ووسط فوضى وزحام وحر، ينادي الموظفون على المتقدمين اسما اسما باستخدام الميكرفون في عملية روتينية تشمل التحقق من المستندات واستكمال الطلبات، أو تسليم الجوازات لمن أنهوا من الإجراءات.
وقالت "بيلد": "ما نراه في مكتب الجوازات هذه الأيام هو انعكاس للموت والكآبة في البلاد"، مضيفة "الذعر من طالبان هو الذي يدفع الكثيرين إلى الهرب".
وقالت فصيلة "20 عاما" لصحيفة بيلد، "أريد جواز سفر لمغادرة البلاد.. الحرب قاسية وطالبان تواصل القتل"، مضيفة "كيف يفترض أن أعيش هنا؟ أود الذهاب إلى ألمانيا في أسرع وقت ممكن".
فيما قال محمود "20 عاما"، "أنا هنا لتجديد جواز سفري، أخشى على حياتي"، مضيفا "الوضع الأمني كارثي. أريد أن أذهب إلى تركيا أولاً، ومنها إلى ألمانيا".
ونقلت الصحيفة عن رئيس مكتب الجوازات: "العديد من الأفغان من المناطق الريفية ليس لديهم جواز سفر، خاصة في القرى التي حكمتها طالبان"، مضيفا "الناس تريد حماية نفسها والاستعداد للطوارئ".
ويتزاحم الأفغان على مكتب الجوازات هذه الأيام بصورة غير طبيعية، بعد وقوع اشتباكات على الحدود البرية الأفغانية الإيرانية، والإيرانية التركية في الأيام الماضية، وهي الطرق الأساسية التي يسلكها الناس للخروج من أفغانستان ويدفعون آلاف اليوروهات لأجل ذلك.
وقال مسؤولون إن قوات الأمن التركية اعتقلت ما يقرب من 1500 لاجئ، معظمهم من الأفغان، بالقرب من الحدود الجنوبية الشرقية مع إيران في الأسبوع الماضي، وسط تصاعد العنف في أفغانستان.
وأظهرت لقطات فيديو مجموعات كبيرة من اللاجئين في المنطقة الحدودية، على الرغم من أن الحكومة التركية تقول إن العدد لم يرتفع بعد.
وكثفت طالبان من وتيرة سيطرتها على الأراضي في الأسابيع الأخيرة، واستولت على معابر حدودية استراتيجية وتهدد عددًا من عواصم المقاطعات، مع مغادرة آخر جنود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أفغانستان.
وكان الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة قد ذكر في مؤتمر صحفي في البنتاجون، إن طالبان لديها "زخم استراتيجي"، ولم يستبعد سيطرة طالبان الكاملة، لكنه قال إن ذلك ليس حتميا. وقال "لا أعتقد أن الستار قد أسدل بعد".
أثارت انتصارات طالبان ما قامت به الحركة قبل 20 عاما أثناء وجودها بالسلطة، عندما فرضوا نمطا متشددا من الإسلام حرم الفتيات من التعليم ومنع النساء من العمل، مما أثار مخاوف لدى الكثيرين من عودتها.
وتقدم آلاف الأفغان للحصول على تأشيرات لمغادرة أفغانستان، خوفا من الانحدار العنيف إلى الفوضى، مع اكتمال انسحاب الولايات المتحدة والناتو بنسبة تزيد على 95%، ومن المقرر أن ينتهي بحلول 31 أغسطس/آب.