من العراق إلى أفغانستان.. بايدن يعول على حلول السماء بعد ترك الأرض
يبدو أن واشنطن أدركت خطورة خلق الفراغ في بؤر التوتر، بعد أن بدأت تنظيمات إرهابية مختلفة التوجهات والولاءات، استغلال الفرصة.
فالولايات المتحدة التي تلملم حقائبها وتفكك قواعدها في أفغانستان على عجل، مثلما فعلت في الصومال، وبدرجة أقل في العراق، تكسر صمتها الطويل في الدول الثلاثة، بغارات جوية مركز ضد من يستغلون الفراغ الذي خلفه انسحابها، أو صمتها.
وفي الفترة الماضية، كثفت حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة، وحركة طالبان المتطرفة، والمليشيات المدعومة إيرانيا، عملياتها في الصومال وأفغانستان والعراق على الترتيب، مستغلة انسحابا طوعيا أمريكيا من المشهد.
لكن واشنطن بدأت إدراك خطأ الانسحاب المتعجل بعد أن أكلت التنظيمات الإرهابية كعكة الفراغ الأمريكي، وتلجأ إلى الضربات الجوية المركزة في محاولة لإنقاذ الموقف، وفق مراقبين.
وقبل يوم واحد، أعلنت واشنطن تنفيذ ضربات جوية لدعم القوات الأفغانية ضد حركة طالبان، في وقت بدأت فيه القوات الأجنبية التي تقودها واشنطن المراحل النهائية من انسحابها من أفغانستان.
وقال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، للصحفيين، إن الضربات كانت لدعم قوات الأمن الأفغانية في الأيام الماضية، دون ذكر المزيد من التفاصيل.
واعتبر مراقبون الضربات الجوية محاولة من واشنطن لتصحيح أخطاء الانسحاب المتعجل، وإنقاذ أفغانستان من السقوط بالكامل في يد طالبان، وإلحاق أضرارا قوية بالأخيرة تعيق عملياتها العسكرية المتسارعة.
وتشن طالبان عمليات عسكرية واسعة في أنحاء أفغانستان؛ حيث سيطرت خلالها على أراضٍ ومعابر حدودية وطوقت مدنا، مع قرب اكتمال انسحاب القوات الأجنبية.
وفي الصومال، لم يكن الأمر مختلفا، إذ شنت القوات العسكرية الأمريكية العاملة في أفريقيا "أفريكوم" هجوما جويا، على مواقع لحركة الشباب الإرهابية، للمرة الثانية في 4 أيام.
واستهدفت الغارات الجوية، الجمعة، مواقع حركة الشباب، في محافظة "مدغ" بإقليم "غلمدغ" الواقع بوسط الصومال، ما أسفر عن مقتل عدد من عناصر حركة الشباب وتدمير أسلحتهم، وفق تقارير صحفية قبل أن تؤكدها السلطات الأمريكية في وقت لاحق.
وتعد هذه الضربة الجوية الثانية من نوعها منذ تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن السلطة في الولايات المتحدة خلفا للرئيس السابق دونالد ترامب، في يناير/كانون الثاني الماضي.
وكان الجيش الأمريكي شن، الثلاثاء الماضي، غارة جوية ضد حركة الشباب بالصومال، وكانت هذه الضربة الأولى منذ 6 أشهر كاملة.
الاستفاقة الأمريكية في الصومال جاءت بعد تحركات حركة الشباب المتزايدة في الأشهر الماضية، وشنها هجمات بشكل دوري في أنحاء متفرقة من البلاد مستغلة الصمت الطوعي الأمريكي.
الصمت الأمريكي في الصومال طوال الـ6 أشهر الأولى من العام الجاري، كان مدفوعا بقرار ترامب في أواخر 2020 بسحب الغالبية العظمى من القوات الأمريكية المنتشرة في الأراضي الصومالية، وهو الانسحاب الذي اكتمل منتصف يناير كانون ثاني الماضي.
ووفق مراقبين، فإن شن القوات الأمريكية ضربات جوية في الصومال، يرمي لوضع حد لنشاط حركة الشباب المتزايد في البلد الأفريقي، وإلحاق كثير من الضرر بالحركة يلجم تحركاتها في الفترة المقبلة، كما أن الضربات تعكس أيضا إدراكا أمريكيا لخطوة الصمت في هذا البلد الذي يقف على فوهة بركان.
ومن الصومال إلى العراق، حيث لجأت القوات الأمريكية لتكتيك الضربات الجوية أيضا، في محاولة لمعالجة أخطاء الانسحاب الطوعي من المشهد الميداني، وتقليم أظافر المليشيات المسلحة المدعومة إيرانيا.
وفي الفترة الأخيرة، حركت إيران أذرعها المسلحة في العراق لاستهداف المصالح الأمريكية بشكل متزايد، لاستخدامها كورقة ضغط على واشنطن في المفاوضات النووية الجارية في فيينا، والانتقام من قتل واشنطن لقاسم سليماني رجل الحرس الثوري وعراب الإرهاب الإيراني.
ونفذت المليشيات المدعومة إيرانيا هجماتها باستخدام صواريخ تارة، وطائرات مسيرة مفخخة تارة أخرى، ولعبت كثيرا على وتر الانسحاب الأمريكي الطوعي من المشهد العراقي بعد سحب واشنطن جانب كبير من قواتها في الأراضي العراقية في عهد ترامب.
وفي أواخر يونيو حزيران الماضي، أعلن المتحدث باسم البنتاجون كيربي أن الولايات المتحدة شنت غارات جوية استهدفت "منشآت تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران" في مناطق حدودية بين سوريا والعراق، مسقطة خمسة قتلى في صفوف هذه الميليشيات.
وقال المتحدث إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أمر بهذه الضربات بعد استهداف جماعات تدعمها إيران مصالح أمريكية في العراق.
وقال كيربي إن المليشيات تستغل هذه المنشآت لمهاجمة "أفراد ومنشآت أمريكية في العراق" عبر طائرات دون طيار.
ووفق مراقبين، فإن واشنطن لجأت لهذه الضربات لتقليم أظافر المليشيات وتكبيدها خسائر قوية تضعف قدرتها على الحركة والمناورة في الفترة الماضية، بعد أن أدركت خطورة الصمت الطوعي في العراق.
aXA6IDE4LjIxNi45OS4xOCA=
جزيرة ام اند امز