"أخطر برج" في أفريقيا يتحول لمقصد سياحي عالمي
كان "برج بونتي" المكون من 54 طابقا يضم الصفوة من بين أصحاب البشرة البيضاء في المدينة، ولكنه سرعان ما تحول إلى مبنى للفقراء
وصف "برج بونتي" في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا بأنه "أخطر برج" في أفريقيا، كونه يعج بالجرائم وأعمال الفوضى والفساد، ووصل الأمر إلى أن تخيل الكاتب الألماني نورمان أولر، في روايته "بونتي سيتي" التي صدرت في عام 2003، انتقال المافيا النيجيرية إلى داخله.
لكن خلال عام 2010 شهد البرج بالكامل أعمال تجديد، جعلت منه واحدا من أهم مقاصد الجذب السياحي، وقد زارته شخصيات مثل الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي استمتع برؤية أنحاء المدينة من أعلى سطح المبنى.
- السيولة النقدية بجنوب أفريقيا في خطر.. "المركزي" يتحرك
- مسؤولة أممية تحدد خسائر أفريقيا جراء انتشار كورونا
ويقول جيلبرت موابي، مرشد سياحي من أصل كونغولي، "يشكل السائحون نحو 95% من الزوار، وأغلبهم من ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ومن النادر أن يزور مواطنو جنوب أفريقيا أنفسهم هذا البرج".
ويمتد النظر من الطابق رقم 52 إلى ضاحية "ساندتون"، التي تضم "برج ليوناردو"، بارتفاعه الذي يصل إلى 234 مترا، والذي صار أعلى مبنى سكني في أفريقيا أواخر العام الماضي.
وتقع ناطحة السحاب مقابل "برج بونتي" تقريبا، ونقلت صناعة المال في هوجانسبرج مكاتبها إلى ساندتون في أعقاب نهاية حقبة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وصار "برج بونتي"، الذي يبلغ ارتفاعه 173 مترا، والذي تم الانتهاء من إنشائه في عام 1975، رمزا لتاريخ البلاد الذي يتسم بالتنوع، حيث يقف مثل المنارة في حي هيلبرو الذي يتسم بالفظاظة.
وفي البداية، كان "برج بونتي" المكون من 54 طابقا، يضم حمامات سباحة ومطاعم وبوتيكات، يضم الصفوة من بين أصحاب البشرة البيضاء في المدينة، ولكنه سرعان ما تحول إلى مبنى للفقراء. وفي الفناء المفتوح للمبنى كانت أكوام القمامة والحطام تتراكم ووصل ارتفاعها لعدة طوابق.
ويدير أفراد العصابات الذين لا يعرفون الرحمة المبنى، حيث يباع هناك كل شيء، بداية من عروض ممارسة الجنس وصولا إلى المخدرات، وتجارة الأسلحة. وقد ارتفع معدل الجريمة بشكل كبير.
وفجأة أصبح المبنى الذي جرى تصميمه لاستيعاب 3500 شخص كحد أقصى، ملجأ لـ10 آلاف شخص قاموا باستئجار أماكن في الشقق المهجورة من الملاك.
وجاءت نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في جنوب أفريقيا عام 2010 لتغير مصير البرج، وحولته إلى رمز للأمل. فقد تم إعادة الحيوية للمبنى بصورة جزئية استعدادا للبطولة، فأزيلت أكوام القمامة، وتم تجديد الشقق وتعزيز الأمن بشكل واسع.
وتعمل بوابات الأمن في المبنى بتقنية بصمة الأصبع، أي أن الوصول إلى الجزء الداخلي من المبنى الأسطواني صار يشبه دخول حصن.
وتتواصل الجهود من أجل تحسين الحياة داخل البرج وفي محيطه. وتملك مؤسسة "دلالا نجي الخيرية"، التي أسسها الصحفي نيكولاس باور، مكتبا في البرج منذ عدة سنوات، وهي تسعى إلى تغيير صورتها السلبية، بالإضافة إلى إتاحة فرص لشباب المدينة.
كما تنظم المؤسسة الخيرية جولات إلى "برج بونتي". ويقول باور الذي هاجرت عائلته من النمسا إلى جنوب أفريقيا: "لدينا الآن أكثر من 20 ألف زائر".
وتوصلت المؤسسة الخيرية إلى فكرة تنظيم جولات داخل البرج، بعد ما شوهد أفراد وهو يلتقطون صورا له. وقد استخدمت العديد من الأفلام والبرامج التلفزيونية والأغنيات المصورة بتقنية الفيديو لقطات من المبنى الشهير كخلفية، كما كان البرج محورا لفيلم وثائقي.
ولا تبذل المؤسسة مجهودا كبيرا في الإعلان عن جولاتها، ولكنها تحظى بشعبية كبيرة، ويأتي معظم زوار البرج من الخارج.
ويعد كل من "برج بونتي" وحي مابونينج، الذي كان وضعه مترديا في السابق، سوقين تجاريين في حد ذاتهما، كبديل لضاحية ساندتون، ويحظى البرج بشعبية خاصة خلال عطلات نهاية الأسبوع.