ألمانيا تسابق "الدب" و"التنين".. هل يسقط عرش فرنسا بأفريقيا؟
عيون العالم تتجه إلى أفريقيا التي تحولت لساحة صراع على النفوذ وأرض تتقاطع عندها الحسابات الجيوسياسية مع مصالح فرنسا، "صاحبة العرش".
صراع على النفوذ تؤججه سياسات جديدة وقديمة لقوى اتخذت من القارة السمراء بوصلة مستقبلها من خلال تأمين أسواق محتملة أو ضمان مستقبل أمنها الغذائي أو تحقيق الهدفين معا.
"حرب باردة" لكن لهيبها يسري من تحت رمادها معلنة عن توازنات جديدة بلاعبين جدد وسط تراجع ملحوظ للنفوذ الفرنسي، القوة الاستعمارية التي حافظت لعقود على رأس عرش القارة.
استراتيجية جديدة
تعتزم ألمانيا تطوير استراتيجية جديدة للتعاون التنموي مع أفريقيا بما يضمن تعزيز الظروف الاجتماعية والبيئة والنسوية في القارة.
واليوم الثلاثاء، طرحت وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه الاستراتيجية الجديدة في برلين، موضحة أن هذه السياسة المعدلة بشكل جذري تقوم على أساس "الاحترام والإنصاف".
ولفتت إلى أن هذا ليس سليما من الناحية الأخلاقية فحسب، بل يصب أيضا في صميم مصلحة ألمانيا وأوروبا، مضيفة أن "كيفية تعاملنا مع القارة الأفريقية اليوم ستحدد كيف ستعاملنا غدا".
وأشارت الوزيرة إلى أن نصف الأفارقة تقل أعمارهم عن 20 عاما وأن عدد سكان القارة يمكن أن ينمو من 4ر1 مليار إلى 5ر2 مليار نسمة بحلول منتصف القرن.
واعتبرت أنه يتعين لذلك توفير 25 مليون فرصة عمل إضافية هناك كل عام، وقالت: "الوظائف هي التي تصنع الفارق بين الافتقار للآفاق والإحباط وعدم الاستقرار من ناحية، والتنمية والابتكار والتغلب على الأزمات من ناحية أخرى".
وشددت على ضرورة مراعاة الأجور العادلة والتوافق البيئي وتعزيز المرأة في المستقبل عند توفير وظائف جديد.
ولا تزال ردود الفعل على الاستراتيجية الأفريقية الجديدة متحفظة، حيث انتقدت منظمتا الإغاثة الكنسية "ميزريور" و"خبز من أجل العالم" عدم وجود توجه استراتيجي واضح - على سبيل المثال في مكافحة الجوع.
ودعا اتحاد الأعمال الألماني-الأفريقي إلى مزيد من الدعم لإشراك الشركات الألمانية في أفريقيا، كما انتقد المتحدث باسم سياسة التنمية للتحالف المسيحي، فولكمار كلاين، ترديد شعارات طنانة بدلا من تقديم حلول ملموسة عندما يتعلق الأمر بتوفير وظائف جديدة.
وأدلت كورنيليا مورينج من اليسار بتصريحات مماثلة، حيث قالت: "في النهاية، كما هو الحال في كثير من الأحيان، يظل غامضا ما يجب فعله بالضبط".
عيون "الدب"
جولة أفريقية يجريها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تعتبر الثانية من نوعها خلال أقل من عام، وتستبطن استراتيجية موسكو تجاه القارة السمراء،
واليوم الثلاثاء، قال لافروف، إن روسيا تعتزم تنظيم منتدى برلماني مع دول القارة الأفريقية في مارس/ آذار المقبل، لمناقشة التعاون في هذا المجال.
وأضاف لافروف، في كلمته خلال مؤتمر صحفي مع نظيرته في سوازيلاند، توليسيل دلادلا، أنه: "ناقشنا التعاون بين البرلمانات، حيث نعتزم عقد منتدى برلماني (روسيا- إفريقيا) في موسكو مارس المقبل، بمشاركة إسواتيني".
وتابع الوزير الروسي الذي وصل إلى إسواتيني قادماً من جنوب أفريقيا: "اتفقنا خلال الاجتماع مع القادة العسكرية في إسواتيني على تعزيز التعاون في مجال الأمن أيضاً".
وقال لافروف: "سترسل روسيا وإسواتيني طلباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد حل سريع لضمان إمدادات مجانية من الأسمدة الروسية المحصورة في موانئ الاتحاد الأوروبي لتلك المملكة"، وفق ما أوردته وكالة "تاس".
وتشمل جولة الوزير الروسي جنوب أفريقيا وسوازيلاند، وأنجولا، وبتسوانا، فيما قادته جولته الأولى في يوليو/ تموز الماضي، إلى مصر وإثيوبيا وأوغندا والكونغو.
نفوذ "التنين"
أيضا وزير الخارجية الصيني الجديد تشين جانغ يستهل مهامه بجولة خارجية تقوده إلى عدة دول أفريقية، في تقليد يؤكد الدور المحوري الذي تحظى به القارة السمراء في الحسابات الجيوسياسية لـ"التنين".
وبحسب خبراء، فإن الجولة تعد رحلة استكشافية "ضمن مساعي الصين لتوسيع نفوذها خارجيا، في ضوء الحرب الباردة الجديدة مع الغرب".
هدف يندرج ضمن أهداف الصين في إطار سباق النفوذ بين القوى العظمى من أجل البحث عن موطئ قدم بها، خصوصا أن بكين تعد أكبر شريك تجاري رئيسي للقارة السمراء.