شبح انهيار دول الساحل.. الإرهاب يهدد خارطة غرب أفريقيا

لم يعد التهديد الإرهابي في غرب أفريقيا مجرد آفة عابرة تستفيد من المناطق الرخوة، بل قد يقود تراجع التنسيق الأمني نحو السيناريو الأسوأ.
ففي عام 2025، يتوسع التهديد الإرهابي في البلدان الساحلية بغرب القارة السمراء، وفق «معهد الأبحاث الاستراتيجية» (IRS)، الذي يتخذ من ساحل العاج مقرا له.
وبحسب مدير المعهد، الباحث الإيفواري لاسينا ديارا، أصبحت التنظيمات الإرهابية أكثر قدرة على استغلال نقاط الضعف في الدول ومحاولة التسلل -على سبيل المثال- إلى شمال بنين وكوت ديفوار.
ويستند ديارا في قراءته لدائرة الإيرادات الداخلية ببلاده، التي يقول إنها ستنشر ثلاثة تقارير مفصلة حول هذه الظاهرة هذا الأسبوع.
بنين تحت النار.. بوصلة الإرهاب في غرب أفريقيا تتحرك جنوبا
وإجمالا، قتل خلال شهر أبريل/نيسان الماضي لوحده، أكثر من 200 شخص في هجمات شنها إرهابيون شمال شرقي نيجيريا، فيما قضى 54 جنديا في هجمات مماثلة شمالي بنين.
«تسونامي» يتمدد بشكل مرعب ويثير تساؤلا عن المخاطر التي يشكلها تنامي الإرهاب في بلدان الساحل بغرب أفريقيا.
ومن بين دول الساحل الأفريقي الأكثر تهديدا من الإرهاب، مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ولكن الآفة عبرت أسوار هذه البلدان المضطربة لتتمدد إلى بنين وكوت ديفوار وتوغو بشكل خاص.
خطر انهيار دول
في قراءته للتطورات والتهديدات، يرى ديارا، في حديث لإذاعة فرنسا الدولية (آر إف آي) أن «الوضع مقلق بالفعل، واليوم نحن في وضعية صعبة للغاية».
ويقول: «أعتقد أن هناك خطر انهيار دول في ساحل أفريقيا، وهو ما يمكن أن تكون له تداعيات وخيمة ومخيفة على البنية الأمنية للدول ما يمنح التنظيمات الإرهابية أريحية أكبر في التمدد والتموقع».
وردا عن سؤال بشأن تداعيات صعود الأنظمة العسكرية للحكم في كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وانسحاب البلدان الثلاثة من منظمة «إيكواس» (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، أوضح الباحث أن هذه التحولات "قادت نحو تقلص أو انعدام التعاون والتنسيق الأمني".
وأضاف: «التعاون الأمني صعب بالوقت الراهن وهناك إشكالات تتعلق بهذا الأمر بين تحالف الدول الـ3 (مالي وبوركينا فاسو والنيجر) وبين وبنين وكوت ديفوار».
وخلص محذرا: «نحن في سياق تعاون أمني يمر بمرحلة صعبة».
وتعقيبا على تصريحات سابقة أدلى بها عمر توراي رئيس مفوضية «إيكواس» قال فيها إنه رغم انسحاب الدول الـ3 من المنظمة، إلا أنه سيكون حتما هناك وسيلة للتعاون والتنسيق للحفاظ على الأمن الإقليمي، اعتبر الباحث الإيفواري أن «الأمر يرتبط في جوهره بالقدرة واستيعاب أن الإرهاب معضلة إقليمية ولا تهدد دولة دون غيرها».
وشدد على أنه يتحتم بالتالي على المنطقة أن تتجاوز كل الخلافات وتتوحد لمواجهة آفة تهدد استقرار ووجود الدول نفسها.
تحذير أممي
في أبريل/نيسان الماضي، سلّط الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب أفريقيا ومنطقة الساحل، ليوناردو سانتوس شيماو، الضوء على "الجهود الناجحة" لمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار.
لكنه أكد وجود مخاوف بشأن استمرار ضعف التعليم ونقص فرص العمل، "بينما تواجه المنطقة تحديات الإرهاب وتغير المناخ".
وجاءت إحاطة المسؤول حينها أمام مجلس الأمن الدولي حول تقرير الأمين العام عن أنشطة مكتب الأمم المتحدة لغرب أفريقيا ومنطقة الساحل.
وأشار شيماو -الذي كان يتحدث عبر الفيديو من العاصمة السنغالية داكار- إلى التهديدات الأمنية المستمرة في المنطقة.
وقال إن "الجهات المعنية أكدت ضرورة استمرار الجهود الدبلوماسية والدعم المالي للحفاظ على قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، وهي الآلية الأمنية التشغيلية الوحيدة في المنطقة حاليا".
وبحسب موقع الأمم المتحدة، سلط شيماو الضوء على انسحاب النيجر مؤخرا من تلك القوة، منبها إلى أن هذه الخطوة تأتي في ظل تزايد المخاوف الأمنية.
وأشاد الممثل الخاص بجهود تحالف دول الساحل في تنسيق العمليات وتعزيز سلطة الدولة، لكنه حذر من أن "التقدم لا يزال هشا في مختلف أنحاء المنطقة، خاصة بسبب تكثيف الهجمات الإرهابية في المناطق الحدودية الشمالية، التي تستهدف في المقام الأول الدولتين الساحليتين بنين وتوغو".