شراكة لا تبعية.. القمة الأمريكية الأفريقية تصحح المسار وتتدارك العثرات
"ترسيخ أنواع جديدة من الشراكات وليس تعزيز التبعية" هكذا استقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن قرابة 50 زعيما أفريقيا، في القمة الأمريكية الأفريقية.
تلك القمة التي تهدف إلى إعادة تعيين التزام واشنطن تجاه منطقة تعمل فيها الصين وروسيا أيضا على توسيع نفوذهما، حاول فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن مغازلة الزعماء الأفارقة بالإعلان عن شراكات مع القارة السمراء، طارحا بعض القضايا الحاسمة لمستقبل أفريقيا، بما في ذلك تغير المناخ والصحة العامة والأمن الغذائي.
فـ"عندما تنجح أفريقيا تنجح الولايات المتحدة، بصراحة العالم كله ينجح كذلك"، يقول الرئيس الأمريكي في كلمته التي بثها البيت الأبيض، صباح الخميس، مشيرا إلى أن التحديات التي يواجهها العالم زادت من الدور الحيوي الذي تلعبه الدول والشعوب الأفريقية.
وجود أمريكي
وفيما عدد الرئيس الأمريكي تلك التحديات بين جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، وتغير المناخ وغيرها، أكد أنه لا يمكن حل أي من هذه التحديات بدون قيادة أفريقية على الطاولة.
وفي محاولة من بايدن للتأكيد على أن بلاده لم تنسحب من أفريقيا أو تتراجع عن دورها في القارة السمراء، سلط الضوء على بعض المشروعات التي تعمل عليها إدارته بالفعل هناك، بينها تقديم 231 مليون جرعة لقاح كورونا، وتعزيز قدرة أفريقيا على تصنيع اللقاحات، وتوسيع برنامج الغذاء للمستقبل ليشمل ثمانية بلدان أفريقية إضافية، بالإضافة إلى تخصيص 150 مليون دولار مؤخرا لدعم جهو التكيف مع آثار تغير المناخ.
جهود أمريكية أبرزها الرئيس بايدن في كلمته مع القادة الأفارقة، كاشفا عن مشروعات أمريكية للمشاركة في مستقبل أفريقيا وخلق أفضل بيئة ممكنة للمشاركة التجارية المستمرة بين الشركات الأفريقية والشركات الأمريكية، بينها مذكرة تفاهم "تاريخية" مع أمانة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية الجديدة، ستفتح فرصا جديدة للتجارة والاستثمار وتجعل أمريكا وأفريقيا أقرب من أي وقت مضى.
مشروعات بالمليارات
وأعلن بايدن عن مناقشات حول شراكات مع أربع دول أفريقية، غامبيا وتوغو لتعزيز التنمية الاقتصادية، واتفاق مع السنغال لتعزيز الروابط الإقليمية، وبرنامج مع موريتانيا للمساعدة في تعزيز الحكم الديمقراطي ومتابعة إصلاح السياسات لإطلاق النمو الاقتصادي.
وتعهد بتخصيص 8 مليارات دولار في التمويل العام والخاص لمساعدة جنوب أفريقيا على استبدال محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بمصادر الطاقة المتجددة وتطوير حلول الطاقة المتطورة، وتخصيص 2.6 مليار دولار لأنغولا، لبناء مشاريع طاقة شمسية وكابل اتصالات عالي السرعة سيربط جنوب شرق آسيا بأوروبا عبر مصر والقرن الأفريقي ويساعد على توفير اتصال إنترنت عالي السرعة للبلدان على طول الطريق.
كما أعلن عن مبادرة جديدة للتحول الرقمي مع أفريقيا، يعمل من خلالها الكونغرس للتأكد من أن المزيد من الناس في جميع أنحاء أفريقيا يمكنهم المشاركة في الاقتصاد الرقمي، وتتضمن التعاون لتوفير الوصول إلى الإنترنت لـ5 ملايين أفريقي، بالإضافة إلى شراكات لتقديم خدمات الأمن السيبراني للتأكد من أن البيئة الرقمية في أفريقيا موثوقة وآمنة. وأكد إبرام عقود جديدة بقيمة 800 مليون دولار لحماية البلدان الأفريقية من التهديدات السيبرانية.
وتقول شبكة "سي إن إن" إن الإدارة الأمريكية أعربت عن دعمها لحصول القارة السمراء على مقعد دائم في مجموعة العشرين لممثل من الاتحاد الأفريقي، مشيرة إلى أن بايدن من المتوقع أن يكشف عن خطط للسفر إلى أفريقيا وأن يعين ممثلا خاصا جديدا لتنفيذ التزامات القمة.
معالجة التحديات
وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن الرئيس الأمريكي استضاف بعد خطابه يوم الأربعاء، مجموعة من القادة الأفارقة في البيت الأبيض لمناقشة الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2023 في أفريقيا ودعم الولايات المتحدة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية في جميع أنحاء القارة.
وبحسب "سي إن إن"، فإن إدارة بايدن تسعى لبناء علاقات أكثر قوة مع الدول الأفريقية، على أمل معالجة التحديات الكبيرة التي تواجهها القارة وتنمية شراكات اقتصادية وأمنية مفيدة.
وقال كاميرون هدسون، كبير المشاركين في برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، في تصريحات لـ"فوكس نيوز"، إن الولايات المتحدة تلعب دورًا في اللحاق بالركب في أفريقيا، مقارنة بالقوى الأخرى التي تميل إلى رؤية الفرص التي توفرها القارة السمراء.
وأكد هدسون، المدير السابق للشؤون الأفريقية لمجلس الأمن القومي خلال إدارة جورج دبليو بوش، أن "واشنطن تنظر إلى مشاركتها في أفريقيا من منظور حل المشكلات (..) نحن لا نميل إلى رؤية الحاجة إلى إنشاء تحالفات قوية مع الدول الأفريقية لمواجهة روسيا".
هل تتحقق الأهداف؟
وقال جوستافو دي كارفالو، كبير الباحثين في الحوكمة والدبلوماسية الأفريقية في معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية لـ"فوكس نيوز"، إن "مجرد جمع العديد من رؤساء الدول الأفريقية لا يعني بالضرورة أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على تحقيق أهدافها".
وقال دي كارفالو: "إن هناك قلقا داخل العديد من البلدان الأفريقية يتعلق بحقيقة أن الاقتصادات المتقدمة، مثل الولايات المتحدة، كانت تاريخيا المصدر الرئيسي لانبعاثات الكربون وساهمت بشكل أساسي في أزمة تغير المناخ الحالية"، مشيرًا إلى أنه لا ينبغي أن يكون دور الولايات المتحدة مجرد الضغط على الدول الأفريقية ولكن إيجاد حلول مشتركة للأزمة البيئية الحالية.
وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن المسؤولين الأمريكيين يريدون مساعدة البلدان الأفريقية على خلق فرص اقتصادية لشبابها المتزايد، فيما قال موكجويتسي ماسيسي رئيس بوتسوانا في معهد بروكينغز، إن العديد من الدول الأفريقية كانت حذرة من نوايا القوى العظمى في العالم، وسعت إلى ممارسة بعض الفاعلية تجاه سياسات تلك الدول الكبرى.
aXA6IDMuMTQyLjE5OC41MSA= جزيرة ام اند امز