قمة "دول الساحل" الأفريقي.. مخاوف من تصاعد أعمال الإرهاب
على وقع التوتر الأمني بالساحل الأفريقي ومؤشرات توسع رقعة انتشار الإرهاب التأمت القمة السابعة لبلدان التجمع الخمسة بـ"نجامينا" التشادية
القمة التي تتسلم خلالها التشاد الرئاسة الدورية لتجمع الساحل الخمس، من موريتانيا تأتي في نفس الفترة التي تتسلم فيها موريتانيا رئاسة أركان تجمع "الميدان" الذي يضم إلى جانبها كلا من الجزائر ومالي والنيجر، حيث تتقاطع كلتا المجموعتين في هدف واحد يتمثل في مقاومة الإرهاب الذي يعد عدوا مشتركا.
واختار قادة أركان دول الميدان، قائد أركان الجيوش الموريتانية الفريق محمد ولد مكت، الأسبوع الماضي، رئيسا دوريا للتجمع في ختام اجتماعهم السنوي المنعقد في باماكو.
وتجمع دول الميدان هو تجمع عسكري أنشئ العام 2010 من موريتانيا والجزائر ومالي والنيجر، ومقره في مدينة تمنراست الجزائرية، وجاء إنشاؤه في خضم اشتداد المواجهة مع التنظيمات الإرهابية المسلحة.
تصاعد التوتر
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني ،الذي كان أول المتحدثين في قمة "نجامينا" استعرض لدى تسليمه رئاسة القمة الدورية اليوم ما تحقق من إنجازات خلال رئاسته للمجموعة.
وذكرت موريتانيا خلال تقديمها لتلك الحصيلة، بالتزامن مع انطلاقة أعمال قمة "نجامينا" أن مجموعة دول الخمس في الساحل، تواجه جملة من التحديات الأمنية، تتطلب جهودا جدية لمواجهتها وخاصة الهجمات الإرهابية التي تتعرض لها مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وتنعقد هذه القمة، وفق الحصيلة الموريتانية، في ظل تفاقم إشكالات التنمية والتعايش المتراكمة على امتداد عقود، مشددة على المنطقة ومحيطها "تعرف تحولات عميقة على مستويات عديدة، في ظل التأثيرات السلبية لجائحة كوفيد-19 .
وتوقفت موريتانيا في عرضها المتزامن مع انعقاد القمة عند "الارتفاع الملحوظ لوتيرة هجمات الجماعات المسلحة في منطقة الساحل، والتي كان آخرها الهجوم الذي وقع قبل أيام في وسط مالي، وأسفر عن إصابة 28 من عناصر القوات الأممية".
التشاد بدورها اعتبرت في كلمة الرئيس الدوري للمجموعة "إدريس ديبي" أن احتضان نجامينا لهذا الاجتماع الهام يأتي للوقوف على ما تحقق من إنجازات على طريق تحقيق ثنائية الأمن والتنمية.
وعبر ديبي عن تضامنه الكامل مع أسر ضحايا الإرهاب، داعيا إلى الوقوف دقيقة صمت لتخليد أرواح ضحايا الاعتداءات الإرهابية الآثمة التي شهدتها منطقة الساحل.
دعم الشركاء
استمرار التزام الشركاء الدوليين للمجموعة جسده كذلك مستوى الحضور العربي والدولي لقمة نجامينا.
الإمارات العربية المتحدة جددت في كلمة وزير الدولة الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان، دعمها لمجموعة دول الساحل الخمس لمواجهة الإرهاب في المنطقة وإرساء قواعد تنمية مستدامة فيها.
وعبر رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ،عن تضامن المغرب الكامل مع دول مجموعة الخمس بالساحل لمواجهة المخاطر التي تواجهها والتي تهدد الجميع بشكل مباشر.
وأكد انخراط المغرب المتضامن مع دول الساحل في مواجهة مجمل التحديات التي تواجهها وعلى رأسها الإرهاب وتراجع مستويات التنمية الناجمة عن فيروس كوفيد-19.
وثمّن الرئيس الغاني نانا آدو اكوفو، الرئيس الدوري للإيكواس ضيف الشرف للقمة، الجهود التي تبذلها مجموعة بلدان الساحل الخمس إلى جانب القوات المساندة من أجل كسر شوكة الإرهاب واستعادة سلطة الدولة للشمال المالي.
وأكدت وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية، رئيسة الجمعية العامة لتحالف الساحل، دعم بلادها ومواكبتها لمجموعة بلدان الساحل الخمس ومساندة جهودها لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة العابرة للحدود والاتجار بالبشر.
وشهدت القمة، مشاركة ضيوف آخرين مثل السودان، ومصر، جمهورية كوت ديفوار، ورئيس لجنة الاتحاد الإفريقي والأمينة العامة للفرانكفونية، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة، والمدير العام للمصرف العربي للتنمية الزراعية في أفريقيا.
وركزت مداخلات هؤلاء الضيوف في مجملها على ضرورة تكثيف الجهود لتجاوز العقبات الأمنية والتنموية التي تواجهها دول المنطقة والدعم والإسناد للقوة المشتركة لمجموعة دول الخمس بالساحل.
مخاوف توسع الإرهاب
خبراء ومحللون للشؤون الأفريقية اعتبروا أن التحديات التي تلبد سماء المنطقة، تسيطر على جدول أعمال قمة التشاد الحالية.
الكاتب والخبير في شؤون غرب أفريقيا إسماعيل الشيخ سيديا، يقول في تدوينة عبر صفحته على "فيسبوك"، إن تقارير تكشف عزم تنظيم القاعدة في المغرب التوسع نحو خليج غينيا، ربما تؤجل أي حديث أو توجه لسحب القوة الفرنسية من المنطقة.
بدوره يعتبر الكاتب المتخصص في شؤون أفريقيا محفوظ السالك، أن ظرفية القمة تأتي في وقت باتت فيه أعين الجماعات المسلحة على القارة، في إطار مساعي التوسع بغرب أفريقيا".
تجمع الساحل والميدان
التحديات الأمنية في المنطقة أنعشت حراك التنسيق بين تجمع الساحل الخمسة وقيادة أركان "الميدان".
وشهدت دورة مجلس وزراء الساحل في 9 فبراير/ شباط الجاري بمالي بحث التنسيق بين الجانبين في مجال مراقبة الحدود المشتركة وتبادل المعلومات بالاعتماد، على الوسائل والقوى الذاتية للمجموعتين.
وأجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، خلال رئاسته الدورية لمجموعة دول الساحل الأفريقي، شهر يناير الماضي جولة أوروبية، لبحث ملفات الأمن والتنمية لبلدانها.
وترأست موريتانيا خلال 2020 تجمع بلدان الساحل الأفريقي الخمسة، التي تضم إلى جانبها مالي والتشاد والنيجر وبوركينا فاسو.
ومثلت موريتانيا في 2020 بوصلة تحرك دولي لصالح تعزيز الأمن في المنطقة، حيث كانت نواكشوط ملتقى للعديد من القمم والاجتماعات الإقليمية والدولية المتعلقة بهذا الموضوع.
وشهدت نواكشوط العديد من الزيارات المتزامنة لمسؤولين دوليين جعلت من البلد الأفريقي محورا تتقاطع فيه جهود مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، وغرفة عمليات تنسيق الحرب على هذه الآفة.
وتم إنشاء التجمع الإقليمي الذي يستهدف التنسيق المشترك حول قضايا الإرهاب والأمن، في 2014، بمبادرة من رؤساء بلدان المنطقة التي تواجه تحديات أمنية وتنموية مشتركة.