المدنيون في ساحل أفريقيا.. فاتورة الحرب على الإرهاب
فاتورة باهظة يتكبدها المدنيون بمنطقة الساحل الأفريقي في إطار حرب على الإرهاب حشرتهم بدوامة المجازر والعمليات الانتقامية.
وسنويا، يتسبب النزاع في المنطقة بسقوط عدد متزايد من القتلى معظمهم من المدنيين وفق إحصائيات مفزعة توثق الكلفة البشرية للحرب.
وذكرت وكالة "فرانس برس"، استنادا إلى حصيلة احتسبتها المنظمة غير الحكومية المتخصصة "أكليد"، أن 2057 مدنيا قتلوا في مالي والنيجر وبوركينا فاسو منذ بدء العام 2022، مسجلة بذلك ارتفاعا مقارنة بحصيلة القتلى للعام الماضي.
وتسجل المنطقة شهريا هجمات حيث باتت أسماء الكثير من القرى تذكر بمجازر، مثل ديالاساغو بوسط مالي، حيث قضى 132 مدنيا، وسيتنغا في بوركينا فاسو حيث قتل 86 مدنيا في يونيو/حزيران الماضي.
وفي مايو/أيار المنقضي، قتل حوالي خمسين مدنيا في مادجواري شرقي بوركينا فاسو، فيما شهدت مورا وسط مالي مقتل 300 مدني بحسب منظمات حقوقية.
وإجمالا، أحصت "أكليد" مقتل 11 ألف و276 مدنيا في بلدان الساحل الثلاث منذ اندلاع الأزمة في مالي عام 2012.
وقال مواطن مالي من منطقة ميناكا التي شهدت مواجهات دامية في الأشهر الأخيرة: "عائلاتنا تقتل بالمئات ويتهيأ لنا أن ذلك لا يهمّ الناس".
وأضاف أثناء وجوده في باماكو أن القتلى لا يتم إحصاؤهم أحيانا بدقة بل "بالعشرات والمئات"، مشيرا إلى أنه "حين يحصل (الهجوم) في شمال مالي بالصحراء، غالبا ما لا يصدر بيان عن الدولة ... عندها ندفنهم ونواصل حياتنا".
وكان القتلى المدنيون يقتصرون على المئات بين 2012 و2017، غير أن الأمر تسارع فجأة بعد ذلك، وذكرت منظمة "أكليد" أنه تم تخطي عتبة ألف قتيل مدني سنويا في عام 2018، قبل تخطي عتبة ألفي قتيل في 2019.
وبصورة عامة، أوضح محمدو عبدالرحماني منسق "الشبكة الأفريقية للقطاع الأمني" في النيجر، أن تزايد المجازر جعل "عدد الضحايا يتضاعف خلال السنتين الماضيتين" في الساحل.
لامبالاة؟
ناشط حقوقي طلب عدم ذكر اسمه أبدى استنكاره لأن "المدنيين يقتلون وسط اللامبالاة ومن غير أن يعرف أحد بهم، وبالتالي يقتل عدد متزايد منهم".
وتتسع المنطقة الجغرافية التي تشهد أعمال العنف، فبعدما كانت المجازر محصورة في شمال مالي عند اندلاع النزاع، وصلت إلى وسط البلاد ثم امتدت إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.
أما اليوم فتنتشر باتجاه جنوب مالي وفق ما أفاد رئيس تحرير الموقع الإعلامي المالي "بنبيري" بوكار سانغاريه.
وتتجه الأصابع إلى أطراف النزاع الرئيسية وهي الجيوش الوطنية وتنظيمي القاعدة وداعش في الصحراء الكبرى.
وقال سانغاريه إن داعش الذي ينشط بصورة رئيسية على الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو "لطالما اعتمد استراتيجية عنف تجاه السكان لإرساء سيطرته".
وينسب العديد من المراقبين المجزرة الأخيرة في سيتنغا إلى التنظيم الإرهابي حتى وإن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها.
وقال ناجون بعد بضعة أيام لـ"فرانس برس": "كانوا يفتحون أبواب المنازل ليدخلوا ويعدموا (سكانها) ويطلقون النار على مَن يحاولون الفرار".
وتضاعف عدد المدنيين الذين قتلوا في هجمات منسوبة إلى مجموعات متطرفة منذ 2020، ورغم تدخل عسكري أجنبي استمر سنوات عجزت مختلف الأطراف من حكومات والأمم المتحدة وجيوش أجنبية عن وقف أعمال العنف بحق المدنيين.
aXA6IDUyLjE0LjE2Ni4yMjQg جزيرة ام اند امز