"العين الإخبارية" تكشف كواليس إعادة بناء وجه الملك رمسيس الثاني (حوار)
خطفت العالِمة المصرية سحر سليم الأنظار داخل الأوساط العلمية، بعدما نجحت في إعادة بناء وجه الملك رمسيس الثاني.
وتصدر إنجاز الدكتورة سحر سليم عناوين الصحف العالمية، بعدما قدمت تصورًا للملك المصري رمسيس الثاني (1303 ق.م- 1213 ق.م) بتصميم ثلاثي الأبعاد، وهو ما شاركت فيه العالِمة البريطانية كارولين ويلكينسون، مديرة "Face Lab" في جامعة ليفربول جون موريس.
الدكتورة سحر سليم هي أستاذة ورئيسة قسم الأشعة في كلية الطب بجامعة القاهرة، درست أشعة الآثار في جامعة ويسترن أونتاريو الكندية، وهي عضو قيادي منذ عام 2006 في مشروع المومياء التابع لوزارة الآثار المصرية، وفي عام 2018 باتت عضوًا باللجنة العلمية لسيناريو العرض في متحف الحضارة.
إسهامات سحر ملموسة على الصعيدين المحلي والدولي، فقادت دراسة المومياوات والآثار بالأشعة ضمن عدد من المشروعات، يُعد أبرزها "دراسة المومياوات الملكية"، كما استعان متحف مايدستون في إنجلترا، ومتحف بارنم في الولايات المتحدة الأمريكية بخبراتها.
خلال السطور التالية، تروي الدكتور سحر سليم كواليس إعادة بناء ملامح وجه الملك رمسيس الثاني، والتقنيات التي اعتمدت عليها أثناء عملها، حتى تمكن العالم أجمع من مشاهدة أدق صورة لحاكم مصر في الفترة بين عامي 1279 ق.م- 1213 ق.م.. وإلى نص الحوار:
كيف نبتت فكرة إعادة بناء وجوه ملوك مصر القديمة؟
إعادة تجسيد وجوه الملوك بدأت مع الاحتفال بمرور 100 عام على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وكذلك الاحتفاء بمضي قرنين من الزمان على فك رموز حجر رشيد.
على أي أساس يقوم هذا المشروع؟
المشروع قائم على وجود المومياوات الملكية وإخضاعها للأشعة المقطعية، وبالتالي نمتلك تركيبة ثلاثية الأبعاد للجمجمة والوجه بشكل علمي.
ما الذي يضيفه هذا المشروع إلى علم الآثار؟
علم الآثار يستفيد من بقية العلوم المختلفة، مثل الأشعة والطاقة وغيرهما، وهو ما يساهم في نهاية المطاف في فهم الآثار بشكل أعمق.
ما الفائدة التي تعود من إعادة بناء وجوه ملوك مصر القديمة؟
أود الإشارة في بادئ الأمر إلى أن هذا هو المشروع العلمي الأول من نوعه الذي يهدف إلى إعادة تركيب الوجوه الحقيقية لملوكنا بناء على المومياوات الخاصة بهم، وبالتالي يفيد في إعادة تذكير المصريين بمدى الأهمية التي حظيت بها هذه الشخصيات، وتقديم وجههم الإنساني، والتواصل مع تاريخهم وجهًا لوجه كأننا نراهم.
لم وقع الاختيار على الملك رمسيس الثاني لإعادة بناء وجهه؟
بعد 3200 سنة من وفاته ما زلنا نتحدث عنه ونتذكر أعماله، هو صاحب أول معاهدة دبلوماسية في التاريخ إلى جانب خوضه لمعركة قادش، ومع إعادة بناء وجهه يتحقق التواصل المرجو بيننا وبينه، وبالتالي يتعمق تواصلنا مع التاريخ والحضارة وشخصيات هؤلاء الملوك.
كيف جرى التنسيق بينك وبين الجانب البريطاني؟
كارولين ويلينكسون هي عالمة أنثروبولجي وتتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، من خلال إعادتها لبناء ملامح الوجوه استنادًا على الجماجم، وبالبحث والتدقيق وجدت أن نتائج أعمالها جيدة، خاصة أنه حينما يتم المقارنة بين الصور الحقيقية وما تنجزه يكون هناك تطابقا يتعدى نسبته 90%.
ما هي تفاصيل إتمام عملية بناء وجه رمسيس الثاني؟
أنا صممت مجسمًا ثلاثي الأبعاد لجمجمة ومومياء رمسيس الثاني بناءً على الأشعة المقطعية، وأرسلت النتيجة إلى "كارولين"، حيث عملت عليها من خلال تطبيق مقاسات الوجه التي يحتفظ بها جهاز كمبيوتر داخل مكتبها، ويتضمن تركيبه من العضلات وطبقة الدهون والجلد وغيرها، ومن ثم ظهر الأنف وعظام الفك كما هو موضح في الصورة.
في مرحلة لاحقة، استعانت "كارولين" بي لاستقاء معلومات عن شخص الملك نفسه، لإلمامي بمعلومات المومياء كافة، ولاطلاعي على علم المصريات، بما يضمن لها معرفة تفاصيل لون البشرة، ولون العينين، ولون الشعر، وما إذا كان شعره قد تساقط.
وعليه، ومن منطلق معرفتي بمومياء رمسيس الثاني، أبلغتها بأن لون عيني رمسيس الثاني كان بنيًا بدرجة غامقة، وشعره "محنّى" بطول 6 سنتيمترات، كما أن شعره مجعد بدرجة خفيفة.
لاحظنا إصدار صورتين للملك رمسيس الثاني في مرحلتين عمريتين مختلفتين.. كيف ذلك؟
نعم، هو توفي عن عُمر ناهز 91 عامًا تقريبًا، ومع الفروغ من تصميم وجهه في هذا السن، قررنا استعمال تقنيات علمية بالكمبيوتر لإعادته إلى مرحلة الأربعينات، خاصةً أنها فترة مجده العسكري، وكنت أود أن أرى ملامح وجهه كيف كانت حينها.
كم المدة التي استغرقتموها لإتمام بناء وجه رمسيس الثاني؟
نحو شهرين.
ما هو انطباعك فور رؤيتك لوجه رمسيس الثاني؟
بالنسبة لملامح فترة الأربعينات، وجدت وجهًا مصريًا نراه في الشارع. هو رجل من رجالنا المصريين وله وسامة. حتى مع تصميم ملامح وجهه في التسعينات من عمره، وجدته يشبه أجدادنا وآباءنا، هو وجه من الوجوه المصرية النبيلة.
هل الأسلوب المتبع في إعادة بناء وجه رمسيس الثاني هو نفسه الخاص بإعادة وجه الملك توت عنخ آمون؟
الوضع مع الملك توت عنخ آمون كان مختلفًا، فحينما صممت صورة ثلاثية الأبعاد للجمجمة خلال الكمبيوتر جرى طباعة المجسم، واستعنت بمثّال شكّل عضلات الوجه على الجمجمة بمادة تشبه الصلصال، بما يتوافق مع القياسات المصرية.
هل هذا يعني أن إعادة بناء وجوه ملوك مصر كان يفتقد للملامح المصرية؟
في عام 2005 جرى إعادة بناء وجه توت عنخ آمون من جانب علماء أمريكيين، وبدا في نهاية الأمر كأنه أمريكي، لكن حاليًا وبما أنني المسؤولة عن المشروع جاءت ملامحه مصرية بدقة عالية، فكل الخطوات المتخذة علمية.
من الملك الذي تسعين إلى إعادة بناء ملامح وجهه قريبًا؟
سبق لي العمل على 40 مومياء ملكية، قد يكون العمل القادم من نصيب الملكة تي.
هل تطمحين إلى بلوغ حد معين بشأن مشروع إعادة بناء وجوه ملوك مصر القديمة؟
الحمد لله أنا جامعة علم، لا يوجد بالنسبة لي حد معين أتوقف عنده. فحص المومياوات أعتبره مهمة قومية.
ما الذي حفزك على اقتحام عالم الآثار؟
لاحظت أن كل العاملين في هذا المجال من الأجانب غير الدارسين، كما أنهم ليسوا متخصصين فيه، ومن ثم دخلته لأكون من حماة الحضارة المصرية وأقدم شيئا لبلدي وحضارتي. أنا لا أطمع في شيء إلا المزيد من العلوم والتقدم ونشر المعرفة عن الحضارة المصرية.
كل عام تثبتين للعالم مدى كفاءتك وجدارتك للعمل في هذا المجال.. ما تعليقك؟
الحمد لله حصل بحثي الخاص بكشف اللفائف عن مومياء الملك أمنحتب الأول على المركز الأول، كأفضل كشف أثري في العالم للعام الجاري، وفي السنة الماضية حصل كشف الملك سقنن رع على نفس الجائز، وقبلهما حقق كشف الأميرة ميريت آمون نفس الإنجاز.
aXA6IDE4LjIyMS42OC4xOTYg
جزيرة ام اند امز