حكومة الكاظمي بالعراق.. عامان من النجاحات والتحديات
تكمل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عامها الثاني، في ظل نجاحات وتحديات تعيشها البلاد على وقع الأزمة السياسية الدائرة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.
ويقود الكاظمي الحكومة العراقية منذ مايو 2020، بعد نيل حكومته ثقة البرلمان العراقي كبديل طارئ لحكومة عادل عبدالمهدي التي رمت بها الاحتجاجات التشرينية خارج رئاسة الحكومة.
كما حملت المظاهرات الغاضبة التي عاشها العراق في خريف 2019، واستمرت نحو 5 أشهر احتجاجاً بشكل متواصل، الكاظمي إلى القصر الرئاسي.
ومنذ أول أيام تسلمه منصبه، تعهد الكاظمي بضمان تحقيق انتخابات مبكرة والعمل على محاربة المليشيات واستعادة هيبة الدولة العراقية التي فقدت على وقع المجموعات المسلحة المقربة من إيران.
وأسهم وصول مدير جهاز المخابرات السابق مصطفى الكاظمي إلى رئاسة الوزراء، في تهدئة الغضب الجماهيري الذي وجد بوصوله فرصة لعقد آمال التغير والمضي نحو اجتثاث جذور الفساد وإنهاء حكم المليشيات.
كما شكل وصول الكاظمي إلى الحكم صفعة لقوى إيران السياسية في العراق وأجنحتها المسلحة بعد سلسلة من الإجراءات والعمليات التي استهدفت إضعاف نفوذهم العسكري والسياسي والاقتصادي، والتي بدأت بحملة تخليص واردات المنافذ الحدودية من سطوة مجاميعهم التي كان لها الغلبة والنفوذ.
ومع مرور الوقت، وتحديداً في أواخر يوليو/تموز 2020، استطاع الكاظمي، تشكيل لجنة عالية التكليف لتعقب ومقاضاة المتورطين بقتل وتصفية متظاهري أكتوبر.
وخلال عامها الأول واجهت حكومة الكاظمي أزمة اقتصادية حادة عقب انخفاض أسعار النفط جراء القيود الوقائية التي فرضتها جائحة كورونا العالمية ما اضطرها اللجوء إلى الاقتراض لأكثر من مرة لتأمين النفقات التشغيلية بما فيها رواتب موظفي المؤسسات الحكومية.
واستطاعت الحكومة، من خلال إدارة الأزمة بمهارة وحرفية عالية في تفريغ الأزمة المالية من خطورتها، وأعقبها تقديم برنامج إصلاحي شامل عرف بـ"الورقة البيضاء"، استهدف النهوض بالاقتصاد العراقي المنهك بالفساد والديون عبر خطط استراتيجية توزعت ما بين القصير والمتوسط وطويل الأمد.
وتنفيذاً لما تعهد به خلال الأيام الأولى من وصوله إلى رئاسة الوزراء، استطاع الكاظمي من تحديد موعد لإجراء الانتخابات المبكرة 2020، قبل أن يتم تأجيله إلى أكتوبر من العام ذاته في تجربة ديمقراطية أشادت مؤسسات دولية ومحلية بنزاهة ودقة نتائجها.
ويقول الصحفي والمحلل السياسي، حمزة مصطفى خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "حكومة الكاظمي تحملت تبعات أخطاء العهود السابقة وطُلب منها أن تأتي بالمعجزات بخلاف الواقع والتعقيدات التي تعيشها البلاد ".
ويشير مصطفى في تقييم لأداء حكومة رئيس الوزراء وهي تدخل عامها الثالث، إلى أن "الكاظمي استطاع تحقيق انتقالات مهمة على مستويات مكافحة الفساد وانتشال البلاد من خطر المليشيات المتنفذة فضلاً عن خطوات مهمة وكبيرة في مجال ملاحقة الفساد عبر أكثر من قناة ولجنة".
ويستدرك بالقول:" كذلك نجح بشكل لافت على مستوى الموازنة بين القوى السياسية المتصارعة والمتنازعة، إذ استطاع رئيس الوزراء أن يحيد نيران الخلاف والاختلاف بقدر ما يستطيع إبعاد تلك النزاعات عن مشروعه الواعد بتأسيس منهج مؤسساتي صحيح تقوم عليه أي دولة راكزة ومستقرة".
ودفعت عمليات مكافحة الفساد والسلاح المنفلت من اتساع دائرة الخصوم وكيل الاتهامات من قبل المليشيات المقربة من إيران وخصوصاً بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي أفضت عن تراجع كبير لقوى اللادولة، قابلها صعود لكيانات وشخصيات مناوئة للتدخل الأجنبي في البلاد.
وبلغ الاحتقان ذروته في الـ7 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين هاجمت طائرات مسيرة محملة بصواريخ في مهمة لاغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في عقر داره وسط بغداد والتي توجه أصابع الاتهام فيها إلى الفصائل المليشاوية القريبة من طهران.
وخلاف ما ساد العراق خلال الحكومات التي سبقت وصول الكاظمي، استطاع الأخير من إدارة بوصلة البلاد الخارجية من فضائها الشرقي المتمثل بإيران نحو الحاضنة العربية والمجتمع الدولي.
وكان الكاظمي أجرى سلسلة من الزيارات إلى دول عربية وصفت بالمهمة من بينها المملكة السعودية ودولة الإمارات العربية والأردن فضلاً عن تحرك أوروبي غربي توج في واشنطن بإنهاء التواجد القتالي للقوات الأجنبية في البلاد وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي.