"القرض الحسن" بلبنان.. مصرف "حزب الله" للذهب والسوق السوداء
أعاد إدراج السعودية، الأربعاء، لمؤسسة القرض الحسن غير الشرعية في لبنان على قوائم الإرهاب إلى الواجهة من جديد.
و"القرض الحسن" جمعية في لبنان بدأت منذ سنوات نشاطها، حيث تقوم بدور المصرف عبر تقديمه قروضا للعملاء ورهن الذهب وغيرها من المعاملات المصرفية.
مصرف "حزب الله" كما يعرفه اللبنانيون يقدر عدد المتعاملين معه بحوالي 200 ألف مقترض ويستدينون بنحو 500 مليون دولار مقابل رهن ذهب لمدة لا تتجاوز الـ30 شهراً مع احتفاظ الجمعية بقيمة مالية من القرض الممنوح يستعاد بعد عام من تسديد القرض بالكامل.
أكثر من 30 فرعاً
ترتبط فروع القرض الحسن- وهي اسم على غير مسمى- ببعضها عبر شبكة خاصة بـ"حزب الله"، وهي خارجة بالمطلق عن رقابة الدولة اللبنانية والمؤسسات الدولية التي تراقب الأعمال المصرفية.
كما أنها ليس لديها أي ارتباط بالمصرف المركزي اللبناني، ولا تخضع لقانون "النقد والتسليف" الذي يحكم علاقة المؤسسات المالية بمصرف لبنان المركزي، وهي مسجلة بصفة جمعية خيرية.
وللمؤسسة أكثر من 30 فرعاً حول لبنان وفيها قرابة 500 موظّف جميعها تعمل خارج المنظومة الماليّة التابعة للدولة اللبنانية.
ومع الانهيار الاقتصادي الذي حلّ في لبنان، والذي طال بدوره المصارف الشرعية العاملة في السوق، وسّعت "القرض الحسن" نشاطها ضمن مناطق سيطرة "حزب الله"، وافتتحت فروعاً جديدة.
كما عمل "مصرف حزب الله" على تثبيت آليات سحب الأموال (ATM) ويتسنّى عبره للمتعاملين معه وللعاملين لديه الحصول على الأموال بالدولار الأمريكي في وقت تعجز البنوك اللبنانية الدفع لعملائها بالعملة الأجنبية.
وفي الفترة الأخيرة ارتفعت أصوات ضدّ هذا المصرف في بيئته رفضا للسياسة التي اتبعها عبر فرضه على المتعاملين معه الذين سبق أن حصلوا على قروض، إعادة دفع أقساطها بالدولار الأمريكي بنفس سعر السوق في وقت سجّل سعر الصرف في السوق ارتفاعا غير مسبوقا ما رفع قيمة القروض أكثر من 10 أضعافها.
وفي أواخر عام 2020 تعرضت تلك الجمعية التابعة لحزب الله الإرهابي، لعملية اختراق كشفت عن تداولات بحجم كبير من الأموال، بالإضافة إلى علاقة مع بعض المصارف اللبنانيّة ومنها "جمال ترست بنك" الذي تعرض لعقوبات أمريكية.
وفي ظل الأزمة الحالية، مصرف "بات القرض الحسن" المؤسسة المالية الوحيدة التي تُوفر قروضاً، في المقام الأول، وقروضاً بالعملات الصعبة، في المقام الثاني، ما يعني عملياً، أنه أصبح الجهة المصرفية الوحيدة في لبنان التي تؤدي هذا الدور الوظيفي، في ظل غياب ذلك لدى المصارف الفاقدة للسيولة.
عقوبات أمريكية
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكيّة عقوبات جديدة على أفراد مرتبطين بـ”حزب الله” و بمؤسسة جمعيّة “القرض الحسن” في 11 أيار/مايو 2021 بعد العقوبات المفروضة سابقاً على المؤسسة في نيسان/أبريل 2016.
وحينها اعتبرت الخزانة الأمريكية أنّ “القرض الحسن يزعم خدمة الشعب اللبناني، لكنه عمليّاً ينقل الأموال بشكل غير مشروع من خلال حسابات وهميّة، ويعرّض المؤسسات المالية اللبنانية لعقوبات محتملة” وبالتالي يساهم في "تقويض استقرار الدولة اللبنانيّة”.
وأشارت إلى أن "مؤسسة القرض الحسن تتنكّر بصفة منظمة غير حكومية بموجب ترخيص ممنوح من وزارة الداخلية اللبنانية وتقدّم خدمات مصرفية لدعم حزب الله، بينما تتهرب من الترخيص المناسب والإشراف التنظيمي".
وأضافت الخزانة الأمريكية، في حيثيات قرارها، أنه "ومن خلال ادخار العملة الصعبة التي يحتاج إليها الاقتصاد اللبناني بشدة، تسمح المؤسسة لحزب الله ببناء قاعدة دعم خاصة به وتقويض استقرار الدولة اللبنانية".
القضاء اللبناني
في 22 أبريل/نيسان 2021، قدّم المحاميان مجد حرب وإيلي كيرللس بشكوى إلى النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون ضدّ نشاط جمعيّة "القرض الحسن"، “إذ أنه يأتي مخالفاً لأحكام قانون النقد والتسليف الذي ينص في المادة ٢٠٦ على وجوب ملاحقة مخالفیه أمام المحاكم الجزائية.
كما يخالف المصرف نص المادة ٢٠٠ التي تنص على إدانة من يتعاطى أعمال تسليف دون أن يكون مسجلا لدى مصرف لبنان سندا لأحكام المادة ٦٥٥ من قانون العقوبات”، وفقاً للشكوى فأحالتها "عون"إلى التحقيق.
أمّا نشاط الجمعيّة "المصرفي فهو أيضاً مخالف للقوانين، وفق الشكوى، التي تحظر ممارسة مهنة الصيرفة من دون ترخيص مسبق من مصرف لبنان.
دولة "حزب الله"
ومن جهتها أكدت الخبيرة الاقتصادية فيوليت بلعة، أن "القرض الحسن هو جمعية وليس مصرفا مسجلا ضمن لائحة المصارف العاملة في لبنان وبالتالي نشأته وأهدافه وأغراضه مخالف لكل القوانين، بحيث إنه أنشئ كجمعية لكن آلياته التنفيذية تتبع آلية المصرف إلى أن وصلت اليوم إلى وضع الصرافات الآلية لسحب الأموال عبر بطاقات خاصة للمتعاملين معها".
وقالت بلعة لـ"العين الإخبارية": " هذه الخطوات تعني أن حزب الله رويدا رويدا يعمل على تكبير حجم دولته داخل الدولة اللبنانية وينشئ اقتصاده الموازي ونظامه المصرفي وكل الآليات التنفيذية من دون أن يتم وضع حد له من قبل الدولة لأن العمل المصرفي يشرّع من الحكومة ومصرف لبنان عبر قوانين في مجلس النواب ويلتزم بالتعاميم وتتم مراقبته ويدفع الضرائب، لكن القرض الحسن هو خارج هذا النظام ولا أحد يعلم كيف يعمل وكيف يعطي القروض ومن أين أمواله وكيف يوظفها".
وتضيف الخبيرة اللبنانية، قائلة: "هناك الكثير من علامات الاستفهام حول الموضوع وطبعا لأنه مرتبط بحزب الله لا يمكن طرح السؤال أو معرفة المزيد من التفاصيل"، مشيرة "إلى أن آليات الصرف هذه التي وضعها حزب الله تذكّرنا بعملة داعش التي أصدرتها خلال مرحلة صعود التنظيم قبل أن يتم القضاء عليه".
مصدر الأموال
أما عن مصدر أموال حزب الله الذي يخضع لعقوبات أمريكية وسبق أن أعلن صراحة أمينه العام حسن نصرالله أنها تأتي من إيران، تقول بلعة "المصدر الأول هو من طهران حيث يتم شحن الأموال برا نتيجة العقوبات عليه"، مذكرة بشاحنة الأموال المرسلة لحزب الله من إيران والتي قامت إسرائيل بضربها قبل أيام.
أما المصدر الثاني: فيأتي من السوق الداخلية، وذلك عبر شبكة الصرافين التابعين له في الضاحية الجنوبية في بيروت والذين ساهموا بشكل كبير برفع الدولار في السوق السوداء عبر شراء العملة الخضراء وتحويل الأموال إلى دولار إضافة إلى منظومة الجمعيات والمؤسسات التي تعمل بين لبنان والخارج وتمر عبرها الأموال.
وضمن تلك المصادر أيضا- بحسب بلعة-الجمعيات الوهمية التي أنشئت تحت شعار مساعدة الناس بحيث يتم عبرها إرسال الأموال الى حزب الله"، مشيرة إلى أن بعض هذه الجمعيات أدرج على لائحة العقوبات وبعضها الآخر لا شك أنه تحت المراقبة".
aXA6IDE4LjIyMi4xNjIuMTYxIA== جزيرة ام اند امز