إقالة البيطار أو تعطيل الحكومة.. "حزب الله" يساوم ومبادرة من الراعي
يضع "حزب الله" العربة أمام الحصان في أزمة تحقيقات مرفأ بيروت، فإما إقالة القاضي وإما تعطيل عمل الحكومة رغم الوضع المذري للبلاد.
استبد "حزب الله" في الحكومة اللبنانية، ومنع اجتماعها منذ أسبوعين على خلفية التحقيق بانفجار مرفأ بيروت رغم سلسلة الأزمات الأمنية والاقتصادية الخطيرة التي تواجه البلاد، وتتطلب اجتماعات حكومية متتالية للبدء بحل الأزمات خصوصاً أن تشكيل هذه الحكومة أتى بعد سنة ونصف السنة من الفراغ القاتل.
ورغم جميع الفتاوى القانونية والدستورية من وزير العدل اللبناني، هنري خوري، ومن مجلس القضاء الأعلى بأنه لا يحق للحكومة اللبنانية التدخل في القضاء، وهناك فصل تام بين السلطات، لا يزال حزب الله على موقفه برفض اجتماع الحكومة قبل اتخاذ قرار بتنحية المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار.
ومنذ أسبوعين، تجري اتصالات سياسية مع الأفرقاء السياسيين، جميعها حتى الساعة لم تنجح في تليين موقف "حزب الله"، ولكن الثلاثاء تحرك البطريرك الماروني بشارة الراعي على خط الأزمة، وقام بجولة شملت رئيس البلاد ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليخرج بعدها بتصريح يكشف فيه عن وجود حلّ دستوري وقانوني مقنع للأزمة الحالية، وقد حمله في زياراته والجميع وافق عليه.
وشدّد البطريرك الراعي على "ضرورة تنفيذ هذا الحل في أسرع وقت ممكن، وبعدها تعود الحكومة إلى الاجتماع"، معتبرا أن "الأمور لا يجب أن تحل في الشارع، وقد شاهدنا ما الذي يحصل عند وصولها إلى الشارع".
وفيما لم يعلن الراعي عن الحل الذي طرحه علمت "العين الإخبارية" أن "الحل يقضي بأن يعمد البرلمان إلى إحالة النواب والوزراء على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وعندها يبقى القاضي طارق البيطار على رأس التحقيق ولكن ليس مع هؤلاء".
وتلقى الراعي وعدًا من "بري" بالسير بهذا الحل، علما أنه طرح رئيس مجلس النواب من الأساس.
وسيكون البيطار، بحسب المعلومات، أمام خيارين فإما أن يقبل بهذا الحل وإما يقول إن ما يفعله مجلس النواب لا يعنيه وإنه هو صاحب الاختصاص.
المبادرة إذا نجحت سيكون فصلاً في الملف، أي النواب والوزراء تكون محاكمتهم من صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وفي هذا السياق، كشف الصحفي المتخصص في الشؤون القضائية والقانونية، يوسف دياب، عن أن طرح الراعي يقضي بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية بسرعة والتحقيق مع النواب والوزراء ورئيس الحكومة السابق حسان دياب، في مقابل استمرار القاضي بيطار بتحقيقاته العدلية مع الموقوفين الذين لا يتمتعون بحصانة.
وقال في حديث لـ"العين الإخبارية": "لكن في نفس الوقت هل سيقبل القاضي أن ينفصل الملف بهذه الطريقة؟ وهل سيقبل أن يتنازل عن صلاحياته كمحقق عدلي في هذه القضية؟ هذا غير واضح حتى اللحظة".
وأضاف: "إذا لم يقبل البيطار، فسيستمر في تحقيقاته وسيصدر مذكرات توقيف بحق من لم يحضر التحقيق من النواب ورئيس الحكومة السابق، وهو حدد جلسة استماع لرئيس الحكومة السابق حسان دياب يوم غد الخميس، وللنواب غازي زعيتر ونهاد المشنوق نهار الجمعة، وبالطبع سيرفض استرداد مذكرات التوقيف التي سطرها بحق الشخصيات الأخرى كالنائب علي حسن خليل، ووزير الأشغال يوسف فنيانوس".
وبرأي دياب سيبقى الإرباك في هذه القضية مستمراً، والتسوية المطروحة ليست واضحة، خصوصاً أن هناك اجتهادا قانونيا يقول إنه لو تحرك مجلس النواب لن يكون ملزماً ليعلن المجلس العدلي عدم اختصاصه لملاحقة الشخصيات.
وأوضح أنه كان يجب على المجلس النيابي إنشاء لجنة تحقيق مع النواب قبل أن يقدم القضاء العدلي بالادعاء عليهم، وفي هذه نقطة إشكالية كبيرة.
وشدد على أنه يجب التأكد إذا كان جميع الأطراف السياسية تقبل بهذا الطرح، مشيراً إلى أنه من المرجح أن يكون لدى "حزب الله" اعتراض على استمرار القاضي بيطار في التحقيقات برمتها لأنه بتقديري اعتراضه ليس على استدعاء الشخصيات إنما على مسار الملف ووصول التحقيق إلى أماكن لا يريدها الحزب.
والأربعاء، التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع رئيس البلاد ميشال عون وتباحث معه في قضية الحكومة اللبنانية والحل الذي طرحه الراعي، وخرج من دون أن يصدر أي دعوة لاجتماع مجلس الوزراء، ما يشي بأن التسوية لم تنجح حتى الساعة وربما تحتاج إلى اتصالات أكثر.
ويواجه المحقق العدلي طارق البيطار هجمة شرسة من "حزب الله" الذي يطالب بإقصائه عن الملف، مستخدما كافة الطرق بما فيها الترهيب والاستقواء بالشارع؛ حيث نظم من حوالي أسبوعين تحركاً شعبياً ضده تخللته أعمال عنف أدت إلى وقوع 7 قتلى وعدد كبير من الجرحى.
وعطّل "حزب الله" اجتماع الحكومة اللبنانية بسبب القضية عينها، مهددا بـ"تطيير" الحكومة عبر وزراء الحزب وحليفتهم حركة "أمل"، في حال لم تأخذ موقفاً يؤدي إلى كف يد البيطار عن القضية.
aXA6IDE4LjIyNy40OS43MyA= جزيرة ام اند امز