معتصمون عراقيون عشية مليونية الجمعة: الصدر فرصتنا الأخيرة
يفترش محمد ذو الـ25 عاماً بساطاً نحيفاً في أحد السرادقات المنصوبة بمحيط مجلس النواب العراقي بالمنطقة الخضراء في بغداد.
يشارك الشاب الأرض مع حشود بدأت اعتصامها بالمكان قبل 6 أيام، ويتبادل مع رفاق له مستلقين على بجواره، حديثا يتركز في مجمله على السياسة والبطالة وإمكانية إصلاح الأوضاع السيئة التي تعيشها البلاد من نحو عقدين.
لم يكن محمد يعرف هؤلاء قبل اقتحام المنطقة الرئاسية، ولكن سرعان ما توطدت علاقة الصداقة بينهم وباتوا يتشاطرون الأحلام والأهداف والأماني في إيجاد ضوء بنهاية النفق المظلم.
وجاء محمد إلى العاصمة بغداد من البصرة أقصى جنوبي البلاد، بغية مشاركة المحتجين في "حركتهم الإصلاحية"، كما يقول لـ"العين الإخبارية".
ويضيف: "ليس من العدل والشجاعة أن نكون على الحياد في هذه الثورة العظيمة التي ستسحق رؤوس الفساد".
ويعطف بالقول: " أنا لست من أتباع (زعيم التيار الصدر مقتدى) الصدر ولكن مواقفه ومضامين ما يطرحه من رسائل وطنية صادقة جعلتني ألتحق بركب أنصاره وهم يثورون على الظلم والتبعية وضياع البلاد".
ويعاني محمد الذي أكمل دراسته الجامعية في اختصاص القانون منذ عامين، البطالة على غرار الآلاف الشباب العراقي المحروم من فرص توظيف حكومي أو بالقطاع الخاص.
يعود محمد إلى فراشه مفعما بالحماس، قبل أن يهتف بشعارات مؤيدة لدعوة زعيم الصدر الأخيرة بحل مجلس النواب والمضي نحو انتخابات مبكرة.
ودعا الصدر، أمس الأربعاء، في كلمة متلفزة تعتبر الأولى من نوعها بعد تحرك أنصاره نحو المنطقة الرئاسية واقتحام مجلس النواب السبت الماضي، إلى إنهاء عمل البرلمان والذهاب نحو انتخابات تشريعية مبكرة ولكن بآليات ومعايير دستورية جديدة.
ولاقت دعوة الصدر تفاعلاً كبيراً من قبل الأوساط السياسية وحتى من بعض الكيانات المنضوية تحت "الإطار التنسيقي" (المظلة السياسية لقوى مقربة من إيران) بينها "تحالف الفتح برئاسة هادي العامري، وائتلاف "النصر" الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.
وشهدت المنطقة الرئاسية تدفقاً كبيراً لجماهير مساندة لحركة الصدر بعد دعوة الأخير لتعزيز الزخم الاحتجاجي.
"فرصتنا الأخيرة"
في سرادق آخر، يتوسط رجل ستيني مرتدياً الزي العربي جمعا من الشباب، وقد بدا عليه الغضب والانفعال جراء جملة من الأسباب استعرضها لـ"العين الإخبارية".
يستهل أبو علي حديثه بسؤال على صيغة استنكار: "هل يعقل ونحن نمتلك الثروات والحضارة والتاريخ أن يحكمنا ساسة ولاؤهم للخارج ومشروعهم الهدم والنهب للدولة وخيراتها".
ويقول إن "الطبقة الحاكمة لا تريد أن تستسلم لفشلها ومازالت مصرة على خداع الجماهير بدغدغة المشاعر المذهبية والطائفية وهو ما نبه إليه الصدر في أكثر من خطاب وتوجيه".
ويتابع: "لم يتبق للصدر سوى المواجهة ونحن جاهزون وإن كلفتنا الدماء ولن ندخر روحاً أو مالاً من أجل نصرة قائدنا والوطن بعد دعوته الصريحة بإزالة الفاسدين وإبعادهم عن السلطة".
ويعطف بالقول: "غداً صلاة مليونية سيحضرها كافة أطياف الشعب العراقي وسنكون بانتظار التعليمات والمواقف المستحدثة".
ولا يقتصر الاعتصام على الرجال فقط، بل توجد نساء أيضا بينهن امرأة جاءت برفقة ولديها لتعلن مشاركتها ومؤازرة "الثوار" كما تقول.
وتبارك السيدة الخمسينية للشباب ثورتهم وتتضامن مع مطالب التغيير الجذري بإسقاط النظام السياسي القائم وغلق الطريق أمام عودة "أعداء الصدر"، على حد تعبيرها.
وتنتقل "أم صلاح" بين ممرات المبنى البرلماني وعند الحدائق الفارهة والخدمات التي بدت بأفضل حال، وهي تقول: "هنا يحكمون باسم الفقير وهم يتمتعون بكل تلك الرفاهية ونحن جل أمانينا أن ننعم بساعتين من الكهرباء خلال فصل الصيف اللاهب".
وفيما كانت تتفحص معالم الأمكنة، تعود أم صلاح لمواصلة حديثها:" سئمنا الفقر والرداءة والحروب والقتل.. أما آن لأبنائنا أن يعيشوا في بلد آمن مستقر؟".
وختمت بالقول: "الصدر فرصتنا الأخيرة وإن فقدناها سنكون أمام الهاوية المنتظرة".