شط العرب.. عنوان جديد لإثارة شهية ترامب لتقويض إيران
الساحة العراقية تتهيأ لصراع ترامب مع طهران
علاوي يسعى إلى تسمية ملف إقليمي، يغري الرئيس الأميركي، لترجمة تصريحاته المعادية للقيادة الإيرانية، إلى برنامج عمل محتمل بأهداف واضحة.
أطلق زعيم حزب الوفاق الوطني العراقي، إياد علاوي، تحذيرات بشأن المساعي الإيرانية الهادفة للسيطرة على الخليج العربي، لكن تلك التحذيرات قرئت باعتبارها محاولة من القوى المناهضة للنفوذ الإيراني في العراق للاستثمار في التوجهات الجديدة للإدارة الأمريكية تجاه طهران، وإعادة تثبيت مواقعها في انتظار الترتيبات الجارية لإعادة تشكيل الساحة السياسية في عراق ما بعد داعش.
ونجح علاوي، وهو سياسي شيعي مخضرم طالما عرف عنه تحاشي الغرق في التنظير، في تسمية ملف إقليمي، يغري الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في ترجمة تصريحاته المعادية للقيادة الإيرانية إلى برنامج عمل محتمل بأهداف واضحة، من شأنها أن تجذب اهتماما وربما دعما خليجيا أيضا، بحسب مراقبين.
ودعا حزب الوفاق الوطني العراقي بزعامة نائب رئيس الجمهورية علاوي، الحكومة والبرلمان إلى التحرك سريعا للحفاظ على سيادة العراق في الخليج تجاه التصعيد الإيراني.
وقال الحزب، في بيان أمس إن "حقوق العراق أصبحت اليوم في خطر، بعد تصعيد إيران حملتها السياسية المطالبة بمزيد من المكاسب، سواء لجهة الجانب النهري من شط العرب، أو في الجانب البحري".
وكان العراق وإيران وقعا في عام 1975 على "اتفاقية الجزائر"، والتي تنص على اعتبار خط منتصف شط العرب "التالوك"، الحد الفاصل للحدود المائية لكلا البلدين.
وأضاف الحزب أن إيران "تواصل زحفها بوتيرة متسارعة على حقوق العراق البحرية السيادية في الخليج العربي وفي المياه الدولية، كما تطالب إيران بخور وميناء العمية".
ويرى محمد عباس ناجي، رئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية، أن تلك التحذيرات تأتي في سياق "الضغوط السياسية التي تواجهها طهران بعد وصول ترامب إلى السلطة.
ومنذ بدء حملته الانتخابية، واصل الرئيس الأميركي ترامب هجومه على إيران باعتبارها من الدول الراعية للإرهاب، ملوحا برغبته في إعادة النظر في الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى غربية العام قبل الماضي وأنهى عقودا من العقوبات المفروضة على إيران.
ويقول الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية إن علاوي "يعمل على استثمار الظرف الدولي الراهن المتمثل في موقف ترامب المعلن تجاه طهران من أجل تصعيد سياسي، يعول على إمكانية تثبيت موقع جديد يسمح بأخذه على محمل الجد في أي ترتيبات مقبلة في مستقبل العراق.. وهو مشهد مختلف بالقطع عما نراه الآن.. ويمكن عنونته بمرحلة ما بعد داعش".
الإشارات نفسها يلتقطها الكاتب العراقي صلاح نصراوي، الذي يشير إلى المكالمة الهاتفية الأخيرة بين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وترامب، قائلا لـ"العين" إن الإفادة التي صدرت عن البيت الأبيض حملت تعبير مناقشة التهديدات الإيرانية، وهو أمر يعني بشكل واضح أن العراق مرشح لأن يكون واحدا من ساحات الصراع بين البيت الأبيض وطهران".
ويرى نصراوي أنه في بلد مفتوح على التدخلات الإقليمية كالعراق تبدو عملية خلط الأوراق جزءا من اللعبة السياسية بامتياز.
وحملت التصريحات التي أطلقها علاوي، أمس، تحذيرات بشأن فقدان العراق للمنفذ الرئيسي إلى المياه الدولية وأعالي البحار، ما يهدد الوضع الاقتصادي والتجاري والأمني للعراق، ويضع الدول المتشاطئة على الخليج العربي برمتها على حافة صراعات جديدة، وتكرار سيناريوهات النزاعات والحروب السابقة، في حال استمرار الصمت عن الممارسات الإيرانية.
ويضيف ناجي أن "الدول العربية التي تخلت عن دورها في الملف العراقي وسمحت بتغول النفوذ الإيراني في العراق، مطالبة بمزاحمة هذا النفوذ اعتمادا على قوى سياسية وطنية لا مذهبية، وهو أمر يدركه علاوي الذي يضع نفسه كعنوان لهذه القوى".
وتبدو التحركات متسارعة من أجل بناء تحالفات جديدة استعدادا لمرحلة ما بعد داعش، ويشير عباس ناجي إلى مشروع التسوية السياسية الذي أطلقه التحالف الوطني في العراق بزعامة عمار الحكيم، وكذلك مؤتمر جنيف الذي يضم المكونات السنة في العراق بمشاركة ديفيد بيتريوس "وهي مشاركة مفهومة"، بحسب ناجي، لكن أيضا بحضور محمد البرادعي "وهي مشاركة مثيرة للدهشة"، على حد تعبيره.
ويلفت نصراوي كذلك إلى رغبة علاوي في إثارة قضايا وطنية قبل استحقاقين انتخابيين مقبلين؛ الانتخابات المحلية المقرر لها سبتمبر/ أيلول المقبل، والبرلمانية المقرر إجراؤها العام القادم.. "فهذه القضايا تصلح للشحن العاطفي واستقطاب الناخبين".
وفيما تتهيأ الساحة العراقية لصراع محتمل بين الولايات المتحدة وطهران، يبدو أن القوى الإيرانية المناهضة لنفوذ إيران في العراق تسعى لتقديم ملفات إقليمية عالقة لإثارة شهية ترامب المتحفز أصلا للوثوب على إيران من أجل تقويض نفوذها المتنامي في الشرق الأوسط.