قرش الإسكندرية الصغير.. مشهد معتاد ضخمته حادثة الغردقة
إذا كنت من قاطني محافظة الإسكندرية "شمال القاهرة"، فمن المعتاد أن تشاهد أسماك القرش الصغيرة في أسواق السمك.
ولكن صور انتشرت لأحد الصيادين، وهو يمسك بإحداها، بعد أيام من حادث قرش الغردقة، أثارت حالة من الفزع والخوف، خارج نطاق المحافظة، التي يقصدها المصطافون هذه الأيام، من احتمالية أن تكون سواحل المتوسط، التي لم تشهد في تاريخها، أي حوادث لهجوم أسماك القرش، على موعد مع تلك الحوادث (النادرة) التي تشهدها سواحل البحر الأحمر، كل بضع سنوات.
وأصدرت محافظة الإسكندرية بعد ساعات من انتشار الصور بيانا مطمئنا، أكدت فيه أن السمكة التي استعرضها الصياد تم اصطيادها على بعد نحو 3 كيلومترات من الشاطئ، وهي مسافة لا يصل لها عادة رواد الشواطئ، وبالتالي لا تمثل خطورة عليهم، غير أن ذلك لم يكن كافيا لإنهاء رسائل الهلع التي انتشرت عبر موقع التواصل الاجتماعي، وهو ما عده علاء عثمان، أستاذ علوم البحار وعميد كلية العلوم جامعة أسيوط (جنوب مصر)، تأثرا واضحا بحادث سمكة القرش، الذي وقع قبل أيام بساحل مدينة الغردقة بالبحر الأحمر.
ويقول في تصريحات لـ "العين الإخبارية": "دعونا نفرق بين سمك القرش الكبير والصغير في البحر الأبيض المتوسط، فالأنواع الكبيرة تكون على مسافة تصل إلى 12 كيلو من الشاطئ، وفي عمق 200 متر، وهذه الأنواع لم يتم رصدها من قبل في المياه الضحلة، بينما الأنواع الصغيرة، كالتي تظهر في الصور المتداولة، ليست بخبرة الأسماك الكبيرة، فتجرفها الأمواج، وتظهر أحيانا في مناطق ليست معتادة بالنسبة لها على بعد 3 كيلو من الشاطئ، فتصيدها شباك الصيادين من حين لآخر".
والسلوك الصحيح الذي كان ينبغي على الصياد فعله، كما يوضح عثمان، هو أن يعيد الصياد تلك السمكة مره أخرى إلى المياه، لأن القواعد التي تنطبق على صيدها، هي نفسها التي تنطبق على الأنواع الأخرى، حيث يحظر صيد الأحجام الصغيرة، حفاظا على التوازن البيئي.
ويضيف: " بعض الصيادين يعيدون تلك الأسماك عند اصطيادها، ولكن البعض الآخر لا يفعل، لذلك من المعتاد أن تجد مثل هذه الأسماك الصغيرة من القرش في الأسواق، ولكن حادث الغردقة هو الذي تسبب في حالة الخوف غير المبرر".
ويستبعد عثمان احتمالية وقوع حادث شبيه بما وقع في الغردقة بالبحر الأبيض المتوسط، قائلا: "في تصوري أن وجود سمكة القرش في حادث الغردقة بالمياه الضحلة سببه سلوك المراكب السياحية غير المنضبط، والمتمثل في إلقاء الطعام بالمياه، فتتعود أسماك القرش على نمط غذائي مختلف، يتسبب في مثل هذه الحوادث، وهذا لا يحدث في البحر الأبيض المتوسط، ربما لأنه لا توجد شعاب مرجانية، تستهدفها رحلات المراكب السياحية، كما يحدث في البحر الأحمر".
والفارق بين البحر الأحمر والأبيض المتوسط ليس فقط في السلوك البشري، ولكن في درجات الملوحة، التي لا تسمح لأسماك القرش الكبيرة في التواجد بالمياه الضحلة، كما يقول سمير رزق الله، الأستاذ في معهد علوم البحار بالإسكندرية.
ويوضح في تصريحات لـ "العين الإخبارية": أن " البحر الأبيض المتوسط تكون درجة ملوحة المياه به في المناطق الضحلة القريبة من الشاطئ غير مناسبة لأسماك القرش، والسبب يرجع إلى أن مياه نهر النيل العذبة تختلط بمياه المتوسط في كثير من المناطق ، ومنها منطقة المكس حيث عثر على القرش الصغير، لذلك فإن هذه البيئة غير مناسبة على الإطلاق للأسماك الكبيرة، التي تفضل المياه ذات الملوحة الطبيعية".
ويضيف " رغم أن درجة الملوحة تمثل وقاية من ظهور أسماك القرش الكبيرة في المياه الضحلة بالبحر الأبيض المتوسط، فإنه لا توجد أيضا رحلات بمراكب السياحة، كالتي تحدث في البحر الأحمر، حيث تتسبب سلوكيات مرتاديها في خلل كبير بسلوك سمكة القرش، حتى أننا فوجئنا أثناء تشريح سمكة القرش المسئولة عن الحادث الذي وقع في مدينة شرم الشيخ قبل أعوام، أنها باتت تأكل كل شيء، حتى عبوات المياه الغازية (الكانز)".
ويطمئن رزق الله مرتادي شواطئ الأبيض المتوسط بأنها آمنة تماما، مؤكدا أنه على مدار عمله طيلة 50 عاما في علوم البحار، لم يصادف وقع حادثة هجوم سمكة قرش على البشر.
ويوجد في البحر الأبيض المتوسط 47 نوعا من أسماك القرش، والسمكة التي انتشرت صورها مع الصياد، هي من نوعية (الماكو)، الذي ينتمي لجنس يسمى (إسيورس)، ومن صفاتها السطح الظهري ذو اللون الأزرق، والسطح البطني الأبيض، ومقدمة الوجه الممتدة، والزعانف قمرية الشكل، والعيون الكبيرة سوداء اللون.
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز