للمرة الأولى.. الجزائر تتعرف على شهداء الاحتلال الفرنسي
للمرة الأولى، تمكن الجزائريون من مشاهدة صور نادرة لعدد من رموز ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، بعد إفراج باريس عنها.
والأربعاء، تداول جزائريون للمرة الثانية خلال الأسبوع الحالي، صورة لأحد قادة الثورة الجزائرية بالألوان وهو الشهيد العربي بن مهيدي الذي كان يوصف بـ"قاهر جنرالات فرنسا"، وتعود إلى فترة خمسينيات القرن الماضي.
- حكاية جزائرية.. العربي بن مهيدي "قاهر جنرالات فرنسا"
- حكايات جزائرية.. العربي التْبَسّي "الشهيد الذي لا قبر له"
ووفق وسائل إعلام محلية، فإن الأرشيف الفرنسي أفرج عن الصورة، مرفوقة بوثيقة أرشيفية نادرة هي "نسخة من شهادة ميلاد" بن مهيدي.
ويعد بن مهيدي من القادة الذين فجّروا ثورة التحرير الجزائرية في نوفمبر/تشرين الثاني 1954، وتعرض للتعذيب بأبشع الطرق ليبوح بأسرار الثورة، لكنه عذب فرنسا بصمته، وفق شهادات جنرالات فرنسيين.
وما زال التاريخ الجزائري يسرد أقوالاً راسخة تركها الشهيد "إرثاً" لأجيال الاستقلال، أبرزها: "إذا ما استشهدنا، دافعوا عن أرواحنا، نحن خُلقنا من أجل أن نموت لكي تستخلفنا أجيال لاستكمال المسيرة"، وكذلك "ألقوا بالثورة إلى الشارع فسيحتضنها الشعب".
وكان الجنرال الفرنسي مارسيل بيجار المشهور بلقب "السفاح"، الذي أشرف على عملية استنطاق بن مهيدي، ترك شهادة عن قوة وصلابة المناضل الجزائري.
وفي اعترافات نادرة للجنرال الفرنسي، أكد أنه "رفع التحية العسكرية بعد أن رفض بن مهيدي الاعتراف بخطة الثورة وأماكن الثوار"، ثم قال مقولته الشهيرة حينها: "لو كان لي 3 من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم" بعد أن عجز عن استنطاقه بكل أساليب التعذيب.
ومنذ بداية الأسبوع الحالي، يتداول الجزائريون عبر منصات التواصل الاجتماعي صورة أخرى بالألوان لشهيد الثورة الجزائرية زيغود يوسف، التقطت يوم اعتقاله من قبل جنود في الاحتلال الفرنسي عام 1950.
لكن اتضح أن الصورة متواجدة في الجزائر منذ نحو 8 أعوام، إذ تمكن الباحث الجزائري رياض شروانة، الأستاذ المتخصص في التاريخ المعاصر بجامعة "السوربون" في باريس، من الحصول عليها من الأرشيف الفرنسي لنشرها في دراسة بحثية تاريخية.
وكشف الباحث الجزائري عن تفاصيل الصورة في منشور عبر موقع "فيسبوك"، قال فيه إنه "تم استخراج الصورة من الأرشيف الفرنسي منذ أزيد من 8 أعوام، قبل أن ينشرها الأكاديمي عمارة علاوة في الطبعة الثانية من دراسته التاريخية بعنوان "المسيرة النضالية والثورية للشهيد القائد محمد الصالح ميهوبي" الصادرة عام 2017".
وأوضح أن الجديد في الصورة الحديثة عن الصور الأرشيفية المتداولة للشهيد زيغود يوسف، هو استخدامهم تقنية تصوير عالية الدقة خلال العمل الأرشيفي الذي قام به الباحثون الجزائريون نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، مما جعلها بالشكل الذي وردت فيه".
وتعود الصورة إلى 26 أبريل/نيسان 1950 غداة اعتقال المناضل من قبل الاحتلال الفرنسي، وفق الباحث الجزائري.
ومنذ استقلال الجزائر قبل 59 عاماً، كانت الصور المتداولة عن الشهيدين العربي بن مهيدي وزيغود يوسف نادرة وبالأبيض والأسود، تكاد تكون ملامحهما فيها غير واضحة، فيما تبقى صور شهداء آخرين "تقريبية" خصوصاً أولئك الذين بقي مصيرهم مجهولا ودون قبور مثل الشهيد العربي التبسي الذي قام الاحتلال الفرنسي بتعذيبه وقتله بـ"سلخ جلده ووضعه في برميل من الماء الساخن".
واعتبر عدد من السينمائيين بأن للصورتين أهمية كبيرة لتجسيد شخصية أبطال الثورة التحريرية في أفلام سينمائية تاريخية، بعد سنوات من صعوبة التعرف على ملامح الكثير منهم.
ويأتي الكشف عن الصورتين النادرتين في سياق الجدل الحاصل في البلدين حول ملف الذاكرة الشائك والذي عاد بقوة منذ العام الماضي، قبل أن تتسارع الأحداث عقب صدور تقرير المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا حول الذاكرة والحقيقة.
فيما أجمع مؤرخون وباحثون جزائريون على أن تلك الصور النادرة أعادت فتح جراح الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر، وسلطت الضوء على أبطال الثورة الجزائرية الذين سجلوها ضمن أعظم الثورات التحررية في القرن العشرين.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMy4yMCA= جزيرة ام اند امز