"الأرشيف المشترك".. عقبة تعرقل تطبيع العلاقات الجزائرية الفرنسية
ما زال ملف الأرشيف المشترك عقبة في طريق تطبيع العلاقات الجزائرية الفرنسية بشكل كامل.
وتعد "اللجنة المشتركة للذاكرة" أحد الملفات التي تسعى الجزائر لحسمها مع باريس، في خطوة ستؤدي إلى كتابة موحدة للتاريخ المشترك بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر (1830-1962).
وتشكلت اللجنة المشتركة لبحث ملف الذاكرة بين الجزائر وفرنسا، خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر في أغسطس/آب الماضي، وبالفعل عينت الجزائر 5 مؤرخين لتمثيلها في اللجنة، إلا أن ماكرون لم يفصل بعد في قائمة المؤرخين الفرنسيين.
وأرسلت الجزائر إلى قصر الإليزيه قبل أيام قائمة بأسماء 5 مؤرخين فرنسيين، رشحهم المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا ليكونوا في اللجنة المشتركة.
ويعد ستورا أحد أشهر الخبراء الفرنسيين المتخصصين بتاريخ الجزائر، خصوصا الثورة التحريرية وشمال أفريقيا عامة، لكن ماكرون لم يعلن بعد عن موافقته على تعيين هذه الأسماء، التي تضمّ ثلاثة رجال وامرأتين، بحسب وسائل إعلام جزائرية.
وأول أمس الأربعاء، استقبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون 5 مؤرّخين جزائريين، تم تعيينهم ضمن اللجنة المشتركة.
والمؤرخون الخمسة هم محمد لحسن زغيدي: مؤرخ وأستاذ التاريخ المعاصر بجامعة الجزائر العاصمة، كما شغل سابقا منصب مدير متحف المجاهد ولديه عدة مؤلفات حول الثورة التحريرية والحركة الوطنية، ومحمد القورصو: مؤرخ وباحث في التاريخ، ولديه عدة مؤلفات ومقالات علمية حول الحقبة الاستعمارية في الجزائر ومنطقة المغرب العربي بصفة عامة، وجمال يحياوي وهو مؤرخ ومدير سابق لمركز البحث في المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية، وأستاذ للتاريخ المعاصر بجامعة الجزائر.
وتضم اللجنة كذلك عبدالعزيز فيلالي هو مؤرخ وباحث، وسبق أن ترأس مؤسسة عبدالحميد بن باديس، ولديه عدة مؤلفات حول الحقبة الاستعمارية ونضالات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وإيدير حاشي: وهو باحث في التاريخ ويعد أصغر أعضاء اللجنة وهو أستاذ بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران ولديه عدة بحوث حول الحقبة الاستعمارية الفرنسية بالجزائر.
ومنذ استقلالها في 5 يوليو/تموز 1962، تطالب الجزائر بفتح واستعادة الأرشيف السري الذي يخصّ فترة الاستعمار الفرنسي للبلاد، وهو الأرشيف الذي تحتفظ به باريس منذ عقود، وأكد الرئيس الجزائري تبون أكثر من مرة أن "فتح الأرشيف جزء لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية" لبلاده.
وفي يوليو/تموز 2020، استعادت الجزائر رفات عدد من رجال المقاومة الذين قتلوا خلال مقاومة الاحتلال الفرنسي، وكانت باريس تحتفظ برفاتهم وجماجمهم وتم تشييعهم في جنازة مهيبة تقدمها الرئيس تبون، ودفنوا بجوار مربع الرؤساء، بمقبرة العالية، بالجزائر العاصمة.
وفي 2021، قرر الرئيس الفرنسي ماكرون رفع السرية عن "وثائق مدرجة تحت بند أسرار الدفاع الوطني" وتخص حقبة استعمار الجزائر (1830-1962).
وليس هذا الأرشيف سوى جزءٍ من ملف الذاكرة المعقد بين الجزائر وفرنسا، إذ يطالب أكبر بلد أفريقي مساحة باريس بتسوية قضايا مهمة، منها قضية المفقودين الجزائريين في حرب الاستقلال، وكذلك التعويض عن الأضرار التي خلفتها التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، واستكمال استرجاع رفات قادة المقاومة الشعبية.
وأدى هذا الملف إلى تذبذب العلاقات الفرنسية-الجزائرية طوال الوقت، بل شابها التوتر في بعض الأحيان.
aXA6IDMuMTQ1Ljk3LjIzNSA= جزيرة ام اند امز