بعد "شراكة" باريس والجزائر.. من "تخنه الذاكرة"؟
بعد أزمة استمرت شهورا عاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لبلاده من زيارة الجزائر حاملا آمالا بـ"شتاء دافئ"، إثر الخروج من خلاف دبلوماسي حول الذاكرة.
فالرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبد المجيد تبون أبرما السبت "شراكة متجددة وملموسة وطموحة" لإحياء العلاقات الثنائية على أن يرافق ذلك الآن بإجراءات ملموسة.
ووسط ضجة إعلامية كبيرة، وقع رئيسا الدولتين إعلانا مشتركا، سيشكل خروجا من الخلاف الدبلوماسي حول الذاكرة، وحرب الجزائر، ويمثل تعبيرا عن رغبة معلنة في تعزيز التعاون في جميع المجالات.
إلا أنه مع ذلك، فإن الرهانات تبقى هائلة على خلفية إرث استعماري ثقيل لم تتم تسويته بعد، وغياب متزايد للأمن في المنطقة، وظل الحليفة المقربة للجزائر روسيا ونفوذها المتزايد في أفريقيا.
وإلى ذلك، قال كريم أملال المندوب الوزاري الفرنسي المكلف بحوض البحر المتوسط؛ في حديث لـ"فرنس برس"، إن "الزيارة سمحت بحلحلة الأمور. هذا سمح بتوطيد، إن لم يكن إعادة ابتكار، روابط بيننا".
فيما حلل مصدر دبلوماسي فرنسي الوضع قائلا: "نعتبرها خطوة أولى. سنرى في اليوم التالي ماذا سيحدث وكيف ستبدأ الأمور".
من جهته، يرى بيار فارمران أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة السوربون أن "التقدم الحقيقي" متوقع قبل كل شيء في "المسائل الاستراتيجية".
إحلال الاستقرار
فارمران قال لـ"فرانس برس"، إن "منطقة المغرب العربي بأسرها على وشك الانهيار بسبب أزمة الطاقة والغذاء"، وانعدام الأمن في منطقة الساحل والخلافات بين سلطات الجزائر والمغرب.
وفي هذه الأجواء تبقى "المسائل الفرنسية الجزائرية الصغيرة التي تعود إلى فترة الاستعمار مهمة جدا للناس لكن الدول طوت أصلا هذه الصفحة".
وفيما تريد الجزائر إعلان عودتها إلى الساحة الدولية تعول فرنسا التي انسحبت مؤخرا من مالي على الجزائر للمساعدة على إحلال الاستقرار في المنطقة.
وجلس الرئيسان تبون وماكرون الجمعة حول طاولة واحدة مع رئيسي أركان جيشي البلدين والاستخبارات، في سابقة منذ استقلال الجزائر عن فرنسا في 1962. وأكدا في البيان المشترك أنهما سيكرران الأمر كلما كان ذلك "ضروريًا".
ذاكرة الاستعمار
وقال جوف بورتر الخبير في شؤون شمال أفريقيا في مركز "نورث أفريكا ريسك كونسالتينغ" إنه "حاليا، تحتاج فرنسا إلى الجزائر أكثر مما تحتاج الجزائر إلى فرنسا، وليس لديها الكثير لتقدمه".
وتسبب قضية ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر مصدر إزعاج، فيما تفحص لجنة من المؤرخين الجزائريين والفرنسيين أرشيفي البلدين "من دون أي محظورات".
ومهد رئيسا الدولتين الطريق لتخفيف نظام التأشيرات الممنوحة للجزائريين، مقابل تعاون متزايد من الجزائر في مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وبدا السفير السابق لفرنسا في الجزائر كزافييه دريانكور اكثر حذرا، حينما قال: "دعونا ننتظر لنرى ما إذا كان الجزائريون سيستجيبون بجدية للمقترحات الفرنسية وما إذا كانوا سيقدمون الإشارات التي تتوقعها باريس"، مذكرا بأنه لا شيء تحقق من الإعلانات بعد زيارة ماكرون للجزائر في 2017.
فتح الأرشيف
وأضاف بيار فارمران أن "القضية الحقيقية هي فتح الأرشيف الجزائري وحرية المؤرخين الجزائريين في العمل"، فيما سيتعين على لجنة المؤرخين أن تفتح ملف "وحشية" الاستعمار الفرنسي ولكن أيضًا ملفات مسائل حساسة للجزائر مثل قضية الأوروبيين الذين فقدوا في نهاية حرب الاستقلال.
لكن المؤرخ الجزائري محمد أرزقي فرّاد يرى أن "قول إن الجزائريين لا يريدون فتح الأرشيف حتى لا تُكتشف أمور لا تُسرّهم لا أساس له من الصحة".
وقال لـ"فرانس برس" إنه "من الأخطاء التي ترتكبها فرنسا عند الحديث عن جرائم الاستعمار أنها تساوي بين جيشها وبين جبهة التحرير (الوطني التي قادت حرب الاستقلال بين 1954 و1962) وهذا غير معقول".
aXA6IDEzLjU4LjE4OC4xNjYg جزيرة ام اند امز