أول يوم لإغلاق مساجد الجزائر.. صدمة وحسرة وخوف من كورونا
"العين الإخبارية" تستطلع مواقف الجزائريين بعد قرار غلق المساجد وردود فعلهم على قرارات السلطات لمنع تفشي فيروس كورونا في البلاد.
تباينت ردود فعل الجزائريين مع بداية تنفيذ قرار غلق جميع المساجد ودور العبادة في جميع محافظات البلاد لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد، بين حزن على إغلاق بيوت الله وخوف من تفشي (كوفيد-19).
مجموعة القرارات التي اتخذتها السلطات الجزائرية لتحجيم الفيروس الوبائي دفعت كثيرين لاستشعار الخطر المحدق بهم والقادم إليهم. "العين الإخبارية" رصدت ردود فعل المواطنين في اليوم الأول لتطبيق قرار غلق المساجد.
- الجزائر تقرر غلق المساجد وإبقاء الأذان خشية كورونا
- الجزائر تترقب أول خطاب لـ"تبون" منذ تفشي كورونا وانهيار أسعار النفط
"وأخيرا استشعر الجزائريون الخطر المحدق بهم"، هكذا علق أحد الجزائريين وهو يرى الدهشة على وجوه أبناء بلده مع إغلاق المساجد المغلقة ودعوة المؤذنين إلى الصلاة في البيوت.
في الجزائر الوسطى، كان عمال البلدية منهمكون في تعقيم الشوارع ومحطات توقف الشاحنات، في مشهد غير مألوف باستعمال شاحنات كبيرة وخراطيم كبيرة، وروائح المعقمات طغت على روائح المدينة.
وعند الساعة 15:20 دقيقة بتوقيت جرينتش صدحت المساجد في الجزائر العاصمة بأذان موحد وغير مألوف، واتفق المؤذنون على ختمه بقول "الصلاة في بيوتكم" مرتين.
وكان من بين دور العبادة هذه "المسجد الكبير"، أقدم مسجد بالجزائر العاصمة والذي يغلق للمرة الأولى، وسط حسرة ودهشة كثير من الجزائريين.
عبدالمجيد صاحب الـ50 عاماً، كان أحد الذين بدت على وجوههم الحسرة، وقال لـ"العين الإخبارية": "حتى أمس لم أكن أصدق وجود وباء بهذا الخطر، ولم أعره اهتماماً، لكن بما أن الأمر وصل إلى حد غلق المساجد ودعوتنا للصلاة في المنازل فهذا يعني أننا في خطر".
ثم توقف عبدالمجيد، الموظف في أحد فنادق العاصمة، عن الكلام بضع ثوانٍ، واستأنف: "عائلتي في خطر، عندي 3 أطفال، كل من نصحني بالوقاية باستعمال القفازات والأقنعة ومواد التنظيف كان محقاً". وقرر المغادرة مسرعاً إلى الصيدليات لعله يجد تلك الأشياء التي باتت نادرة في جميع محافظات البلاد.
وأعلنت السلطات الجزائرية، الثلاثاء، ارتفاع عدد المصابين بفيروس كورونا إلى 62 حالة مؤكدة، فيما بلغ عدد الوفيات 5 حالات؛ لتصدر عددا من القرارات كان من بينها قرار وزارة الشؤون الدينية غلق جميع المساجد ودور العبادة بكل المحافظات.
"العين الإخبارية" انتقلت من شارع إلى آخر حيث الحركة السير مكتظة، وسط إقبال كبير على المحلات الخاصة ببيع المواد الغذائية أو مواد التنظيف والصيدليات.
وبإحدى صيدليات محافظة بومرداس، التي تبعد عن العاصمة بنحو 50 كيلومتراً، وجدت "العين الإخبارية" كل الزبائن يبحثون عن الأقنعة والقفازات والمعقمات، لكن الإجابة كانت واحدة: "لا يوجد للأسف، ننتظر تزويدنا بها اليوم أو الغد".
وقال شمس الدين (25 عاماً)، الذي تكفل بالرد على طلبات الزبائن: "هناك ندرة غير طبيعية في تلك الوسائل الضرورية، حتى إن تجار الجملة أبلغوني بعدم وجودها، وهناك جهود لتوفيرها".
وخلال حديثه "العين الإخبارية"، ألقى "شمسو"، كما يلقبه زملاؤه في الصيدلية، بجزء من المسؤولية على "سلوك بعض المواطنين" الذي وصفه بـ"الأناني".
وقال: "بعض الجزائريين يلجأون إلى شراء تلك المعدات بكميات كبيرة وفوق حاجتهم دون أن يعيروا أي اهتمام لبقية الناس"، مشيرا إلى اتفاق كثير من الصيدليات على بيع كميات محدودة لكل زبون حتى تصل إلى غالبية الجزائريين.
وفي الوقت الذي اشتكى فيه جزائريون من استغلال التجار أزمة كورونا ومضاعفة أسعار القفازات والأقنعة والمعقمات 4 مرات، أرجع الصيدلي ذلك إلى "تجار الجملة" وحملهم مسؤولية ذلك، وقال إن "الصيادلة محكمون بدفتر شروط وأسعارهم تخضع للمراقبة".
بعض الجزائريين قالوا لـ"العين الإخبارية" إن قرار السلطات إغلاق المساجد درءاً لانتشار كورونا "أحدث صدمة أكبر من صدمة الوباء"، ويقول البعض إنها "وضعت المشككين في حقيقة الفيروس أو المستهترين به في الأمر الواقع، وتحرك معها الضمير الجماعي الذي بدأ يستشعر خطورة اللامبالاة على الأمن الصحي للبلاد".