إغلاق صناديق الاقتراع في الجزائر وسط إقبال ضعيف
إغلاق صناديق الاقتراع بالجزائر في أول انتخابات نيابية تأتي عقب التعديلات الدستورية التي جرت في السابع من فبراير/شباط 2016.
أغلقت صناديق الاقتراع بالجزائر في حدود الساعة (20:00 مساء بالتوقيت المحلي) في 42 ولاية من أصل 48، بعد أن تقرر تمديد الاقتراع بها، فيما أغلقت في بقية الولايات في السابعة مساء (19:00 مساء) بالتوقيت المحلي، بعد أن أدلى الجزائريون بأصواتهم في أول انتخابات نيابية تأتي عقب التعديلات الدستورية التي جرت في السابع من فبراير/شباط 2016 والتي أقرت دسترة الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، لتبدأ بعدها مباشرة عمليات فرز الأصوات في كل الدوائر الانتخابية، في انتظار الإعلان الأولي عما ستفرزه صناديق الاقتراع، غداً، من قبل وزير الداخلية الجزائري.
وينص القانون الجزائري في مادته 32، أن صناديق الاقتراع تغلق عند السابعة مساء، لكن يمكن للوالي "عند الاقتضاء وبترخيص من وزير الداخلية تأخير ساعة اختتام الاقتراع في بعض البلديات أو في سائر الدوائر الانتخابية، قصد تسهيل ممارسة الناخبين لحقهم في التصويت".
وعن نسب المشاركة، أعلن وزير الداخلية الجزائري، نور الدين بدوي، في ندوة صحفية، أن نسبة المشاركة العامة بلغت 33.53% في حدود الساعة الخامسة مساء بتوقيت الجزائر، مع توقعات رسمية بأن تكون النسبة النهائية مشابهة للنسبة المسجلة في 2012 التي لم تتعدَ 43%.
الملاحظ في نسب المشاركة المعلن عنها منذ الصباح، أنها متقاربة إلى حد كبير مع نسب المشاركة في الانتخابات النيابية لعام 2012 التي لم تتعدَ 43%، وإن كانت هذه النسبة تؤكد توقعات عدد من المراقبين بأن نسب المقاطعة ستفوق نسبة المشاركة في هذه الانتخابات، إلا أنها تبقى مريحة للسلطات الجزائرية والأحزاب المشاركة التي كانت تتخوف من نسب مقاطعة قياسية، وأيضاً بعد الانتقادات الموجهة للأحزاب السياسية المتعلقة بعجزها عن استقطاب الجزائريين في حملاتها الانتخابية.
وفي تعليقه على نسب المشاركة النهائية، قال المحلل السياسي، الدكتور عبد الرحمن بن شريط، "إن النسبة غير مفاجئة ومتوقعة"، مضيفاً "أنه يجب الإشارة إلى شيء مهم، وهو أن نسبة المشاركين لا تعكس قناعة الجميع بالبرامج الانتخابية او بالمرشحين، لكن جزءاً منهم تعود على التصويت من منطلق اعتقادهم أن الاقتراع هو حماية للوطن، دون أن نغفل الأوراق البيضاء التي يعبر بها كثير من المصوتين في هذه الانتخابات".
ودعا بن شريط، البرلمان القادم "إلى التعلم من هذا الدرس جيداً، وأن تحليل نسب المشاركة يخيف أيضاً كما تخيف نسب المقاطعة"، مضيفاً أن "أن على البرلمان القادم أن يضطلع بمسؤولياته تجاه الشعب الجزائري، لأنهم همزة الوصل بينهم وبين السلطة الجزائرية، وبالتالي عليهم الدفاع عن المواطن وليس فرصة للثراء".
كما قال المحلل السياسي، "إن التشكيلات السياسية التي ستدخل البرلمان ستجد نفسها أمام تحديات كبيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية، وإذا أرادت إكمال شرعيتها فعلى البرلمانيين المساعدة في إخراج الجزائر من الرهانات الاقتصادية الصعبة التي تعيشها، وإلا فإن هذه التشكيلات ستوقع شهادة وفاتها السياسية والشعبية".
في حين قال الوزير الجزائري الأسبق، الهادي خالدي، في حديث مع بوابة "العين" الإخبارية "الانتخابات من الناحية التنظيمية كانت أكثر من معقولة والدليل عدد التجاوزات المسجلة"، معترفاً أيضاً بوجود "حالة من اليأس في المجتمع الجزائري لا بد من إيجاد حلول مستعجلة لها بالنظر إلى الاستحقاقات القادمة وكذا الطروف التي تمر بها الجزائر".
لكن مناضل الأفالان (الحزب الحاكم) توقع "فوز حزبه بهذه الانتخابات ومحافظته على الأغلبية في البرلمان القادم"، ومعترفاً "بالمنافسة الشرسة التي "واجهها الأفالان في هذه الانتخابات من قبل بعض التشكيلات السياسية".
من جانب آخر، أعلن رئيس الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات التشريعية، عبد الوهاب دربال، أن الهيئة سجلت حولي 328 إخطاراً من مختلف الأحزاب والمرشحين، مضيفاً أن البلاغات التي تم تحويلها للنائب العام من مجموع هذه الإخطارات بلغت 16، بعد تسجيل تجاوزات تمس بالقانون العام، لكنه اعتبر أنها طفيفة ولا تمس بنزاهة العملية الإنتخابية.
وعن طبيعة الإخطارات، قال دربال، إنها تتعلق بالتعرض للاعتداء الجسدي وتوجيه الناخبين للتصويت على جهة ما، وتوقيف بعض الأشخاص متلبسين بتهمة التزوير.
كما شهدت ولاية البويرة (شمال البلاد) أعمال شغب مع فتح صناديق الاقتراع، أثرت على سير العملية الانتخابية، حيث قام محتجون طالبوا بوقف التصويت بحرق أربعة صناديق اقتراع ورمي أوراق المرشحين في الشوارع، ليتم بعدها احتواء الأمر بحسب مصادر لبوابة العين الإخبارية واستئناف عمليات التصويت بالمراكز انتخابية.
في حين أجمع عدد من المسؤولين الجزائريين والاحزاب أن الانتخابات شرعت بشكل عام بشكل أكثر تنظيماً مقارنة مع المواعيد الانتخابية السابقة، وفي ظروف هادئة في جميع الولايات الجزائرية، باستثناء ما حدث في البويرة والذي تم احتواؤه.
وكان الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، قد أدلى بصوته في أحد مراكز الجزائر العاصمة بحضور عائلته وسط تعزيزات أمنية، وهو الظهور الأول لبوتفليقة في هذا الشهر، حيث كان آخر ظهور له عند استقباله الشهر الماضي نظيره الكونغولي، دونيس ساسو نغيسو.
للإشارة، فإن الانتخابات التشريعية شهدت تنافساً بين 11334 مرشحاً موزعين عبر 938 قائمة انتخابية، من بينها 716 قائمة لـ50 حزباً سياسياً، و125 قائمة لثلاثة تحالفات حزبية، و97 قائمة حرة، في حين يبلغ عدد الهيئة الناخبة في الجزائر 23 مليوناً و251 ألفاً و503 ناخبين.
ومن المرتقب أن يعلن غداً الجمعة وزير الداخلية الجزائري عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية بالمركز الدولي للمؤتمرات، على أن يعلن المجلس الدستوري النتائج النهائية بعد 72 ساعة من الإعلان عن النتائج الأولية.
وهي النتائج التي تتباين حولها توقعات المتابعين للشأن الجزائري، ما بين بقاء خريطة البرلمان السابق أو تغيرها بحصول تكتلات أخرى على أكبر عدد من المقاعد من البرلمان السابق، وبالتالي خسارة الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني) الأغلبية التي كان يحوز عليها في البرلمان السابق.