الحوثي المراني.. "العين الإخبارية" تتقفى أثر حارس "المعقل الأم"
لا يزال الجهاز الأمني التجسسي للحوثيين محتكرا على مجموعة صغيرة تشكلت في بدايات نشاطهم العسكري إبان الحروب الست بمعقلها الأم صعدة 2004.
مطلق المراني واسمه الحركي "أبو عماد"، هو أحد هذه القيادات التي تتناوب على إدارة النشاط الاستخباراتي للمليشيات وتنتقل إلى مناصب مختلفة غير أن مهمتها لم تتغير بتبدل مسميات الأجهزة الأمنية الحوثية.
والمراني المصنف من أخطر قيادات المليشيات الأمنية، كان هو أحد المؤسسين للجهاز الأمني للحوثيين منذ عمله مساعدا للصريع طه المداني القيادي الذي كان أول من وضع بنية الجهاز الأمني للمليشيات ضمن مجموعة ضمت كذلك خبراء أمنيين من مليشيات حزب الله اللبناني، الذين تواجدوا في اليمن منذ عام 2000 كمدربين، وفقا لمصادر خاصة لـ"العين الإخبارية".
وقالت المصادر إن "المراني أبو عماد تلقى تدريبا أمنيا على أيدي هؤلاء الخبراء الذين يقودهم أحد خريجي ما تسمى جامعة الإمام الحسين العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني".
التعليم والأدوار
بدأ المراني تلقيه التعليم الديني المتشدد في مراكز حوثية طائفية، أحدها "مركز زين العابدين" في حرف سفيان الحدودية بين صعدة وعمران، وبعد ذلك انتقل إلى مدرسة "الهادي" الطائفية، والتي تخرج فيها أغلب قيادات المليشيات المتطرفة.
وفيما اتجه الصريع طه المداني شقيق يوسف المداني القائد العسكري الحوثي، الذي يقود قوات المليشيات في المنطقة الخامسة للجانب الأمني، اختار مطلق المراني العمل في بناء تشكيلات استخباراتية بتوجيه وإشراف من خبراء مليشيات حزب الله اللبناني، وذلك ابتداءً من العام 2006.
وأكدت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، أن المراني عمل إلى جانب نشاطه التجسسي في تشكيل مجاميع عسكرية عقائدية انطلاقا من مناطق "الغيل وبرط العنان" وبقية مناطق محافظة الجوف (شمال شرق) وتسهيل نقل بعض الأفراد إلى صعدة لتلقيها تدريبات عسكرية على استخدام الأسلحة والعمل القيادي في الميدان.
كما نشط الرجل في "بناء شبكة علاقات مع تجار السلاح في مناطق القبائل بمأرب والجوف وصعدة وعمل على إتمام صفقات تسليح للمليشيات خلال حروب التمرد وذلك بتسهيلات من تاجر السلاح الشهير في اليمن فارس مناع الذي وفر تسهيلات كبيرة للمليشيات الحوثية".
اختراق ساحات الإخوان
المصادر العسكرية نفسها أكدت أنه "خلال فوضى الإخوان في اليمن عام 2011 كان مطلق المراني أحد الفاعلين داخل صفوف المليشيات الحوثية؛ إذ خطط لعمليات نهب وسيطرة على مخازن سلاح تابعة لمعسكرات في الجوف وصعدة وأشرف على تنفيذ عمليات عسكرية للمليشيات في الجوف وصعدة ضد السلفيين ومجاميع قبلية".
وإلى جانب نشاطه الأمني في صعدة والجوف وعمران، عمل المراني على نقل عناصر حوثية عقائدية إلى صنعاء للمشاركة في الاحتجاجات التي كان يقوم بها الإخوان في قلب صنعاء حتى استطاع بناء كتلة كبيرة من عناصر المليشيات داخل ما تسمى "ساحة التغيير".
ووفقا للمصادر فإن المجاميع التي شيدها المراني داخل ساحة الإخوان أسهمت بعد ذلك في التمهيد لاجتياح صنعاء وتقديم الدعم العسكري والأمني للمليشيات التي طوقت صنعاء في سبتمبر/أيلول عام 2014.
وعقب اجتياح صنعاء، عمل المراني على بناء غطاء أمني لقيادات المليشيات، وكانت تلك مهمته الأساسية مع خبراء إيرانيين وآخرين من مليشيات حزب الله ومن العراق وسوريا، إضافة إلى مواصلته بناء التشكيلات الأمنية في المربعات والأحياء السكنية والإشراف على تدريب عناصر يعملون لصالح وحدة المعلومات والأمن الوقائي التابع للمليشيات الانقلابية.
في المقابل تفرغ طه المداني (قُتل في 2015 بغارة للتحالف) للعمل داخل الوحدات الأمنية الحكومية وتنسيق تحرك مجاميع المليشيات إلى المحافظات التي اجتاحتها المليشيات عقب سقوط صنعاء وظهر المداني كعضو في اللجنة الأمنية العسكرية العليا هو وشقيقه يوسف المداني.
مدبر الاعتقالات وحارس صعدة
أدار مطلق المراني عمليات وحملات اعتقال واختطافات بالجملة تحت شعار "مكافحة الخلايا الأمنية" في حين كان المختطفون والمعتقلون هم معارضون ونشطاء وضباط رفضوا العمل لصالح المليشيات الحوثية.
كما أشرف على تعذيب الضباط المناهضين للحوثيين أحدهم العقيد عبدالمجيد علوس، الذي اعتقل في سجن الأمن القومي وعذبته المليشيات الإرهابية حتى الموت.
وتشير مصادر أمنية لـ"العين الإخبارية"، إلى أن المراني استطاع بين عامي 2015 و2017 السيطرة على أهم أجهزة المخابرات اليمنية ممثلا بـ"الأمن القومي" وحوله إلى وحدة تابعة للجناح الأمني للمليشيات بعد إزاحة أبرز قيادات الجهاز وتكليف عناصر حوثية بديلة عنها.
وأفادت المصادر بأن المراني ظل بعيدا عن الواجهة ودفع بقيادات أخرى لإدارة الشأن الأمني بينما كان هو صاحب الحضور الأقوى لدى زعيم المليشيات الحوثية، خصوصا بعد مصرع طه المداني مؤسس الجناح الأمني للمليشيات.
وبعد إتمامه مهمة حوثنة أجهزة المخابرات عاد المراني إلى صعدة من حيث بدأ ليعمل حارسا لزعيم المليشيات الحوثية من خلال إدارته الملف الأمني والاستخباراتي في محافظة صعدة معقل المليشيات الحوثية.
وحسب المصادر فإن المراني يشرف على كل ما يدور في محافظة صعدة عبر جهازه الاستخباراتي ويشرف على عمليات نقل وتخزين للسلاح في المحافظة، كما أغلق صعدة أمنيا من خلال إجراءات صارمة ومشددة وصلت حد إخضاع كل شخص يصل للمحافظة من خارجها للتحقيق، إضافة إلى وضع رموز القبائل تحت الرقابة المشددة.
يعتبر "مطلق علي عامر المراني"، أحد 5 أشقاء من كبار قيادات الصف الأول لمليشيات الحوثي وينحدروا من عائلة سلالية تتوغل في أخطر كيان تجسسي للانقلاب ويعرف بـ"الأمن الوقائي" وهو جهاز مخابرات سري شيده الحرس الثوري الإيراني باكرا للمهمات السوداء باليمن.
وأشقاء مطلق هم "عامر" و"زيد" و"عباس" والحسين"، وجميعهم شغلوا أدوارا أمنية وعسكرية متعددة، ولقي 3 منهم حتفهم على مدى الأعوام الماضية في ضربات جوية للتحالف وفي معارك شرقي اليمن.
أدلة دامغة
في وقت سابق، قالت مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، إن "مطلق المراني" والذي ينتحل رتبة "لواء" ويكنى "أبو عماد"، لا يزال يعد أحد أخطر قيادات جهاز المخابرات في حكومة الانقلاب وينتهك بشكل سافر حقوق اليمنيين الإنسانية.
وأوضحت المصادر أن المراني مطلق يعد المسؤول عما يسمى قطاع "الأمن الداخلي" في جهاز الأمن والمخابرات التابع لمليشيات الحوثي.
وقدمت تقارير أممية أدلة دامغة ضد المراني منها ارتكابه انطلاقا من منصبه كنائب رئيس لما يسمى "جهاز الأمن القومي"، جرائم تعذيب وحشية بحق أطفال وصغار سن اعتقلتهم المليشيات بشكل تعسفي لابتزاز مناهضيهم أو بتهمة التخابر.
وحمل تقرير خبراء الأمم المتحدة الصادر 2017، "مطلق المراني" ضمن 11 قياديا حوثيا مسؤولية ارتكاب أو إصدار أوامر الاعتقالات والتعذيب ووصلت حد حرمان الأطفال من الرعاية الصحية وإخفائهم قسريا لأعوام.
كما سجل التقرير تورط الإرهابي المراني في تعذيب وحشي لـ3 معتقلين حتى الموت.
ومطلع عام 2020، أدرجت الخزانة الأمريكية المراني ونحو 4 قيادات حوثية أخرى تدير ما يسمى جهاز المخابرات بصنعاء على لائحة الإرهاب وفرضت عليهم عقوبات مشددة إثر جرائمهم الإنسانية.