أيام الحوثي الطائفية.. عروض سياسية في "المولد النبوي"
منذ أن وطأ الحوثي أرض الجند شرقي تعز اليمنية، لم تعد الخمسينية سماح ناجي تستشعر عظمة المولد النبوي بعد أن تحول ليوم طائفي.
تقول السيدة اليمنية لـ"العين الإخبارية"، إنها امتنعت هذا العام عن الاحتفال بالمولد النبوي بعد أن أدخل الحوثيون عليه عادات دخيلة وغريبة منها منع الصدقات والطقوس الروحانية وتحوله إلى يوم سياسي وطائفي.
وتضيف أن الحوثي انتهك حرمة قداسة أرض الجند التي اختارها الصحابي الجليل معاذ بن جبل موطنا لأهم مساجد اليمن، وأجبروا الناس على طلاء وإضاءة المنازل والشوارع والأماكن المقدس باللون الأخضر بنهج التشييع.
وتقع الجند على بعد نحو 22 كيلو مترا عن مدينة تعز شرقا، وهي ذات مكانة دينية كبيرة، وشيد فيها الصحابي "معاذ بن جبل" بأمر من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بين السنتين السادسة والعاشرة للهجرة النبوية، أقدم مساجد اليمن وأكثرها شهرة وقدسية.
توظيف المناسبات الدينية
أصبح يوم المولد النبوي لا يختلف كثيرا عن أيام عاشوراء ويوم الغدير وغيرها من الأيام الطائفية للحوثيين والتي يتم استغلالها في النهب والسلب وتجويع وتركيع الناس.
ووفقا للناشط والإعلامي اليمني صلاح الجندي فإن مليشيات الحوثي لا تحتفل بالمولد النبوي إطلاقا، وإنما توظف المناسبات الدينية سياسيا كالحشد الشعبي، فضلا عن استغلالها من أجل إثراء أنفسهم ماليا وعسكريا.
وقال لـ"العين الإخبارية"، إنه منذ قرون من الزمن وذكرى المولد النبوي الشريف تشكل فرحة كبيرة في قلوب الناس، وموعد للخير والصدقات والبهجة، وتوزيع اللحوم للمحتاجين والحلوة للأطفال وإقامة الطقوس الروحانيه والمديح لكن منذ قدوم الحوثي اختفى كل ذلك.
وأرجع ذلك إلى أن الناس منذ 8 أعوام أصبحوا مع قدوم الربيع يخشون تحمل ما لا طاقة لهم من الجبايات والابتزاز وغياب المشتقات وارتفاعها وانعدام الخدمات وابتزاز التجار مبالغ مهولة بحجة الاحتفاء بهذه الأيام الطائفية واستغلال المولد النبوي في المتاجرة السياسية.
تكريس الولاء
تلعب مليشيات الحوثي على وتر العاطفة والدين كمبدأ لعلاقة الفرد بالمجتمع والدولة وتستغل إحياء المناسبات في محاولة تكريس الولاء للمشروع الطائفي بنهج إيراني.
وطبقا للباحث السياسي والكاتب صالح الحنشي فقد حرصت مليشيات الحوثي على إحياء المناسبات الدينية كالمولد وعاشوراء وتكريس الصبغة الخضراء لغرس وتجذير الولاء والطاعة بمناطق سيطرتها.
وبشأن قيام الحوثيين بإجبار الناس على الاحتفاء بهذه المناسبات، يرى الحنشي في مقال مطول إنه يعد بمثابة مقياس لأي تراجع أو تقدم في الولاء والطاعة وهو تطور خطير بالنسبة لجماعة أيديولوجية متطرفة.
من جهته، يرى الباحث في شؤون الجماعات الدينية باليمن سعيد بكران، أن فكرة إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف موجودة في كل بلدان العالم الإسلامي منذ مئات السنين وحولها نقاش فقهي معروف، لكن الحوثي حولها إلى عروض سياسية.
وانتقد بكران على حسابه بـ"فيسبوك" ما وصفه بـ"السخافات الإخوانية لخدمة الحوثي" وذلك لدى ذهاب البعض لوضع مقارنات غبية بين الفعاليات السياسية الدينية والطائفية التي ينفذها الحوثيون في صنعاء ومناطق سيطرتهم باسم المولد النبوي الشريف وبين إحياء ذكرى المولد في عدن وحضرموت ومناطق الجنوب.
وأضاف أنه من حق من يرى الاحتفال وإحياء الذكرى الدينية أن يفعل ويحتفي في إطار ديني لا سياسة فيه ولا سلطة ولا مال سلطة ولا سلاح سلطة.
لكن ما أحدثته مليشيات الحوثي، وفقا للباحث اليمني، "من فعاليات سياسية تحت اسم المولد وفعاليات أخرى بأسماء مختلفة هو دخيل ولا تعرفه صنعاء نفسها قبل الحوثي ولا الشمال اليمني".
وأكد أن المشكلة هي في تحويل المناسبة الدينية أو المذهبية لفعالية سياسية وسلطوية بمال وسلاح وساحات الدولة والحكم، وهذا ما يفعله الحوثي بالمولد النبوي وبغيره من المناسبات وهذا ما يفرق بين احتفال الناس بالمولد جنوباً وشمالاً اليوم باليمن.