كل ما تريد معرفته عن قواعد الاستيراد الجديدة في مصر.. التنظيم الصعب
أصدر البنك المركزي المصري الأسبوع الحالي قواعد الاستيراد الجديدة في مصر، ما رفضه المستوردون ويراه خبراء "التنظيم الصعب".
ما قواعد الاستيراد الجديدة في مصر؟.. "المركزي" يشرح
تضمن القرار وقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية والعمل بالاعتمادات المستندية ويسرى اعتبارا من تاريخ صدور القرار، أي مطلع مارس المقبل.
واستثنى قرار البنك المركزي فروع الشركات الأجنبية والشركات التابعة لها، وسمح للبنوك بقبول مستندات التحصيل الواردة عن بضائع تم شحنها بالفعل قبل صدور هذا القرار.
وأكد محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر في تصريح له أن القرار لا رجعة فيه، وأن البنوك مستعدة لتطبيقه بكفاءة.
ودعا عامر، رجال الأعمال إلى ضرورة الإسراع بتوفيق أوضاعهم وعدم إهدار الوقت في جدال لا علاقة له باستقرار التجارة الخارجية لمصر وسلامة أدائها.
ويأتي قرار البنك المركزي في إطار حوكمة عمليات الاستيراد وتفعيل منظومة التسجيل المسبق للشحنات التي سيبدأ تطبيقها بصورة إلزامية اعتبارا من بداية شهر مارس المقبل.
واشتكى اتحاد الصناعات المصرية وجمعية رجال الأعمال المصريين والاتحاد العام للغرف التجارية في رسالة إلى رئيس الوزراء من أن القواعد الجديدة قد تفاقم مشاكل سلاسل التوريد وتلحق ضررا بالتنافسية وتؤجل استيراد الشحنات.
وتسعى مصر لاحتواء فاتورة استيراد متزايدة وعجز في ميزان المعاملات الجارية ارتفع إلى 18.4 مليار دولار في العام المالي 2020-2021، من 11.4 مليار دولار في العام السابق.
وكانت الشركات تتعامل بمستندات التحصيل والتي يكون التعامل فيها بين المستورد والمصدر بشكل مباشر، ويكون البنك وسيطًا في هذه العملية، أما التعامل بالاعتمادات المستندية يعني أن التعامل سيكون بين البنك المستورد والبنك المصدر.
تفاصيل منظومة الاعتمادات المستندية الجديدة ببساطة
الدكتور عبدالمنعم السيد الخبير الاقتصادي شرح ببساطة لـ"العين الإخبارية" تفاصيل منظومة الاعتمادات المستندية الجديدة في مصر قائلا، "البنك المركزي المصري أوقف التعامل بمستندات التحصيل لتنفيذ كافة العمليات الاستيرادية والتحول كليا للاعتمادات المستندية فقط.
والفرق هنا إن الاعتمادات المستندية يكون التعامل فيها بين بنك المستورد وبنك المصدر، وتكون البنوك هي همزة الوصل بين المصدر والمستورد وتقوم بحجز سعر البضاعة من المستورد قبل وصول البضاعة ثم ترسلها لبنك المصدر بعد وصولها.
اما طريقة مستندات التحصيل القديمة كان التعامل بين المستورد والمصدر ويقتصر دور البنك على تحويل الأموال فقط.
وضرب مثلا بمستورد اتفق على شراء سلع بقيمة مليون دولار، كان يسدد 20% أو 30 % مقدماً والباقي عند الاستلام لكن بعد القرار المستورد سيتم تسديد المليون دولار دفعة واحدة للبنك عند الاتفاق مع المورد.
الغرف التجارية تعترض على قواعد الاستيراد الجديدة في مصر
طالبت الغرفة التجارية بالإسكندرية في بيان من محافظ البنك المركزي إعادة النظر في قرار وقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية اعتبارًا من تاريخه مع استثناء فروع الشركات الأجنبية والشركات التابعة لها والسماح للبنوك بقبول مستندات التحصيل الواردة عن بضائع تم شحنها بالفعل قبل صدور هذا القرار.
وقال البيان ان القرار جاء في توقيت لا يتماشى مع جهود الدولة في هذه المرحلة بشأن وضع مصر الإقليمي والدولي ممثلًا في السياسات التجارية وخاصة المعنية بالتجارة الخارجية.
وعليه فإننا نأمل من محافظ البنك المركزي بإعادة النظر في القرار والرجوع عن تنفيذ تعليماته في أسرع وقت ممكن قبل حدوث بلبلة على الصعيد الخارجي، خاصة في ضوء التطورات الأخيرة للعلاقات الدولية المصرية، والتي جاء أهمها في طعن الاتحاد الأوروبي في الإجراءات التي تشترطها مصر بشأن تسجيل الواردات. وعلي الصعيد المحلي فسيكون له اثارا سلبية في ارباك السوق والاخلال بأليات العرض والطلب مما ينتج عنه ارتفاع في اسعار السلع بشكل لا يتوافق مع غالبية القوي الشرائية المحلية حيث تحظى الواردات بأهمية نسبية تتمثل في تلبية أولويات ومتطلبات عمليات الإنتاج من السلع الرأسمالية والوسيطة والأولية والمواد الخام ومستلزمات التعبئة، بما ينعكس إيجابيًا على القدرة التصديرية للدولة، وجذب الاستثمارات الأجنبية والتي تخلق فرص العمل مما يساهم في رفع مستوى معيشة المواطن بما يتماشى مع رؤية الجمهورية الجديدة.
تأثير قواعد الاستيراد الجديدة في مصر على الاقتصاد
وأشار البيان في هذا الصدد الي ان هيكل الواردات المصرية في الوقت الراهن هو هيكل تنموي في المقام الأول حيث ان النسبة الأعلى بهيكل الواردات هي سلع إنتاجية سواء وسيطة واستثمارية ومواد الخام والتي تتراوح نسبتها بين 70-72 %من إجمالي الواردات المصرية غير البترولية خلال الثلاث سنوات السابقة، بمتوسط 48 مليار دولار سنويًا، فضلا عن ان إجمالي الواردات من السلع الاستهلاكية غير المعمرة الضرورية كالأدوية والسلع الاستهلاكية الضرورية كاللحوم والأسماك المجمدة والألبان... إلخ تفوق نسبتها متوسط 21 %من الإجمالي العام للواردات غير البترولية، بقيمة تقارب 14 مليار دولار. وبالتالي فإن الاستمرار في القيود الإدارية والإجراءات الحمائية تؤدي بشكل عام الي الحاق أضرار جسيمة للمنتجين المصريين وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة فضلا عن أن العرض الكلي المحلي غير قادر على سد احتياجات السوق في ظل معدلات طلب محلية مرتفعة،
وأوضح البيان أن من بين سلبيات تعليمات البنك المركزي أنه لم يتم نشرها بطريقة تضمن علم كافة الجهات المتعاملة مع البنوك بهذا القرار بالشكل الذي رسمه القانون، فضل عن أن البنك المركزي له السلطة ان يصدر ما يراه من تعليمات تخص التمويل والائتمان، هذا في حال طلب المستورد تمويلا او ائتمانًا، أما في حالة قيام المستورد بالتمويل الذاتي فإن تدخل البنك في العلاقة بين المستورد والمورد فيما يخص أسلوب سداد قيمة الواردات ليس له أي مرجعية في التشريعات القائمة.
المستوردون: قواعد الاستيراد الجديدة في مصر ترفع الأسعار
قال متى بشاي رئيس لجنة التجارة بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، إن قرار البنك المركزي بوقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية والعمل بالاعتمادات المستندية فقط وذلك اعتبارا من مارس المقبل سيتسبب في ارتباك الاستيراد وارتفاع الأسعار محليا بنسبة كبيرة قد تصل الي 15 و20%.
أضاف أن القرار الجديد سيتبب في عملية إرباك كبيرة جد للمستوردين والبضائع القادمة من الخارج، خاصة أن أي بضاعة بصفة خاصة الواردة من الصين سيكون عليها مصاريف الاعتماد وتغطية الاعتماد بالكامل ، وهناك شركات كثيرة خارجية سترفض هذا، باستثناء الشركات الكبرى.
وأوضح أن الاعتمادات المستندية ستجعل من يستورد منتج بـ 5000 دولار سيضطر المصدر لطلب اعتماد مستندي، وبالتالي ستزيد من المصاريف والتكاليف وسيتم طلب اعتماد مستندي لهذا المبلغ، كما سيتم دفع عربون لشركات التحويل حتي يتم تسريع خروج البضائع، وهذا أيضا يتم باعتماد، كل هذا سيزيد من المصاريف والاعباء علي المستورد.
وأشار إلى أن الأسعار شهدت ارتفاعات كبيرة خلال الفترة الماضية، ومن المتوقع أن تشهد زيادة الأسعار مرة أخري خلال الفترة المقبلة، بسبب الزيادات العالمية في الأسعار والزيادات التي تعاني منها الشركات في الجمارك والقرارات الجديدة.
القطاع العقاري وقواعد الاستيراد الجديدة في مصر
وليس القطاع العقاري ببعيد عن القطاعات السلعية من أزمة قواعد الاستيراد الجديدة في مصر، حيث دعا المهندس داكر عبد اللاه عضو شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية وعضو لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الاعمال المصريين إلى استثناء المستلزمات الإنتاجية والخامات الخاصة بقطاع العقارات والانشاءات من قرار البنك المركزي بوقف التعامل بمستندات التحصيل والاعتماد فقط على الاعتمادات المستندية المقرر تطبيقه بداية من مارس المقبل .
وأوضح داكر عبد اللاه في تصريحات له اليوم أن العمل بالاعتمادات المستندية فقط يؤدي إلى رفع أسعار مستلزمات الإنتاج من قبل الموردين نظراً لارتفاع مصاريف وفوائد فتح الاعتماد مقارنة بطرق التحصيل الأخرى وهو ما سيؤثر بالتبعية على ارتفاع أسعار مستلزمات القطاع العقاري والانشائي من حديد وغيره وهذا سيؤدي بالتبعية إلى ارتفاع أسعار العقارات.
ولفت داكر عبد اللاه إلى أنه لابد من إجراء حوار ونقاش حول قرار البنك المركزي مع المصنعين والمستثمرين قبل إقراره بشكل نهائي خاصة أن هذا القرار لم يفرق بين استيراد الخامات ومداخلات الإنتاج وبين الاستيراد التجاري من سلع ومنتجات تامة الصنع.
وطالب داكر عبد اللاه اتحاد مقاولي التشييد والبناء بإعداد مذكرة تفصيلية بمستلزمات القطاع العقاري والانشائي والموقف العام لمقاولي التشييد والبناء من هذا القرار وارسالها الى مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي لغرفة تبعات هذا القرار على القطاع وكذلك أهمية استثناء مستلزمات القطاع التي يتم استيرادها من فتح اعتمادات مستندية.
موقف البنوك من قواعد الاستيراد الجديدة في مصر
قال يحيى أبوالفتوح نائب رئيس البنك الأهلي المصري، إن الجهاز المصرفي بدأ تنفيذ إجراءات تنظيم عمليات الاستيراد منذ صدورها من قبل البنك المركزي مطلع هذا الأسبوع.
وأكد أبوالفتوح في تصريحات له أنه يتم تقديم كافة التيسيرات والتسهيلات من قبل البنوك للمستوردين لفتح الاعتمادات المستندية، سواء الجديدة أو القائمة وأن البنك الأهلي جاهز لاستقبال العملاء القائمين والجدد لفتح الاعتمادات المستندية بغرض الاستيراد وبما لا يؤثر على أنشطتهم.
وأكد أن قرار المركزي بوقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية والعمل بالاعتمادات المستندية فقط يحقق جودة أعلى للمواطن بالبضائع الواردة لمصر.
كما قال طارق فايد، رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة، إن قواعد الاستيراد بالاعتماد على فتح الاعتمادات المستندية، هو تغيير للأفضل يهدف في المقام الأول تحسين جودة المنتجات الواردة للسوق المصري بتنسيق مشترك بين المركزي والحكومة من أجل المصلحة العامة.
وقال رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة إن أي عملية استيرادية من خلال البنوك لا بد أن تكون كافة المنتجات الواردة أعلى جودة ومتوافقة مع المعايير لضمان تقديم منتج جيد للمستهلك وللحد من المنتجات غير الجيدة وهو ما يساهم في عدم إهدار موارد النقد الأجنبي في سلع رديئة غير مطابقة للموصفات.
وأوضح فايد أن قواعد الاستيراد الجديدة تساهم في تحفيز المنتج المحلي وإحلاله بالمنتج المستورد مكان سلع رديئة وغير جيدة لا تفيد المستهلك.
وأكد أن كافة البنوك ملتزمة بشكل تام بوضع آليات سريعة تساهم في تسهيل إجراءات الاستيراد ولن يتضرر أي عميل أو يواجه تأخيرًا في تنفيذ عملية الاستيراد بعد تغيير منظومة الاستيراد من مستندات تحصيل إلى اعتماد مستندي وهو ما أكد عليه محافظ البنك المركزي طارق عامر .
وأضاف فايد أنه لا يوجد عميل واحد ستتوقف أعماله الاستيرادية بما تمتلكه البنوك من إمكانيات وانتشار جغرافي من خلال عمل كافة إدارات الفروع والمعاملات الخارجية، والأعمال والمخاطر بمنظومة واحدة في عدم وجود أي تأخيرات في تلبية أي عملية استيرادية مع الالتزام التام بتسعير الاعتمادات المستندية بنفس رسوم مستندات التحصيل دون أي أعباء إضافية على العملاء.