جامع النوري بالموصل .. صمد أمام "التتار" وانهار بيد "داعش"
في جريمة تاريخية جديدة، أقدم مسلحو تنظيم داعش على تفجير جامع النوري الأثري، ومنارة الحدباء التاريخية في الجانب الغربي من مدينة الموصل.
في جريمة تاريخية جديدة أقدم مسلحو تنظيم داعش على تفجير جامع النوري الأثري، ومنارة الحدباء التاريخية في الجانب الغربي من مدينة الموصل، وهو الجامع الذي أعلن فيه "أبو بكر البغدادي" في يوليو/ تموز 2014 م، قيام دولة الخلافة، والذي صمد لمدة تسعة قرون من الزمان أمام كل المخاطر الخارجية، حيث إنه يرجع إلى عام 1173م/ 566 هـ، ويعد ثاني أقدم الجوامع في الموصل بعد الجامع الأموي.
وكانت القوات العراقية قد أعلنت، الأربعاء، أن عناصر تنظيم داعش أقدمت على تفجير جامع النوري ومنارة الحدباء التاريخية في المدينة القديمة بغرب الموصل، في حين نقلت وكالة أعماق التابعة للتنظيم، أن التفجير تم جراء غارة أمريكية.
يرجع بناء الجامع إلى "نور الدين زنكي" الذي أوكل بناء الجامع إلى الشيخ معين الدولة "عمر بن محمد الملاء"، نظراً لضيق الجامع الأموي على المصلين، واستمر بناء الجامع ثلاث سنوات، حيث تم الانتهاء منه عام 568هـ، ثم قام ببناء مدرسة ملحقة بالجامع عرفت باسم "مدرسة الجامع النوري"، وكان له عدة أوقاف منها "العقر الحميدية" و"قيسارية الجامع النوري" و"أرض خبرات الجمس"، وللجامع منارة شهيرة مائلة تسمى "الحدباء"، وتعتبر أعلى منارة في العراق آنذاك.
صمد الجامع أمام احتلال التتار للموصل عام 656هـ/ 1258م، ولكنه عانى من الإهمال، وقد تم إعادة إعماره عام 1150 هـ على يد"حسين باشا الجليلي" بعد توليه ولاية الموصل عام 1146 هـ، كما قام" محمد بن الملا جرجيس القادري النوري" بترميم الجامع عام 1281 هـ، ولكن تدهورت أحوال الجامع مرة أخرى وصار مهجوراً حتى قام "تحسين علي" القائم على الموصل بتشكيل لجنة لصيانة الجامع عام 1363 هـ/ 1944 م، ومع مرور الزمن لم يتبقَ من الجامع سوى المنارة والمحراب وبعض الزخارف الجبسية.
منارة الحدباء
يشتهر الجامع بمنارة هي أشهر الآثار التاريخية في الموصل وتسمى" الحدباء" لانحنائها نحو الشرق، وسبب انحنائها هو الريح السائدة الغربية في الموصل، والتي أثرت على الآجر والجص للمنارة فأدت إلى ميلها إلى جهة الشرق، وتقع في الركن الشمالي الغربي من حرم الجامع، وتنقسم إلى قسمين أحدهما أسطواني وآخر منشوري، ويشتمل على سبعة أقسام زخرفية أجريه نافرة على شكل حلقات، ولها مدخلان يصل كل منهما بواسطة درج إلى الأعلى.
بذلت بعض المحاولات لتثبيت المنارة منها محاولة شركة إيطالية في عام 1981م، ولكنها تعرضت مرة أخرى للتدمير بسبب الحرب العراقية الإيرانية التي أدت إلى كسر بعض أنابيب المياه تحت الأرض، وتسببت في تسرب أدت إلى إضعاف بنية المنارة وميلها مرة أخرى، كما لجأت وزارة السياحة والآثار العراقية لحل مؤقت بمحاولة يتمثل في ضخ كميات من الأسمنت المسلح إلى قاعدة المنارة للحفاظ عليها.
يحتوي الجامع على محراب به شريط كتابي بالخط الكوفي ومزخرف بثلاثة صفوف تحتوي على رسومات نباتية، ومكتوب عليها بعض الآيات القرآنية التي تحث على الجهاد ضد الصليبيين، وقد تم نقل المحراب وزخارفه إلى متحف القصر العباسي ببغداد، ويعد المحراب الجزء الوحيد المتبقي من الجامع الأصلي.