لماذا يطلق على آل سعود لقب "إخوان نورة"؟.. أعجب به العسكريون

مع احتفال السعودية، الثلاثاء، بيوم التأسيس لأول مرة في تاريخ المملكة تستعيد ذاكرة السعوديين شخصية الأميرة نورة بنت عبدالرحمن آل سعود.
والأميرة نورة بنت عبدالرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود هي الشقيقة الكبرى للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وعمة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
وكان لها دور مؤثر في تشكيل المشهد العام خلال السنوات الأولى من قيام الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حتى إنه كان يعتز بها في حرب توحيد المملكة قائلا: "أنا أخو نورة!".
وحظيت الأميرة نورة بمكانة خاصة عند الملك عبدالعزيز لم تحظ بها أي امرأة أخرى في عصرها، وكعادة الرجل النجدي كان الملك يعتز بها حين يردد: "أنا أخو نورة".
كما كان يردد دائما في مواقف بالغة الصعوبة تحتاج إلى جسارة وحكمة وسرعة اتخاذ القرار: "أنا أخو نورة".
وقد عُرِفَتْ تلك النخوة أو العزوة للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل مؤسس المملكة العربية السعودية، ومنها تم إطلاق اسم إخوان نورة على آل سعود عامة الذين يسيرون على درب مؤسس الدولة السعودية الثالثة حتى اليوم.
وفي الجيش السعودي كانت النخوة "أخو نورة" التي ينادي بها الملك عبدالعزيز دوما محل إعجاب العديد من المحاربين في صفوف جيش التوحيد ليسمي على هذا الاسم العديد من قادة الجيش والجنود الذين أعجبوا بها.
وأضحى اسم "نورة" يحتل مركز الصدارة ومن أكثر الأسماء شيوعا في المجتمع السعودي.
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، قد أصدر أمرا ملكيا سعوديا بأن يكون يوم 22 فبراير/شباط من كل عام، يوما لذكرى تأسيس الدولة السعودية.
تاريخ يعود إلى منتصف عام 1139هـ، الموافق لشهر فبراير من عام 1727، وهو بدء عهد الإمام محمد بن سعود وتأسيسه الدولة السعودية الأولى أي قبل 3 قرون.
ويرتبط يوم التأسيس باليوم الذي تولى فيه الإمام محمد بن سعود، مؤسس الدولة السعودية الأولى وأول حكامها، مقاليد الحكم في الدرعية، منتصف عام 1139هـ (22 فبراير/ شباط 1727)، وكان عمره آنذاك 30 عاما (ولد في الدرعية عام 1697 م).
استمرت الدولة السعودية الأولى 91 عاما، وتحديدا حتى عام 1233هـ (1818م)، ولم تمضِ سوى سبع سنوات هجرية على انتهائها حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1240هـ (1824م) من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية.
وبعد انتهاء الدولة السعودية الثانية شهدت المنطقة فراغ سياسي وفوضى في وسط شبه الجزيرة العربية استمر قرابة عشر سنوات، حتى تمكن الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله - في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ- الخامس عشر من يناير 1902م من إعادة تأسيس الدولة السعودية الثالثة بعد أن استرد مدينة الرياض ليبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي، ويضع لبنة من لبنات الوحدة والاستقرار والنماء.
وبرز خلال تلك الفترة دور الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود التي ولدت في عام 1292 هـ في مدينة الرياض، واستطاعت في فترة وجيزة أن تسجل حضوراً لافتاً في التاريخ السعودي.
وعرف عن الأميرة نورة الحكمة كونها مستشارة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في شؤون الأسرة.
واضطرت الأميرة نورة لمغادرة مسقط رأسها في سن الـ16 مع والدها الإمام عبدالرحمن وأمها سارة بنت أحمد بن محمد السديري وبقية أسرتها إلى الكويت في أعقاب معركة المليداء سنة 1891، التي هزم فيها أمير حائل محمد بن رشيد أمراء القصيم الموالين للإمام عبدالرحمن.
كانت الأميرة نورة، وبعد سنوات من استقرار الأسرة في الكويت، عاملا مهما في شحذ همة أخيها عبدالعزيز في السعي نحو استعادة ملك آبائه وحثته على تكرار المحاولة لاستعادة الرياض بعد أنْ أخفق في المرة الأولى.
وقد أخذت تقوي من عزيمته وإرادته، وعندما عزم على الخروج من الكويت لاستعادة الرياض، بكت والدته بكاء حارا، غير أن نورة شجعته، فدخلت عليه قائلة: "لا تندب حظك، إنْ خابت الأولى والثانية فسوف تظفر في الثالثة.. ابحث عن أسباب فشلك، فالرجال لم يخلقوا للراحة".
وهكذا كانت هذه الكلمات سببا من أسباب نجاح الملك عبدالعزيز في فتح الرياض سنة 1902.. ذلك الحدث الكبير الذي شكل نواة قيام الدولة السعودية الحديثة.
وبعد أن استتبت الأمور للملك عبدالعزيز في نجد، اعتمد الملك المؤسس عليها كثيرا فيما يخص شؤون النساء في دولته.
ومارست الأميرة نورة بنت عبدالرحمن واجبات مهمة للغاية فكانت تستقبل الزائرات من الأجنبيات، وعهد إليها الملك عبدالعزيز باستقبال ضيفات البلاد، حيث يتوافد على المملكة الكثير من السيدات في مهمات خاصة في الحج والعمرة.
ومن نماذج بروز دورها المؤثر أن الملك عبدالعزيز كان يستشيرها في كثير من الأمور وكان يلجأ إليها ليتحدث معها كثيرا ويبحث أمورا كثيرة من شؤونه ويبوح بأسراره لها ويأتمنها على تلك الأسرار.
كما اعتمد عليها في بعض الجوانب التي تخص شؤون القبائل، خاصة ما يتعلق بالنساء اللاتي لهن صلات بأفراد من شيوخ القبائل وذوي السلطة في المجتمع.
ومارست بشخصيتها الرائدة دوراً فاعلاً في العمل الخيري والاجتماعي، فيما توفيت –رحمها الله- عن عمر يناهز 77 عاماً في عام 1950.
وفي 11 سبتمبر/أيلول 2019 م، وجه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي بترميم قصر الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود (قصر الشمسية) الواقع بالقرب من حي المربع، وذلك على نفقته الخاصة.
ويأتي دعم ولي العهد السعودي امتدادًا لحرصه الدائم على دعم التراث والمعالم التاريخية في المملكة، بما يؤكد حرصه على المباني التاريخية في المملكة، وعناية القيادة السعودية لبقاء تلك المعالم شواهد راسخة في التاريخ السعودي.
ويحتل قصر الشمسية مكانة رفيعة في وجدان السعوديين، إذ يعود تاريخ بنائه إلى عام 1354 للهجرة، بعد أن أمر الملك المؤسس – طيب الله ثراه- ببنائه للأمير سعود بن عبدالعزيز بن سعود بن فيصل الكبير، وأخته الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل آل سعود.