أمازون تطلق مركز بيانات ضخما للذكاء الاصطناعي.. يستهلك طاقة مليون منزل!

أطلقت شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة "أمازون" أول موقع يضم سلسلة من مراكز البيانات التي تخطط للتوسع بها في الولايات الأمريكية.
وقال تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إنه قبل عام، كانت قطعة أرض زراعية تبلغ مساحتها 1200 فدان خارج مدينة نيو كارلايل في ولاية إنديانا مجرد حقل ذرة. أما اليوم، فقد تحوّلت إلى موقع يضم 7 مراكز بيانات ضخمة تابعة لأمازون، ضمن مشروع عملاق يُعرف باسم مشروع رينييه، مخصص بالكامل لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتخطط أمازون لبناء نحو 30 مركزًا في هذا الموقع، لتشكّل في مجموعها حاسوبًا فائق القدرة، يحتوي على مئات الآلاف من الشرائح الحاسوبية المتخصصة المترابطة عبر كابلات ألياف ضوئية تمتد لمئات الآلاف من الأميال.
ويتطلب المشروع قدرة كهربائية ضخمة تبلغ 2.2 غيغاواط، تكفي لتزويد مليون منزل، وسيستهلك ملايين الغالونات من المياه سنويًا لتبريد الشرائح. وقد صُمم بالكامل لصالح شركة الذكاء الاصطناعي Anthropic، التي تهدف لتطوير أنظمة تضاهي الذكاء البشري. استثمرت أمازون 8 مليارات دولار في الشركة، وستوفر لها القدرة الحاسوبية اللازمة من هذه المنشأة.
وتُعد هذه المنشأة الأولى ضمن سلسلة مراكز بيانات تخطط أمازون لبنائها في ولايات أخرى مثل ميسيسيبي وكارولاينا الشمالية، في سياق سباق عالمي لتطوير مراكز عملاقة لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، بعد انطلاق طفرة هذه التقنية عقب إصدار ChatGPT في أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2022.
تاريخ من التخطيط
ومنذ 2015، بدأت أمازون تطوير شرائحها الخاصة عبر استحواذها على شركة Annapurna Labs الإسرائيلية، حيث أنتجت شريحة Inferentia، ثم طوّرت لاحقًا شريحة Trainium 2 بالتعاون مع Anthropic، خصيصًا لمراكز البيانات الجديدة. رغم أن هذه الشرائح أقل قوة من شرائح Nvidia، إلا أن أمازون تعوّض ذلك بنشر عدد كبير منها داخل كل منشأة، مما يوفر أداء جيدًا بكفاءة طاقية عالية.
ومنذ إطلاق ChatGPT، تسارعت أمازون في التحضير للمشروع، فبدأت بالبحث عن موقع مناسب، واختارت منطقة زراعية أُعيد تصنيفها كموقع صناعي قرب مدينة ساوث بيند. وبحلول أوائل يناير/ كانون الثاني 2024، كانت الشركة قد اشترت الأرض.
ولتشجيع المشروع، منح المجلس التشريعي في إنديانا أمازون إعفاءً ضريبيًا على المبيعات لمدة 50 عامًا تصل قيمته إلى 4 مليارات دولار، بالإضافة إلى إعفاءات محلية قد تضيف 4 مليارات دولار أخرى خلال 35 عامًا. وبينما تعهدت الشركة في البداية ببناء 16 مبنى باستثمار 11 مليار دولار، تُظهر التصاريح الحالية أنها تخطط لبناء قرابة ضعف هذا العدد.
تحديات المشروع
لكن المشروع يواجه تحديات بيئية، أبرزها نية أمازون البناء على منطقة رطبة بمساحة 10 أفدنة. وتؤكد الشركة أن هذه الأرض "صغيرة وضحلة"، وليست محمية طبيعية. ومع ذلك، أبلغ السكان عن جفاف آبارهم، ما دفع السلطات إلى فتح تحقيق في أنشطة "إزالة المياه الجوفية" التي تطلبت ضخ أكثر من مليوني غالون من المياه في الساعة على مدى عامين.
ويُشارك نحو 4000 عامل في أعمال البناء أسبوعيًا، ما أدى إلى ازدحام مروري ملحوظ ونقص في أماكن الإقامة، كما دفعت أمازون ملايين الدولارات لتحسين الطرق ودعم شرطة المرور المحلية.
وتعتمد أمازون على تصميم مبسط لمراكز البيانات، حيث تُستخدم شرائح أصغر حجمًا ونظام تبريد يعتمد على سحب الهواء الخارجي وتبريده بمياه البلدية. وهذه الطريقة أكثر كفاءة، إذ تُوجَّه نسبة أكبر من الطاقة لتشغيل الشرائح بدلًا من تبريدها.
وبحسب شركة الكهرباء AEP، من المتوقع أن يقفز الطلب على الكهرباء في إنديانا من 2.8 إلى أكثر من 7 غيغاواط بحلول عام 2030، نصفه تقريبًا يعود إلى منشآت أمازون وحدها. وسيأتي معظم هذا النمو من محطات الغاز الطبيعي.
ورغم الجدل، تستمر أمازون في البناء، وتُعتبر الآن أكبر مستهلك متوقّع للطاقة في الولاية. ومع تقدم الذكاء الاصطناعي، تتزايد التساؤلات حول ما إذا كان هذا التوسع الضخم مستدامًا، خاصة مع بداية ظهور مؤشرات على تباطؤ النمو في قدرات النماذج.
لكن أمازون ترى في هذا المشروع استثمارًا طويل الأمد في بنية تحتية يمكن استخدامها ليس فقط لتدريب النماذج، بل أيضًا لتشغيلها وخدمة العملاء.