حسام زكي لـ"العين الإخبارية": هذا موقف الجامعة من الأزمات العربية وعودة سوريا لم تحسم
قال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، إنه لا نية لإلغاء أو تأجيل القمة العربية المقرر عقدها بالجزائر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية" بالقاهرة، أكد السفير حسام زكي أن التحضيرات جارية بشكل ممتاز جدا ومنتظم، وأن هناك زيارة مرتقبة للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط للجزائر خلال الأيام المقبلة لبحث القمة والتحضيرات والملفات.
وأضاف أن القمم العربية تتناول كل الموضوعات والملفات الشائكة المطروحة على الساحة، وهو ما ينطبق على القمة المقبلة في الجزائر.
وتابع: "ملفاتنا الخلافية، والوضع الدولي الشائك والمعقد الذي نعيشه، والوضع الإقليمي وما يصاحبه من تحديات ومخاطر.. جميعها قضايا ستطرح وستتناولها القمة".
ولفت إلى مستجدات أخرى سيتم التطرق لها مثل الأمن الغذائي العربي الناجم عن الأوضاع العالمية، والتحديات التي تواجهها المنطقة.
قمة عادية "مهمة"
وحول ما إذا كانت القمة العربية المقبلة مختلفة عن القمم السابقة خاصة في ظل التحديات الحالية، قال إن "القمم العربية لم تكن عادية إلا منذ سنة 2000.. الوضع أصبح مناسبا لعقد قمة سنوية للقادة العرب، كفرصة للالتقاء سويا مع بعض بشكل كامل، ليبحثوا في المشاكل القائمة".
وأشار إلى أن "هذه المرة القمة العادية لم تجتمع منذ سنة 2019 نتيجة جائحة كورونا، الجائحة عطلت القمة فترة طويلة، لكننا سنجتمع، وبالتالي فرصة مناسبة جدا لكل القادة المشاركين ليبحثوا الوضع العربي بشكل عام ويتخذوا قراراتهم".
وأكد أنه لا يريد أن يعطي القمة شكلا غير عادي، قائلا: "هي قمة عادية ولكن أهميتها تأتي من أنها ستعقد بعد 3 سنوات من عدم الانعقاد لهذه المؤسسة الرئيسية في العالم العربي".
ونبه إلى أن الأجواء العربية حاليا جيدة، وهناك قدر طيب من النوايا الحسنة والإيجابية لدى الجميع، لكي تخرج القمة بأفضل النتائج وأولها دولة الاستضافة الجزائر التي تريد لها النجاح وتسعى لذلك.
واعتبر أن المبادرات التي تطرح تستهدف تحسين الأجواء بين الدول العربية التي توجد بينها مشكلات، وهي "مبادرات مرحب بها"، مثلما حدث في قمة العلا بالمملكة العربية السعودية.
ولفت إلى أن هناك بعض الأمور التي لا تزال عالقة، خاصة فيما يتعلق بوضع المغرب والجزائر، مشددا على ضرورة أن يعمل الجميع على تحسين الأجواء العربية للوصول إلى "عالم عربي دون مشكلات".
وردا على سؤال حول إذا ما كانت الجامعة العربية تسعى إلى عقد مصالحة بين الجزائر والمغرب قبل القمة، قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية: "الحقيقة لا.. الوضع بين البلدين له خصوصية كبيرة ومعروفة، ونحن ندركها، ولا يوجد تدخل في هذا الأمر مع الأشقاء في الدولتين إلا عندما يكون هناك شيء مطلوب ما، في هذه الحالة سيتم التدخل".
وأضاف: "لكن بشكل عام الوضع فيما بينهما دائما كل صعود وهبوط فيه يصبح محكوما بالعلاقة الثنائية"، معربا عن أمله أن تصبح دائما العلاقات في اتجاه نحو التحسن والإيجابية. مقعد سوريا
وفيما يخص عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، وإمكانية طرح ذلك على القمة المقبلة، قال إن هذا الملف يحتاج إلى شكل من أشكال التوافق، مؤكدا أن هذا الموضوع لن يتم إذا غاب عنه التوافق.
وكشف لـ"العين الإخبارية" أنه حتى اللحظة لا يوجد توافق بشأن ذلك، معربا عن أمله في أن يتحقق التوافق لكن "حتى هذه اللحظة لم نصل إلى هذه النقطة التي تمكننا أن نقول إنه حسم إيجابا أو سلبا، وهذا معناه استمرار الوضع الحالي".
وتابع: "نحن في انتظار أن يحدث توافق عربي ونتابع دائما الدول المعنية"، معربا عن أمله أن يصلوا إلى النقطة التي يريدون أن يصلوا إليها ويكون لمصلحة الأمة العربية جميعا.
وبشأن ما إذا كانت الجامعة العربية تقوم بدور للتوافق لعودة سوريا إلى مقعدها، قال: "لا أستطيع القول إننا نقوم بدور إيجابي في هذا الملف، لأننا ندرك مواقف الدول ما بين مؤيد ومعارض، ونستطيع بسهولة أن نحدد من مع ومن ضد".
ومضى في حديثه: "لكن لكي نصل إلى توافق، نقول إن الأمر يحتاج إلى اتصالات كثيرة وجلسات تشاور ومحادثات، لأن الأمور ليست بالسهولة التي قد يتصورها البعض في الإعلام.. الأمور فيها شكل من أشكال العمق والتعقيد الذي لا نتحدث عنه في الإعلام، هو موجود في الحقيقة".
جهود إماراتية
وفيما يخص الدور الذي تقوم به دولة الإمارات من أجل تحقيق نوع من التوافق والسلام الدولي والإقليمي بشأن العديد من الملفات، أكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية أن الجامعة تتابع جهود دولة الإمارات في مختلف المجالات.
وأضاف: "من المفيد أن يكون لأي قرار انعكاس إيجابي على جامعة الدول العربية، وبالتالي تأييد دولة الإمارات للمواقف التي تتبناها الجامعة العربية يعتبر قوة لها، وبالتالي كل ما من شأنه أن يدعم الجامعة ومواقفها يعد أمرا غاية الأهمية ونرحب به ونركز عليه بكل اهتمام".
وتابع قائلا: "بشكل عام أستطيع أن أقول إن دولة الإمارات العربية المتحدة داعمة لجامعة الدول العربية، ولا توجد مرة طلب منها شيء أو بدون طلب إلا وتكون حاضرة ومؤيدة للجامعة وهو أمر مريح، ونتمنى أن تتعامل كل الدول بهذه العقلية".
وحول ما إذا كانت هناك دول عربية لا تقدم الدعم الكافي لجامعة الدول العربية، قال السفير حسام زكي إنه دائما ما يتحدث البعض عن أن جميع الدول تقدم الدعم، وهذا يحدث سياسيا فقط، لكن هناك حاجة لدعم مالي من خلال الالتزام بسداد الميزانية، لأن هناك بعض الأشياء تؤثر في العمل.
وأوضح أن الأمين العام لجامعة الدول العربية وطاقم الأمناء المساعدين، كل يدبر أموره في كيفية تسيير سفينة العمل العربي المشترك بالمتاح من الموارد، موضحا أن الجامعة لا تريد الإثقال على الأعضاء وفي نفس الوقت نواجه الإشكالات المادية بشجاعة كبيرة جدا رغم أنها تخلق تحديات كبيرة.
لكن تحدث بلغة حاسمة: "لا توجد دول أعضاء تتعمد تعطيل عمل جامعة الدول العربية، وفي المقابل الجامعة تضع كل صوتها الأدبي وثقلها السياسي لخدمة قضايا الأمة ومصالحها وتأييدها بشكل أوتوماتيكي".
القضية الفلسطينية
وفيما يخص الملف الفلسطيني، قال السفير حسام زكي إن جامعة الدول العربية منظمة سياسية، لكن لها دور في بعض الأزمات كدعم الشعب الفلسطيني على الأرض مالياً، مضيفا: "نسعى لتفعيل الشق المالي في ظل التحديات الكبيرة التي تواجههم في ظل أن الدعم الدولي المعتاد أصبح يتناقص خاصة بعد الأزمة الأوكرانية، أصبح كل الدعم الغربي يذهب إلى كييف".
وأشار إلى أن "الأزمات التي تحدث بين فلسطين وإسرائيل ينتج عنها مردود مالي سلبي على الفلسطينيين، وهذا الدعم أقل بكثير من السابق وهو ما يشكل تحديات كبيرة".
ونوه بأن الشق السياسي الذي لا يحتاج إلى أموال يتم التعبئة العامة فيه بشكل جيد، وتسعى الجامعة العربية إلى إقناع الدول لتقديم دعم سياسي ليس بالضرورة الإعلان عنه أحيانا، ففي النهاية لا يمكن السماح بهبوط القضية الفلسطينية لمستوى أقل من الأولوية العالمية.
الأزمة اليمنية
وحول الأزمة اليمنية، قال إن دور الجامعة العربية كمنظمة إقليمية هو مساعدة المبعوث الأممي في أداء مهامه لمساعدة الشرعية وفي تثبيت أقدامها في اليمن ودعم التحالف العربي وإثناء الانقلابيين الحوثيين عن الاستمرار في مسارهم.
ولفت إلى أن المسألة اليمنية تبدو تحديا كبيرا، لكن جامعة الدول العربية في اللحظة الحالية ولأنها لم تكن طرفا أساسيا من البداية تدعم التوجه الدولي، موضحا أن هناك دورا واضحا لمجلس التعاون الخليجي ندعمه ونؤيده، فالجميع يدعم الجهد الدولي بشكل أساسي ويسعى إلى تحقيق استقرار المنطقة.
ليبيا والصومال
وإلى الملف الليبي، أعاد السفير حسام زكي التذكير بموقف الجامعة العربية قبل أكثر من 10 سنوات بعد أن اتخذت قرارا بإحالة الأزمة إلى مجلس الأمن الدولي.
وتابع: "عندما تحيل مشكلة لمجلس الأمن الدولي فإنك تعترف أولا بأنك غير قادر على تسوية وحل الأزمة، والمجلس -والجميع يعلم- لا يفرط في الملفات باعتباره المنوط بحفظ السلم والأمن على المستوى الدولي من ميثاق الأمم المتحدة".
وكشف عن أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عندما تسلم في 2016، وجُدد له في 2021 وضع نصب عينيه قصة دور الجامعة العربية: هل تستطيع أن تقوم بدور محوري؟.. والإجابة الصادمة (لا)، مؤكداً أنه لا توجد منظمة إقليمية لها دور محوري إلى جانب مجلس الأمن، ولكن لها دور هام جدا ومساعد لدور الأمم المتحدة.
وقال إن هناك تنسيقا بين الجامعة العربية ومجلس الأمن، دائم ومستمر، في كل الملفات مع المبعوثين الدوليين لأنهم يشتغلون على ملفات عربية، لذلك يجب على المبعوث أن يأتي ويتحدث ونستمع إليه ويتم النقاش معه.
السفير حسام زكي أكد أن دور الجامعة مرتبط بعدد من العوامل الدولية وليس من الضروري أن تتوافق جميع الدول العربية على كيفية التعامل مع أزمة ما، مضيفا: "ليست سبة في حق العرب وجود اختلافات، لكن المطلوب هو الاهتمام بإيجاد حلول لأزمات المنطقة".
وفيما يخص تعديل ميثاق الجامعة العربية، قال إنها فكرة مطروحة منذ حوالي عشر سنوات وشُكلت لجان لهذا الغرض وبحثت وعملت وبدأت تخرج بنتائج ولكن لم تتوصل إلى أعمال حتى الآن.
وفيما يخص الصومال وتعيين رئيس ورئيس وزراء جدد والانتخابات، وصف الوضع الجديد بأنه "خطوة إيجابية مطلوبة" حتى لو كانت أجلت بعض الشيء، مشددا على ضرورة أن يستشعر الصومال بدفء الحضن العربي وأن العرب ليسوا بعيدين عنه.
بين سد النهضة وأوكرانيا
وبالانتقال إلى ملف سد النهضة وتأييد الجامعة العربية للموقف المصري السوداني، قال السفير حسام زكي إن الموضوع محل اهتمام كبير ليس فقط من أمانة الجامعة بل من الدول الأعضاء لأنه يكرس نموذجا جديدا لكيفية فرض دول أعالي الأنهار كلمتها بالموارد المائية قبل غيرها من دول المصب.
وعلق على ذلك بقوله: "هذا النموذج خطير جدا، وحذرنا منه أكثر من مرة، ونتناول الموضوع بهدوء وبعيدا عن الإعلان والإعلام وكل الهدف من التناول دعم الموقف المصري السوداني".
ولفت إلى أن الموقف المصري السوداني له أسس سليمة وفق قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الموجودة، وهذا الموقف يستحق منا كل الدعم وهو الأمر الذي نقوم به بالفعل.
وبالانتقال إلى الأزمة الأوكرانية، أبدى اعتقاده بأن جامعة الدول العربية أخذت موقفا محترما مبنيا على الحياد الإيجابي، متابعا القول: "علاقاتنا جيدة مع الروس والأوكرانيين، وعلاقاتنا جيدة مع الغرب عموما.. الدور العربي يمكن أن يكون عاملا مساعدا في إنهاء هذه الحرب، ولكن يحتاج إلى أكثر من عنصر وأكثر من طرف حتى يتهيأ المسرح لنجاح الجهد العربي.
وردا على سؤال حول إمكانية إرسال الجامعة العربية مبعوثا في الأزمات الدولية، قال الأمين العام المساعد إن هناك إمكانية لذلك، وليس مسألة مسميات، مضيفًا: "نتحدث عن مجموعة اتصال فيها وزراء خارجية عدد من الدول وهذا أقوى بكثير من مبعوث (الجزائر، مصر، السعودية، الأردن، العراق، الإمارات، السودان) وجميعها دول كبيرة وعريقة ولها باع في الدبلوماسية.