تضع حدا للتأويلات.. «مدونة الأسرة» قيد المراجعة في المغرب
وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس المجلس العلمي الأعلى، الجمعة، لدراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، استناداً إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي ومقاصده، ورفع فتوى بشأنها.
وأشار بلاغ الديوان الملكي إلى أن الملك باعتباره رئيساً للمجلس العلمي الأعلى قرر إحالة بعض المقترحات المرتبطة بنصوص دينية التي رفعتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة إلى المجلس العلمي الأعلى، للإفتاء بشأنها من خلال فتوى جماعية تنطلق من ثوابت الدين الإسلامي الحنيف، وتستحضر فضائل الاجتهاد والاعتدال، وتنشد المصلحة الفضلى للأسرة المغربية.
وتنطلق هذه الإحالة الملكية من جوهر اختصاصات العاهل المغربي وحرصه على توسيع المسار التشاوري بخصوص مراجعة أحكام مدونة الأسرة، بما يستجيب لمطالب المواطنين.
كما تكرس هذه الإحالة احترام الديوان والملك لعمل المؤسسات الدستورية الوطنية.
ويهدف تكليف المجلس العلمي الأعلى بهذه المهمة إلى إشراك العلماء، من خلال إطارهم المؤسساتي، في التفكير الجماعي التشاركي لمراجعة مدونة الأسرة، فيما يتعلق باختصاصهم.
وتكتسب مدونة الأسرة خصوصية مقارنة بالقوانين الأخرى، لكون عدد من مقتضياتها مستمدة من المرجعية الدينية.
دور محوري للعلماء
التكليف يحيل على الدور المحوري للعلماء في تحصين الأمن الديني للمغاربة بما يكفل احترام التعاليم الدينية السمحة مع مواكبة التطورات المجتمعية.
وتعد هذه الإحالة من صميم الصلاحيات الدينية للعاهل المغربي، وهي موجهة حصريا للمؤسسة التي أوكلها الدستور صلاحية إصدار الفتوى.
وسبق للمجلس العلمي الأعلى أن اضطلع بمهام وتكليفات مماثلة، مثل فتوى خطة العدالة بالنسبة للنساء، وفتوى إغلاق المساجد مؤقتاً بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19، وفتوى استعمال القنب الهندي لأغراض طبية وعلاجية وصناعية وغيرها.
مقاصد الإحالة
وحدد بلاغ الديوان الملكي مقاصد هذه الإحالة في البحث عن التأسيس البناء للمسائل المرتبطة ببعض المقترحات ذات المرجعية الدينية، عبر سلك باب الاجتهاد لتوفير حلول مبتكرة قادرة على كفالة استقرار مؤسسة الأسرة وضمان ديمومتها كخلية أساسية للمجتمع، كما حدد ضوابط هذه الإحالة التي شدد الملك على أنه "لن يحلل حراما ولن يحرم حلالا".
ومن شأن استشارة المجلس العلمي الأعلى في المقتضيات الدينية المرتبطة بمدونة الأسرة أن تعزز المقترحات التي رفعتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة إلى العاهل المغربي.
وهي تدعم كذلك باب الاجتهاد لاستنباط مصلحة الأسرة من تعاليم الدين الإسلامي ووسطية أحكامه واعتدال منهجه.
ويضع استصدار هذه الفتوى من الجهة الرسمية المكلفة بالإفتاء المُشكلة من خيرة العلماء المغاربة حدا للتأويلات الدينية الفردية التي لا تراعي الواقع الاجتماعي ومتطلبات العصر، ولا تستحضر التفسير المقاصدي للنصوص الدينية، وتعليل الأحكام وتغيرها بتغير المكان والأزمنة والأحوال.
ووضع الديوان الملكي أطرًا لهذه الإحالة بضوابط محددة، عبر تذكير المجلس العلمي الأعلى بالسند المعتمد في الفتوى، وهو مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف ومقاصده السمحة، وكذلك بمنطوق الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة، التي شدد فيها الملك على "اعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح البناء".
وتبرز هذه الإحالة الملكية أهمية فتح باب الاجتهاد في القضايا المستجدة المرتبطة بأحوال الأسرة المغربية وفق مقاصد الشريعة، وفضائل الاعتدال والاجتهاد، عن طريق الفهم المتجدد لضوابطها ومقاصدها، بشكل يقدم حلولا راهنة لإشكالات معاصرة، تراعي الواقع والتوقع، وتبحث في أسبابه ونوازله.
aXA6IDE4LjExNy43OC4yMTUg جزيرة ام اند امز