خبراء يجيبون لـ"العين":ماذا تجني أمريكا وبريطانيا من الحظر الإلكتروني؟
خبراء أمنيون واقتصاديون أجابوا على هذا التساؤل في أحاديث منفصلة لبوابة العين الإخبارية
فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا قيودا على الأجهزة الإلكترونية التي يحملها المسافرون القادمون من مطارات بعينها في دول ذات أغلبية مسلمة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما أثار تساؤل لدى الكثيرين حول الجدوى من هذه الخطوة التي قال متخذوها إنها لدواع أمنية.
خبراء أمنيون واقتصاديون أجابوا على هذا التساؤل في أحاديث منفصلة لبوابة العين الإخبارية، حيث اعتبر جمال بيومي، رئيس اتحاد المستثمرين العرب، أن حظر حمل فئة معينة من الأجهزة الالكترونية في مقصورة الرحلات القادمة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا من عدة مطارات شرق أوسطية وإفريقية، "سيؤثر سلبا على شركات الطيران التي يشملها الحظر لصالح شركات أخرى".
وقال بيومي إن "المسافر خاصة عندما ينتمي لشريحة الشخصيات المهمة التي تستقل درجة رجال الأعمال يستطيع ببساطة تغيير شركة الطيران التي اعتاد السفر من خلالها إلى أخرى لا تخضع للحظر، خاصة أن هذه الشريحة من المسافرين أحيانا لا يكون لديهم خيار آخر إلا متابعة أعمالهم حتى وإن كانوا على متن الطائرة".
وأضاف أن "الشركات التي انضمت للحظر عليها أن تبذل جهدها لإقناع المسافرين بالبعد الأمني للقرار وأنه يطبق لفترة مؤقتة".
من جانبه، قال فخري الفقي، مستشار سابق بصندوق النقد الدولي، إن "الولايات المتحدة وبريطانيا لا تدركان حجم الخسارة التي قد تلحق بهما جراء تطبيقهما قرار الحظر الالكتروني على شركات طيران ومطارات عربية، فالمسافرون من هذه الجهات قد يغيرون استراتيجيتهم في اختيار الدول التي يسافرون إليها".
وتابع: "فبعد أن كانوا يفضلون السفر لأمريكا وبريطانيا ودول أوروبا قد يتجهون لاكتشاف وجهات سياحية أخرى حول العالم، بل وفي منطقتهم العربية، فالسائح الخليجي مثلا قد يتجه بشكل أساسي للسياحة في شرم الشيخ ومناطق مصرية والعكس صحيح، فضلا عن اكتشاف وجهات أخرى للسفر في إفريقيا وآسيا".
وأشار الفقي في حديث للعين إلى أن "شركات الطيران التي شملها الحظر معظمها ذات سمعة ممتازة".
ولفت إلى أن "الأثر النفسي الذي سيلحق بالمسافرين هو الأقوى وهو اللاعب الأبرز في خسارة الشركات المتوقعة، فالمسافر عبر هذه الشركات سيكون لديه شعور بأنه مشكوك في أمره من جانب سلطات المطارات في بريطانيا وأمريكا، وقد يكون ذلك الدافع الأكبر لتغيير الشركة والرحلة التي اعتاد استقلالها".
المعاملة بالمثل
أما عن احتمالات لحاق خسارات اقتصادية كبيرة بشركات الطيران التي تخضع لقرار الحظر، قال المستشار حسن أحمد عمر، خبير القانون الدولي، إن "القانون الدولي يعطي حق المعاملة بالمثل فورا في مثل هذه الحالات، فتستطيع الدول التي تخضع للقرار الأمريكي والبريطاني أن تصدر قرارا مشابها تُحدث به توازنا في سوق شركات الطيران، وتستطيع به استيعاب ما سيلحق بها من خسارة وإعادة التوازن والمنافسة للسوق، إلا أن الموائمة السياسية قد تقف عائقا أمامها".
وأوضح عمر في تصريحات لـ"العين" أن "الدول العربية التي خضعت لهذا الحظر عادة ما تحسب أمورها بشكل جيد، ولا تتسرع في مثل هذه القرارات، فهي ستحسب التكلفة الاقتصادية والسياسية لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، وستحرص جيدا على أن لا تخسر، وستُحدث نوعا من الموائمة، إلا أن دولة تركيا على سبيل المثال قد تندفع و تطبق مبدأ المعاملة بالمثل دون دراسة وافية لأبعاد القرار".
الجانب الأمني
من جانب آخر، اتفق خبيران أمنيان على أن إجراء أمريكا وبريطانيا، بشأن حظر الأجهزة إلكترونية داخل الطائرات القادمة من بعض دول الشرق الأوسط، سيُحد من التفجيرات الإرهابية.
محمد علي بلال خبير عسكري مصري وقائد القوات المصرية في حرب "تحرير الكويت"، قال لبوابة "العين" الإخبارية إن "هذا القرار سيحول بين التنظيمات الإرهابية، وبين مخططاتهم، في استهداف الأبرياء في التفجيرات"، واصفًا القرار بأنه "الأكثر صوابًا في مواجهة الإرهاب العالمي".
بُعد أخر ذهب إليه الخبير العسكري المصري بقوله "هذا القرار أيضًا سيمنع التنظيمات الإرهابية من التنصت على مؤسسات ومنشئات أمريكية حيوية، مثل البنتاجون، والتي يمكن لصاحب أي من هذه الأجهزة التنصت على ما يدور بداخلها".
وأضاف بلال: "هذا القرار ضد كل ما هو إرهابي.. لكن يجب أن نضع في الاعتبار أن هذا القرار لا يمكن لدول في الشرق الأوسط أن تتخذه مثلًا، لأن الغرب أكثر تطورًا في إجراءات التفتيش داخل المطارات، ففي حال اكتشاف أي من ثغرة داخل تلك الأجهزة الإلكترونية في المطار، سيتم منعها قبل أن تصحب الأمتعة في رحلتها".
وأوضح أنه "بالتأكيد منع الأجهزة الإلكترونية من الصعود مع المسافر سيعطي المسؤولين المعنيين بأمن المطار الوقت الكافي للتأكد من عدم وجود أي شيء ذات صلة بالإرهاب داخل الأجهزة".
متفقًا معه، قال اللواء زكريا حسن الخبير الاستراتيجي المصري لبوابة "العين" الإخبارية إن "القرار يخدم إجراءات الأمن في المقام الأول، خاصة أنه سيكشف عن الأجهزة التي يمكن أن يتم استخدامها في عمل إرهابي"، موضحًا أن منع تلك الأجهزة على الطائرة فقط وشحنها مع الأمتعة، يسير في سياق الأمن العالمي، وأن المعنيين بأمن المطار سيتخذون التدابير اللازمة لضمان نقل الإلكترونيات بسلام".
وأوصت الهيئة الأمريكية لإدارة الطيران المدني، الناقلين الجويين، في السابق، بفرض تدابير أمنية إضافية عند نقل بطاريات الليثيوم التي تحتوي عليها غالبية الإلكترونيات.
وأضاف الخبير المصري: ثبت في عمليات كثيرة أن تفجيرات الطائرات تتم بالوسائل الإلكترونية من خلال شفرة معينة، وهو ما يفسر مثل هذا الإجراء الذي بدأ يتخذ في عدد من الدول تباعًا.
فقدان الأجهزة
من جانبها، نشرت صحيفة التلجراف البريطانية خريطة توضح عدد المسافرين من وإلى المملكة المتحدة في المطارات الخاضعة للحظر البريطاني، وتضمنت الأعداد 1.790.200 مسافر من مطار إسطنبول أتاتورك في تركيا، و272.066 مسافرًا من مطار بيروت في لبنان، و210.240 مسافرًا من مطار الملكة علياء في الأردن، و67.126 مسافرًا من مطار تونس، و351.704 مسافرًا من مطار القاهرة الدولي، و334.979 مسافرًا من مطار الملك عبد العزيز الدولي.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الحكومة البريطانية أصدرت الحظر بعد خطوة مماثلة صادرة عن الولايات المتحدة التي كشف مسئولوها عن أن تقييمات استخباراتية أوضحت أن الإرهابيين يسعون بقوة لتطوير إجراءات مبتكرة لشن هجمات باستخدام أجهزة مثل زرع قنابل في أجهزة الحاسوب المحمولة.
ووفقا للصحيفة، ثمة اعتقاد بأن المعلومات الاستخبارية جاءت إثر غارة شنتها قوة "سيل" البحرية الأمريكية في اليمن في يناير/كانون الثاني التي استهدفت تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وذكرت تقارير آنذاك أن صانع القنابل في التنظيم إبراهيم العسيري كان يحاول بناء قنابل مدمجة تحتوي على كميات ضئيلة من المعادن يمكن تهريبها على متن الطائرات.
كما قال محللون أمنيون أمريكيون إنهم رصدوا "محادثات" متزايدة في الأسابيع الأخيرة بين مسلحين تشير إلى رغبتهم في إخفاء متفجرات في أجهزة الكمبيوتر.
والعام الماضي، هرّبت حركة "الشباب" الإرهابية الصومالية كمبيوتر محمولا مليئا بالمتفجرات على متن طائرة مغادرة من العاصمة الصومالية مقديشو، لتتسبب في حدوث ثقب في جانب الطائرة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الحظر البريطاني يمثل القيد الأمني الأبرز على السفر الجوي منذ منع الحكومة البريطانية المسافرين من حمل سوائل أكثر من 100 مل في حقائبهم المحمولة في 2006.
من جانبها، حذرت شركات تأمين من أن أجهزة الكمبيوتر محمول والحواسب اللوحية (تابلت) عادة لا تندرج ضمن الممتلكات المؤمن عليها، في حالات الضياع أو التلف أو السرقة إذا وضعت في عنبر تخزين الأمتعة في الطائرات.
aXA6IDE4LjExOS4xMjIuMTQwIA== جزيرة ام اند امز