حرب غزة «تقسم» الأمريكيين.. هل تعيد تشكيل سياسات واشنطن؟
من الجامعات، مرورًا بأماكن العمل، إلى شوارع المدن، وداخل مبنى الكابيتول والبيت الأبيض، لا حديث يعلو فوق حرب غزة، إلا أن الآراء تنقسم حولها بشكل صارخ.
انقسام جعل الهوة تتسع بين مؤيدي فلسطين ومؤيدي إسرائيل، مما عكر صفو المجتمع الأمريكي، بشكل قد يؤدي إلى إعادة تشكيل سياسات البلاد، بحسب موقع «أكسيوس» الأمريكي.
ونقل الموقع عن الأستاذ في كلية الخدمة الدولية بالجامعة الأمريكية جاي زيف، قوله إن «معظم قضايا السياسة الخارجية لا تولد هذا النوع من المشاعر القوية في الولايات المتحدة»، معتبرًا أن الاهتمام بهذه القضية دائما ما كان «غير متناسب».
وأرجع الأستاذ في كلية الخدمة الدولية بالجامعة الأمريكية جاي زيف، تلك المشاعر إلى «الروابط القوية التي تربط المجتمعات اليهودية والمسيحية في الولايات المتحدة بإسرائيل، إضافة إلى التحالف التاريخي بين البلدين»، مشيرًا إلى الوجود الإعلامي الكبير في إسرائيل والذي يفوق غيره من التقاط الساخنة حول العالم.
وأوضح أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي تحفز المناقشات الساخنة والاستفزازات، مشيرًا إلى أن هذه المنصات «تميل إلى تسليط الضوء أكثر فضلا عن وجود الكثير من المعلومات الخاطئة والمضللة هناك».
حالات اعتداء وشكاوى
وقال مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية إنه تلقى 774 شكوى بشأن حوادث معادية للإسلام في الفترة من 7 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما قالت رابطة مكافحة التشهير إنها سجلت 213 حادثة معادية للسامية بين 7 و23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقارنة بـ 64 حادثة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
ويوم الجمعة الماضي، ألغت جامعة كورنيل بعض المحاضرات بعد اعتقال طالب يبلغ من العمر 21 عامًا في الحرم الجامعي، تحت مزاعم نشره خطاب كراهية وتهديدات معادية للسامية عبر الإنترنت.
كما أطلقت جامعة كولومبيا هذا الأسبوع، فريق عمل لمواجهة معاداة السامية ومجموعة موارد لجمع معلومات عن الطلاب المؤيدين للفلسطينيين. وتعرض طلاب لإلغاء عروض العمل بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات المناهضة لحرب غزة.
من جانبها، وقعت 27 شركة محاماة رسالة إلى عمداء الجامعات هذا الأسبوع؛ لحثهم على إدانة معاداة السامية وكراهية الإسلام في الحرم الجامعي.
وقد تعرض عدد من الشخصيات البارزة لردود فعل سلبية أو حتى فقدوا وظائفهم بعد التعبير عن وجهات نظر مؤيدة للفلسطينيين؛ بينهم سميرة نصر، رئيسة تحرير مجلة هاربر بازار، التي تعرضت لانتقادات حادة بعد أن أعربت عن قلقها بشأن الفلسطينيين في غزة عندما قطعت إسرائيل إمدادات المياه، مما اضطرها لإصدار اعتذار علني فيما بعد.
تفاقم الأزمة
كما تعرض مايكل آيسن، رئيس التحرير اليهودي للمجلة العلمية «إي لايف» للفصل من منصبه، بعد أن أعاد نشر مقال قال إنه «يدعو إلى اللامبالاة بحياة المدنيين الفلسطينيين».
واضطرت مها دخيل، وكيلة الفنانين البارزة في هوليوود للاعتذار، كما استقالت من دورها القيادي في مجلة «كريتيف ارتيستس إيجنسي» بعد نشرها عن الوضع في غزة على موقع إنستغرام.
وبشكل متزايد، تعالت أصوات الديمقراطيين في الكونغرس لانتقاد الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، فما يقرب من 60 من الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ وجهوا رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يحثونه فيها على الضغط على الحكومة الإسرائيلية لبذل المزيد من الجهود للحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن واصل دعمه لإسرائيل، بحسب «أكسيوس»، الذي قال إنه دعا في الوقت نفسه إلى تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة.
واعتبر الموقع الأمريكي، أن الرأي العام سيستمر في التحول وقد تستمر الانقسامات في التزايد مع تطور الحرب في غزة.