من عالم الجريمة.. شرطي من أصحاب البشرة السمراء عمدة لنيويورك
مسيرة خارجة عن المألوف، وطموح شخصي قادا رجلا أمريكيا من أصحاب البشرة السمراء إلى منصب عمدة نيويورك، مرورا بسوابق إجرامية، ثم ضابط شرطة، مناهض للعنصرية.
هذا ما حققه المرشح الديمقراطي إيريك آدامز (61 عاما) بفوزه الكاسح على منافسه الجمهوري كورتيس سليوا (67 عاما)، بحسب ما أظهرت النتائج المؤقتة الصادرة عن هيئة الانتخابات في مدينة نيويورك الأمريكية.
ونال آدامز 67% من الأصوات مقابل 27 % لمنافسه، في هذه المدينة المصنفة يسارية، وتشهد تفاوتا اقتصاديا واجتماعيا صارخا بين فئات المجتمع الأمريكي.
وآدامز فخور أيضا بأنه أصبح نباتيا في 2016 من أجل معالجة مرض السكري لديه، وأصدر كتابا عن الطهو لإقناع الأمريكيين السود بأن يحذوا حذوه.
وقال آدامز مبتسما أمام مناصريه في أحد فنادق بروكلين: "حققت هذا المساء حلمي، ومن كل قلبي أريد رفع الحواجز التي تمنعكم من تحقيق أحلامكم".
ويشكل هذا الفوز تكريسا لمسيرة إيريك آدامز، الذي ترعرع في عائلة فقيرة في بروكلين وكوينز، حيث ارتكب جنحا، وتعرض لعمليات توقيف عنيفة من قبل الشرطة، قبل أن يصبح ضابطا فيها ويؤسس نقابة في صفوفها لمحاربة العنصرية.
وأصبح آدامز شرطيا حين كانت نيويورك مكانا خطرا في ثمانينيات القرن الماضي، وأمضى في السلك 22 عاما، وبلغ رتبة كابتن في عام 1995، ثم أسس نقابة تحارب العنصرية.
وخاض بعد ذلك غمار السياسة وانتخب عضوا في مجلس الشيوخ المحلي في ولاية نيويورك ثم رئيسا لدائرة بروكلين، ما يشكل منصة للوصول إلى البلدية.
كان آدامز اعتبر وهو يبكي متأثرا بعد الإدلاء بصوته أمس الثلاثاء في الحي الذي ولد فيه، أن هذا الاقتراع يشكل ثأرا اجتماعيا للشاب المتواضع الحال، ولكل لأبناء نيويورك من الطبقات الشعبية.
وقال انتوني وليامسون وهو عامل في الثامنة والخمسين بعد تصويته لصالح آدامز: "هذا تاريخي! هذا أمر رائع ويظهر أننا نملك جميعا فرصة تحقيق ما نصبو إليه في نيويورك والولايات المتحدة مهما كان لون بشرتنا".
في آخر أيام الحملة التي ركزت على انعدام الأمن، خاض آدامز مناظرة تلفزيونية مع منافسه الجمهوري سليوا الذي يعتمر على الدوام قبعة حمراء، وأنشأ عام 1979 نوعا من المليشيات باسم "الملائكة الحراس" كانت تسيّر دوريات طوعا للتصدي للاعتداءات في الشوارع، إلى جانب الشرطة.
ونال الشرطي السابق إيريك آدامز الاستحسان مساء الثلاثاء عندما تعهد مجددا بأن يكون حازما في مواجهة الجرائم والجنح التي ارتفعت كثيرا في 2020، قبل أن تهدأ هذه السنة. وقال: "لن نكتفي بالحديث عن الأمن بل سنوفر الأمن أيضا".
وحتى الساعات الأخيرة من الحملة الانتخابية طرح نفسه مدافعا عن الطبقات المتوسطة والشعبية، وقريبا أيضا من أوساط الأعمال في مانهاتن؛ رئة العالم المالية.
الميزانية الأضخم
وسيدير خلف بيل دي بلازيو أكبر ميزانية بلدية في الولايات المتحدة قدرها 98,7 مليار دولار للعام المالي 2021-2022، وعلى غرار أسلافه، سيشرف آدامز على أكبر قوة شرطة في البلاد قوامها 36 ألف عنصر سيتعين عليه متابعة إصلاحاتها.
وغالبا ما واجهت شرطة نيويورك في تاريخها اتهامات بغض النظر عن عناصر يمارسون العنف وعنصريين وفاسدين. وصل الأمر الى حد تقديم دعاوى قضائية عن قمع مظاهرات مناهضة للعنصرية نظمتها حركة "حياة السود مهمة" (بلاك لايفز ماتر) في 2020 بعد مقتل جورج فلويد على أيدي عنصر أبيض في مينيابوليس.
وفي مدينة دفعت ثمنا باهظا في معركة محاربة الوباء، سيتعين على آدامز أيضا إدارة إعادة فتح المدارس والمكاتب والمتاجر وعودتها إلى عملها المعتاد. وكذلك محاربة التفاوت الاجتماعي الصارخ والإسكان السيئ والبنية التحتية المتداعية ومخاطر المناخ.
هذا إلى جانب تحدي إغلاق "رايكرز آيلاند" السجن المكتظ؛ الذي يشهد أعمال عنف وسط ظروف صحية سيئة.