الزراعة الأمريكية بين مطرقة الكوارث الطبيعية وسندان الحرب التجارية
تراجعت عائدات المزارعين بنسبة 50% منذ عام 2013، في حين أن ديونهم ارتفعت بواقع الثلث لتبلغ مستويات لم يُسجّل مثلها منذ الثمانينيات.
تعاني ولاية نبراسكا الريفية في وسط الولايات المتحدة من فيضانات لم تشهد لها مثيلا قضت على حقول بكاملها مزعزعة مواسم الزرع والحصاد للمزارعين الذين يرزحون أصلا تحت وطأة الحرب التجارية الدائرة بين واشنطن وبكين.
في مدينة أوماها مسقط رأس الملياردير الشهير وارن بافيت عند الحدود الشمالية لآيوا وهي أيضا من الولايات الأمريكية المعروفة بقطاعها الزراعي، يمر طريق "دبليو 275" بحقول جرداء.
وقد غمرت الوحول والرمال بعض الحقول التي اقتلعت أشجارها وتلفت الذرة فيها. ولا يزال منسوب المياه في بعض الأنهار مثل إلكورن مرتفعا.
وترتفع لافتات كثيرة تفيد بأن هذا الطريق أو ذاك مقطوع بسبب الفيضانات التي حلت بالمنطقة.
وانهارت جسور وسدود وحواجز مائية تحت ضغط المياه الغزيرة لنهر ميزوري، ما قطع سبل النفاذ إلى بعض البلدات وعدّة خدمات ومرافق عامة.
- "ما باليد حيلة"
في مطلع مايو/أيار الجاري، عادت بعض الأبقار إلى الحظائر لكن المربّين لا يزالون يحصون الخسائر بين الماشية النافقة وتلك التي أصابها المرض بسبب المياه القذرة.
ويروي جيم دينكلدج الذي يعمل في أورتشرد على بُعد 3 ساعات بالسيّارة عن أوماها "علق جزء من الماشية بسبب الفيضانات ولم يكن في اليد حيلة لإنقاذها".
على مقربة من مزرعته، أحدثت الأمطار الغزيرة مستنقع مياه وسط حقل للذرة.
ويوضح ستيف ولمان مدير هيئة الزراعة المحلية "أعلنت حالة الطوارئ في 81 منطقة من مناطق نبراسكا البالغ مجموعها 93، بما يشمل 14 مدينة و5 محميات للسكان الأصليين. وفي المحصّلة، تأثّرت الولاية بنسبة 85% إما بسبب الفيضانات وإما بسبب العواصف الثلجية التي ضربتها في منتصف مارس/آذار ".
وتقدّر الأضرار بنحو 400 مليون دولار لمربّي المواشي و440 مليونا لمزارعي الحبوب.
وفي هذه الولاية التي هي ثالث منتج للذرة والثاني للإيثانول في الولايات المتحدة، تعدّ الزراعة أكبر القطاعات الاقتصادية وتوفّر ربع إجمالي فرص العمل.
عند روث وسيد ريدي في سكريبنر، حان وقت الحسابات، لا سيما أن موسم زرع الذرة انتهى في العاشر من مايو/أيار الجاري، في حين أن موسم الصويا لم يعد بالطويل (حتّى الأول من يوليو/تموز المقبل).
ويقول روث: "إذا لم نزرع في الربيع، فلن يكون لنا أي مردود طوال السنة"، مشيرة إلى أن نسبة المياه لا تزال عالية في التربة، ما يخفّض المساحات القابلة للزرع وقد يؤثّر على نوعية المحاصيل.
- "قنبلة موقوتة"
ولا يستبعد روث وسيد اللذان يربّيان البقر أيضا أن تتضاعف مصاريفهما هذه السنة.
فقد تضاعفت تكلفة نقل البضائع هذه السنة بسبب سوء حال الطرقات، فضلا عن مصاريف منتظمة مثل القروض العقارية وتلك المرتبطة بشراء جرّارات وضرائب من جهة ونفقات متقلّبة من جهة أخرى (الحبوب والسماد والمخصّبات والمنتجات الكيميائية).
ويقول سيد "إنها قنبلة موقوتة"، متحدثا عن أضرار أخرى لا تقدّر بثمن ألا وهي جهود زيادة خصوبة الأراضي وإنتاجيتها التي امتدّت على سنوات عدّة وذهبت أدراج الرياح.
وتضاعفت النداءات اليائسة التي يطلقها المزارعون عبر خطّ أحمر وضعته جمعية "إنترتشرتش مينيستريز نبراسكا" لتقديم دعم نفسي لهم.
وفي ظلّ هذه المشاق، تمّ الإعلان عن عدّة تدابير مساعدة، من بينها تمديد مهل التقسيط وإعادة جدولة الاستحقاقات وإتاحة إمكانية إعادة التفاوض على القروض وتخفض الفائدة على الاقتراض.
وتأتي هذه الفيضانات في وقت تراجعت فيه عائدات المزارعين بنسبة 50% منذ عام 2013، في حين أن ديونهم ارتفعت بواقع الثلث لتبلغ مستويات لم يسجّل مثلها منذ الثمانينيات.
ويتفاقم الوضع في خضم الحرب التجارية الدائرة بين واشنطن وبكين، لا سيما أن المزارعين الأمريكيين يصدّرون جزءا كبيرا من محاصيلهم إلى الصين.
ويؤكد سيد ريدي أن "منتجاتنا هي الأكثر تأثرا بهذه الحرب التجارية"، لكنّه ينوّه بجهود الرئيس دونالد ترامب الذي يسعى في نظره إلى إعادة التوازن في المبادلات.
aXA6IDE4LjExOC4zMC4xMzcg جزيرة ام اند امز